لأول مرة , وفي عهد الخليفة العثماني الجديد السلطان رجب طيب أردوغان , قررت تركيا ان تحيي ذكرى ما يسمى "ضحايا المحرقة النازية لليهود" , وأن تقام مراسم رسمية في العاصمة التركية أنقرة بحضور رئيس البرلمان التركي , بالإضافة إلى احتفال آخر في عاصمة الخلافة الاسلامية سابقا " القسطنطينية " , التي أصبح اسمها الحديث اسطنبول. وحضر ممثلون عن الحكومة التركية المراسم التي اقيمت في الكنيس اليهودي "نيفي شالوم " بإسطنبول . فيما أفادت المصادر السياسية الى ان وزير الخارجية التركي يشارك في المراسم التي تقام في معسكر الابادة "اوشفيتس" في بولندا , وان رئيس البرلمان التركي شارك في المراسم المقامة في معسكر الابادة "ترزينشتات" بالتشيك. ومما " زاد في الطين بلة " ما جاء في بيان لرئيس الوزراء التركي انه من واجب الانسانية احياء ذكرى المحرقة النازية بصفتها احدى اكبر الجرائم في التاريخ وتعليم الاجيال الجديدة وقائعها لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم.
وقد سارعت اسرائيل للإشادة بالفعاليات والنشاطات التي اقيمت في تركيا بمناسبة اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا المحرقة النازية , " الهولوكوست " المزعومة.
والسؤال الأول المطروح , لماذا كل هذه الاحتفالات التركية , وعلى أعلى المستويات بما يدعى " المحرقة النازية لليهود " ؟! , وهل السلطان التركي الجديد الذي يطمح أن يكون خليفة المسلمين " المعتدل " , في وجه خليفة المسلمين " المتطرف " أبو بكر البغدادي , أراد الاحتفال بذكرى " الهولوكوست " , تقربا من أميركا واسرائيل وأوروبا , من أجل دخول السوق الأوروبية , أو الانضمام للاتحاد الأوربي , أم أن ذلك تكفيرا عن المشاركة التركية في سفينة الحرية " مرمرة"
التي شهدت مجزرة اسرائيلية بحق عشرات المسلمين الأتراك الذين ركبوا البحر لكسر الحصار عن قطاع غزة , وتضامنا مع الشعب الفلسطيني , الذب يتعرض لأبشع مجزرة اسرائيلية وتطهير عرقي و"نازية اسرائيلية "متواصلة وغير مسبوقة ؟!
والسؤال الثاني الأكثر مرارة , لماذا هذه الاحتفالات التركية بالمحرقة اليهودية , وفي هذا التوقيت , ودماء الفلسطينيين في قطاع غزة لم تجف بعد , بعد مجزرة اسرائيلية استمرا أكثر من خمسين يوما , أتت على البشر والشجر والحجر , , وقتلت آلاف الأطفال والنساء , ودمرت عشرات الآلاف من المنازل , وشردت مئات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين , في مجزرة لم نسمع من تركيا سوى عبارات الشجب والاستنكار , ولماذا لا يتم الاحتفال في أنقرة واسطنبول بذكرى مجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا وغزة كل عام , لتكون ذكرى للأجيال , كما يقول ذلك رئيس الوزراء التركي عن المحرقة النازية ضد اليهود في أوروبا , والتي يصفها بأكبر الجرائم في تاريخ الانسانية !!
والسؤال الثالث موجه لجماعة الاخوان المسلمين التي يحتضنها السلطان أردوغان , بعد أن فرت من مصر وسوريا وطردت من قطر, وكذلك البعض من الفلسطينيين , الذين يرون في السلطان الحديد في تركيا زعيما للمسلمين , وفي تركيا الجديدة دولة الخلافة التي يحلمون بعودتها , ولو بالعثمانية الجديدة بقيادة "الطيب" أردوغان , الذي لفرط طيبته وتسامحه , قرر إقامة الاحتفالات بذكرى " المحرقة اليهودية " , لإطهار مدى تسامح الدين الاسلامي " الجديد " مع أعداء الدين والدنيا والحياة , عشاق القتل والدم والمجازر , الذين يسعون لتدمير المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين , ليقيموا مكانه هيكلهم المزعوم , مثلما هي محرقتهم المزعومة , مثلما أكد ذلك المفكر الفرنسي المسلم " روجيه غارودي " , الذي حاربته اسرائيل وطاردته لمجرد انكاره لوجود تلك المحرقة اليهودية المزعومة على يد النازي الألماني , بينما تؤكد الوقائع أن ما جرى لليهود في أوروبا هو مجرد عمليات قتل جرت مثلما جرى لكافة الشعوب الأوروبية التي تعرضت للحروب والاحتلال النازي , وليس أدل على ذلك ما وقع لروسيا التي فقدت في تلك الحرب النازية أكثر من عشرين مليون ضحية , لا يتم الاحتفال بهم , ولا ذكرهم ضمن " الهولوكوست " النازي !!
وللأسف لم نسمع موقفا فلسطينيا أو عربيا أو اسلاميا , أو حتى صدور بيان شجب وإدانة واستنكار , على أقل تقدير , وهو أضعف الإيمان , إزاء ما أقدمت عليه تركيا بإحياء ذكرى المحرقة النازية المزعومة ضد اليهود !!