سفكُ الدماء ليس من وحي السماء.

بقلم: احمد الدراجي

ورد في الحديث القدسي: عن أبي عبد الله "عليه السلام"، قال: إن الله عز وجل أوحى إلى نبي من الأنبياء في مملكة جبار من الجبابرة، أن آت هذا الجبار فقل له :« إني لم أستعملك على سفك الدماء، واتخاذ الأموال، وإنما استعملك لتكف عني أصوات المظلومين، فإني لن أدع ظلامتهم، وان كانوا كفارا »،الكافي 2: 250 | 14، هذا الحديث النوراني يبرز لنا مجموعة من الحقائق تمثل قانونا وتشريعا إلهيا، يضمن حياة كريمة تسود فيها ثقاة السلام والتعايش السلمي والتآخي البشري، ويعمُّ الأمن والأمان، وتُحفَظ فيها الحقوق، وتُصان فيها المقدسات، وتُحقَن الدماء، ويتحقق العدل والمساواة، فيما لو تم التطبيق الحقيقي، فمن تلك الحقائق نذكر ما يلي:
الحقيقة الأولى: إن الحكم والرئاسة والزعامة هي أداة ووسيلة لرفع الظلم عن المظلومين، ونشر العدل والسلام، وصيانة الحقوق، وحقن الدماء، إذن فهي ليست هدف وغاية.
الحقيقة الثانية: الظلمُ، ظلمٌ ، مهما كان نوعه وحجمه ومصبُّه، فالظلمُ، ظلمٌ، سواء وقع على المسلم أو الكافر.
الحقيقة الثالثة: صوت المظلومين يُغضب الرب، وانه "جل وعلا" لا يدع ظُلامتهم وانْ كانوا كفارا.
الحقيقة الرابعة: إن عدالة السماء ينعم تحت ظلها جميع البشر ، فلا تمييز ديني، أو مذهبي، أو عرقي، أو غيره.
الحقيقة الخامسة: سفك الدماء وسرقة الأموال من الظلم الذي يُغضب الرب ويُنزل سخطه وعذابه.
الحقيقة السادسة: الدم البشري مُصان، وحرمته من اشد الحرمات التي أكدت عليه رسالة السماء، مهما كان هذا الدم ، مسلما، أو غير مسلم ، لأن الأصل في رسالة السماء هو السلم والسلام.
الحقيقة السابعة: لا يصح السكوت عن سفك الدماء، فهذا النبي قد أوحى الله "تبارك وتعالى" إليه أن يذهب إلى جبار من الجبابرة، لينهاه عن سفك الدماء ويزجره.
هذه هي رسالة السماء ، وهذا هو وحيها وهَدْيها، هذه هي ثقافتها، ورحمتها وشفقتها وعدلها، فأين الساسة؟!!!، وأين الرموز الدينية؟!!!، وأين الزعماء؟!!!، عن هذه الثقافة والوحي ، أكثر من عشرة سنوات ودماء العراقيين، تسيل ولازالت تسيل وتتدفق انهارا على ارض الرافدين!!!.
فليس من وحي السماء المتاجرة بالدماء، وليس من وحي السماء أن تُصَيَّر الدماء سلعة للمزايدات والمساومات والصفقات والصراعات، وليس من وحي السماء أن تُستخدَم الدماء وقودا لتسيير قوافل المصالح الشخصية والأجندات الخاصة للرموز السياسية والدينية الداخلية والخارجية، ليس من وحي السماء أن تُجعَل الدماء زيت نار الفرقة والطائفية والتكفير، ليس من وحي السماء أن يتحول العراق إلى بحر متلاطم من الدماء تبحر فيه سفن النفعيين الانتهازيين الذي لا يتنفسون إلا على رائحة الدم المستباح.
ليس من وحي السماء أن تُسفك الدماء، فضلا عن أن تسفك على أسس دينية، أو طائفية، أو عرقية، أو فئوية، أو غيرها، فالجميع دمائهم يجب أن تصان وتحقن.
الدين الذي تستباح فيه دماء الأبرياء فليس دين السماء، ليس من وحي السماء، الصمت والسكوت عن سفك الدماء.
أيها الساسة، أيتها الرموز ، أيها الزعماء، أيها المتاجرون بالدماء، أيها السفّاكون للدماء، أيها الساكتون...، الحدث القدسي الآنف الذكر يقول : "لن أدع ظلامتهم وان كانوا كفارا"، فالله القاهر الجبار المنتقم ولي المظلوم ، ولي الدم ، فهل من مُعتبِر؟، فهل من مُتَعَظ؟،، فهل من خائف من غضب الله وعذابه؟.
هذا وحي السماء يقول : "أوقفوا سفك الدماء".
هذا ضمير الإنسانية الحر ينادي : أوقفوا سفك الدماء.
عراق الأنبياء ومهد الحضارات يستغيث: أوقفوا سفك الدماء.
هذا صوت الشرفاء يصرخ أوقفوا سفك الدماء.
http://www.al-hasany.com/vb/showthread.php?t=409509
محتجون صرخيون يطالبون بإيقاف سفك الدماء في العراق 23/ 1/ 2015م
https://www.youtube.com/watch?v=gFd3rAcCtC0
وثائقي قصير...أوقفوا سفك الدماء.

بقلم
احمد الدراجي