غريب أمر بعض السوريين ممن ينضوون في حركات وتنظيمات وأحزاب وتكتلات سياسية متعددة المشارب والإيديولوجيات وقد أصبح تعدادهم اليوم بالعشرات وهم يتجادلون ويتصارعون على شكل ومضمون اللقاءات والحوارات بينهم من جهة وبينهم وبين الحكومة من جهة ثانية بحثا عن حل لأزمة بلدهم.
معارضة أم معارضات.. حوار واحد أم حوارات.. أجندة واحدة أم أجندات.. طرف واحد أم أطراف.. الحل في دمشق أم في موسكو أم في القاهرة أم في جنيف أم في واشنطن أم في طهران أم في الدوحة أم في الرياض أم في المحيط الهادئ أم في المريخ أم في....
ما أكثر الأماكن لكنها كلها باردة وخاوية على عروشها.. ويبقى المكان الأول والأخير هنا في دمشق الذي فيه الدفء وكل عوامل الفوز لصالح البلد على الصعد كافة.
نعم.. لن ينجح حواركم إلا هنا في عاصمة الياسمين بين شعبكم الذي عليه الرهان في البداية والنهاية. ولو طال بكم المقام في الخارج عشرات بل مئات السنين ولو استمرت الأزمة عقودا زمنية طويلة لن يكون الحل إلا إذا دمشقتموه على أرضكم ويبقى الخارج الصديق عاملا مساعدا لتقريب المواقف بينكم.
فالخارج له مصالحه (الأعظم منها عدواني) ويريد الوصول إليها مهما كانت عواقب الأمور وهو يجير أزمات الآخرين في خدمة أهدافه القريبة والبعيدة ولكم ما جرى في فلسطين ولبنان والعراق وليبيا والسودان وتونس ومصر واليمن.. والحبل على الجرار، أمثلة من الماضي والحاضر.
ليس مستحيلاً الوصول إلى رؤية مشتركة واضحة حول القضايا الكبرى التي تخص الحالة السورية الراهنة، تمهيداً لعقد مؤتمر وطني جامع للسوريين للوصول إلى حل سياسي كامل. فمن يظن أن حل الأزمة السورية لم يعد سورياً- سورياً، وإنما أصبح حلا سورياً- عربياً- إقليمياً ودوليا ربما يكون صحيحا إذا ترافق مع حسن نوايا الأطراف العربية والإقليمية والدولية وخاصة الحريصة على وحدة وسيادة واستقرار سورية، والتأكيد على محاربة الإرهاب والتطرف والتكفير مع إدراكنا أن لا صديق دائماً ولا عدو أيضاً في السياسة.
حتى الآن الصورة ضبابية جداً بالنسبة إلى مواقف المعارضات السورية، ووحدتها ركن أساسي في إنجاح الحوار السوري - السوري وإلا فإن استمرار الخلافات السورية - السورية سيكون إثباتا لنظرية الفوضى الخلاقة التي بشرتنا بها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندا ليزا رايس والتي يتوجها للأسف اليوم «الربيع العربي».
و لتفويت الفرصة على انتصار هذه النظرية في البلاد على السوريين تحقيق الأقانيم التالية:
1- إبعاد الشروط المسبقة عن مائدة الحوار بين أطياف المعارضات السورية أولا ومن ثم عن مائدة الحوار بين المعارضة الموحدة والحكومة.
2- التأكيد على مواجهة الإرهاب وداعميه بكل السبل.
3- التأكيد على وحدة الجغرافية السورية ورفض أي مشروع يهدف إلى تفتيت الدولة السورية ومؤسساتها.
4- التأكيد على دعم المقاومة بكل أشكالها ضد الاحتلال الصهيوني الأميركي الغربي بكل تجلياته وأهدافه القريبة والبعيدة.
5- التأكيد على إعادة إنتاج العمل العربي المشترك والتضامن العربي وصولا إلى الوحدة العربية المنشودة.
6- التأكيد على إعادة هيكلة جامعة الدول العربية والقيام بدورها في إحياء المشروع القومي العربي، وتكريس دور العرب في عالم الغد على الصعد كافة.
نعيم إبراهيم