عام ونصف من الانقلاب المباشر على السلطة المنتخبة في مصر بإرادة الشعب؛ كان ذلك من خلال جيش أكل وشرب كثيرا من فتات الأمريكان بحجة المساعدات حتى تحول إلى آلة حرب على شعبه وكانت المباركة الخليجية والسعودية للانقلاب والدعم المالي غير المحدود، ومرت الشهور وكان الشهداء يسقطون يوما بعد يوم والظلم يزداد وسفينة الانقلاب ماضية في بحر تلاطمت أمواجه غضبا من مسارها الخاطئ؛ فهي لم ترحم طفلا أو امرأة أو تراعي حقوقا ومقدسات .
نزفت غزة في مشهدين أولهما كان بحضور الرئيس الشرعي محمد مرسي ففتح المعبر ووصل رئيس وزرائه إلى غزة وأرسل التهديد المباشر للاحتلال فلجمه وأقر هدنة، بينما المشهد الثاني أعاد للأذهان ضحكات ليفني وأبو الغيط في العام 2008 حينما دك الاحتلال القطاع عام 2014 واستلم المعلومات المخابراتية من ذوي القربى وكان الهجوم بكل أشكاله إعلامية وسياسية وعسكرية وسفينة الانقلاب تبارك الجريمة وما زالت الرياح معها حتى جاءت بعض المتغيرات التي لم تحسم بعد إلا أن معالمها تجعلنا نعطي بعض التوقعات لها، عل أبرزها عودة قنوات إعلامية لتغطية الانقلاب بعد توقفها، إضافة إلى تأخر السيسي عن جنازة ملك السعودية ومعه زعيم الإمارات؛ وبعض التسريبات التي خرجت في الإعلام عن موقف مغاير للملك سلمان عن الملك السابق بشأن الانقلاب في مصر والموقف المباشر من السيسي، وهذا يعني أن أكبر دولة عربية تدعم الانقلاب من الممكن أن يتغير موقفها من بعض الإرهاصات الموجودة على الطاولة؛ وهذا يبدو جزءا من تغير الرياح وأنها ستكون عكس ما تشتهي سفينة السيسي وأسياده.
ولكن الأمر المهم في أن الرياح الآن عكس ما تشتهيه سفينة الانقلاب هو بيد الشارع المصري والثورة المتجددة يوما بعد يوم والتي تحدث تغييرا في الداخل المصري على وقع فشل إدارة السيسي وتبيان زيفه وعودة اليأس الاقتصادي والأمني والاجتماعي الذي وصل إلى حد كبير في مصر ما يعني أن هذه الثورة مستمرة حتى تأتي ساعة تصويب مسارها وتغرق سفينة الانقلاب.
قد يقول قائل بأن المسيرات والثورة مستمرة منذ عام ونصف ضد الانقلاب ولا جديد؛ صحيح ظاهريا ولكنها لعنة تطارد كل من يؤيد الانقلاب من الدول والأنظمة حتى أنها وصمة عار يومية في جبين المجتمع الدولي المجبر في النهاية على التعاطي مع مطالب الشعب الذي قرر منذ اليوم الأول للانقلاب أن يسقطه فورا ويعيد الشرعية، كما أن تجدد وقوة الثورة الآن بالتزامن مع تغيرات في حكم السعودية وما يجري من أحداث في اليمن وسوريا وغيرها من المناطق ستدفع إلى وضع حد لسفينة الإرهاب الانقلابية وإعادة الأمور إلى نصابها لتكون هذه الرياح التي يحدثها الشارع المصري بصبره وصموده أولا ثم بتغير الحكم في السعودية وسياسة جديدة إن صحت أنها ترفض الانقلاب فنحن أمام تسارع في النصر؛ وإن بقيت رياح الشعب وحده وبقيت سياسة دعم الانقلاب قائمة من قبل السعودية فإن النصر حتما قادم ولكنه أبطأ لعدم وجود عوامل دعم خارجية للثورة.
يبدو أن لحظة رؤيتنا للمجرمين وهم يقفزون من سفينة انقلاب باتت وشيكة جدا والكل سيؤشر بإصبعه إلى السيسي ليكون كبش هذه المرحلة؛ غير أن إرادة الشعب ستجعل الرياح تخلع تلك السفينة وتغرق المجرمين الذين يصرون على البقاء فيها، وتجبر من دعمه في البداية أن يتراجع أمام صمود الشعب والخوف على مصالحه وإفرازات الظلم والقهر.