نعرف جيداً أن التنظيمات الارهابية والمتطرفين الاسلاميين لم يأتوا بدافع ديني وأهدافهم ليست دينية، ونعلم جيداً أن استغلالهم للإسلام نابع من أن استغلال الدين يساعدهم في جمع الجماهير حولهم، ولو أن الارهاب سوف يقام في بلدان تتبع الديانة المسيحية بالتأكيد سوف يكون الارهاب بطابع مسيحي، والدليل ان الارهاب الاسرائيلي يستغل الديانة اليهودية ايضا لتبرير جرائمه وحشد الجماهير حولة، ولكن الاهم أن أغلب التنظيمات الاسلامية المتطرفة هي صناعة امريكية واسرائيلية أو تسيطر على قراراتهم جميع مخابرات العالم، وما هو واضح ان جميع التنظيمات هي قائمة لأهداف اما صهيونية او امريكية او عربية او اقليمية وكلها سياسية بحتة، وهنا ومن باب الغيرة على الاسلام نقول لماذا لم يقوم علماء المسلمين بالجهد المطلوب لفصل الارهاب عن الاسلام واظهار الصورة الحقيقية للإسلام.
ظهرت في الفترة الاخيرة رسومات تسيئ للإسلام وللرسول الكريم، وتزامنت هذه الرسومات مع فوضى وقتل وعدم معرفه لدى الكثير ما هي ملابسات الاساءة والحوادث التي تتبعها، هما طريقان فقط قام المسلمون باتباعهما لمواجهة الاساءة الى الاسلام, الطريق الاول هو المظاهرات الاحتجاجية في اماكن متفرقة من العالم، والطريق الثاني هو الرد من خلال تنفيذ عمليات ارهابية ضد الغرب او ضد من له علاقة بالإساءة، وهذا يعبر عن ضعف كبير لدى علماء الأمة، فالأجدر بهم ان يقوموا بجهد كبير لشرح الاسلام وفصله عن الارهاب وهذا ما سنقدمه في هذا المقال.
بعد العملية الاخيرة على مجلة شارلي إيبدو لم تتوقف الإساءة للإسلام بل إزدادت وانتشرت على نطاق أوسع، شارلي إيبدو صحيفة فرنسية ساخرة, كانت تطبع 30 الف نسخة باللغة الفرنسية, كل اسبوع وبعد العملية نشرت 5 مليون نسخة نفذت كلها من الاسواق الساعة السابعة صباحا, وسينشر غدا وبعد غدا ملاين النسخ, والمجلة اصبحت تنشر بــ 16 لغة, وحسب استطلاع راي فرنسي فان اغلبهم يقول بانه سوف يكون من المشترين الدائمين للمجلة، وهذا دليل على فشل الارهاب في وقف الاساءة للإسلام ودليل ايضا ان الارهاب هو من يسبب الاساءة للإسلام، لذلك يجب كخطوة اولى لوقف الاساءة للإسلام هو فصل الارهاب عن الاسلام.
وتتزامن الافعال التي يقوم بها المتطرفون الاسلاميين مع تماهي وعدم وضوح في موقف العلماء الاسلامين من هذه التنظيمات، والدليل ان هذا الغموض يسبب الاساءة للإسلام؛ نستذكر ما قالته في خطابها اليوم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل "طالبت العلماء المسلمين بتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام والتشديد على الفصل بين العقيدة الإسلامية والإرهاب الذي يمارسه إسلاميون، والإجابة على التساؤل بشأن السبب وراء استخدام القتلة الدين الإسلامي لتبرير جرائمهم" وجددت المستشارة تمسكها بعبارة: ((الإسلام جزء من ألمانيا))، المشهورة التي أطلقها الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف.
هذا الخطاب اثبت ان هناك تقصير كبير من العلماء المسلمين في وضع حد بين الاسلام والارهاب، ووضع شرح وتفصيل لعلاقة الاسلام بالإرهاب، وهذا يثبت للعالم اجمع ان العلماء المسلمين فشلوا فشلاً ذريعا في توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، وهكذا تصل الفكرة للغرب وللمسلمين ان المتطرفين جزء من الاسلام، ويذبحون ويقتلون لان الاسلام قال لهم ذلك.
للأسف التقصير الكبير من قبل العلماء المسلمين أساء للإسلام، مع العلم ان الارهاب لا دين له، ولكن لم نسمع هذه الكلمة من العلماء المسلمين بل نسمعها من السياسيين، انا شخصياً لم اتعثر يوما بشرح مفصل لعلاقة الاسلام بالمتطرفين امثال داعش والقاعدة، و كذلك الكثير مثلي من بينهم المستشارة الالمانية لم يصلهم موقف الاسلام من التنظيمات الارهابية وهل هم يمثلون الاسلام وهل افعالهم يشرعها الاسلام.
ماذا يفعل العلماء المسلمون:
أولاً: توحيد موقف اسلامي واضح يفك الالتباس بين التنظيمات التي تتخذ من الاسلام ذريعة لتنفيذ اهدافها وبين الاسلام الحقيقي، وهذا الموقف يجب ان يكون باتفاق جميع المؤسسات الاسلامية في جميع الدول.
ثانياً: تجميع الآيات والاحاديث والافكار والمبادئ الاسلامية التي تظهر صورة الاسلام الحقيقية، وتظهر سماحة الدين وتثبت انه دين السلام، وترجمتها الى كافة لغات العالم للقيام بنشرها وتوزيعها بشكل واسع.
ثالثاً: استغلال الاعلام العربي والعالمي بشكل جيد لنشر صورة الاسلام والمواد التي تم اعدادها للنشر، وتصحيح صورة الاسلام لدى العرب والمسلمين اولاً ولدى الغرب ثانياً.
رابعاً: تعرية وتفنيد افعال المتطرفين من مشروعيتها، واثبات انها تخالف الشريعة الاسلامية، ولا تمت للإسلام بأي صلة.
خامساً: يجب الحصول على دعم الدول لهذه الخطة لإعادة اعمار ما خربه الارهاب، وأظن أن أي قيادة تغار على الدين الاسلامي سوف تدعم هذه الخطة لنشر صورة الاسلام الحقيقية.
سادساً: يجب توعية الشباب المسلم بهذه التنظيمات المتطرفة كي لا يتبعها الشباب وينضمون اليها، فالعلماء المسلمين يجب ان يكونوا جزء أساسي من الحرب على هذه التنظيمات من خلال تكفيرهم وتوعية الشباب وحثهم على عدم الانضمام اليهم.
سابعاً: يجب ان تتحول أبحاث ومقالات العلماء المسلمين الى مجال جديد وهو الفصل بين الارهاب والاسلام، يجب أن يحظى باهتمام واسع لدى علماء المسلمين، ويجب حث الطلاب والباحثين الاسلاميين على كتابة اطروحاتهم وابحاثهم في هذا المجال.