أول ما أقول إني أسأل الله تعالي حفظك من كل سوء ودوام نعمته عليك وصلاح أمرك وصلاح أمر شعبنا فى كل مكان ولأنني أحب لشعبنا كل خير وأريد للرئيس أن يكون فى المكان الذي يستحقه ويريده فيه كل أبناء فلسطين ، ولذلك اختصصتك يا سيدي الرئيس بهذه النصيحة دون غيرك وهي نصيحة الفيلسوف بيدبا للملك دبشليم ، حيث قال بيدبا : إني وجدت الأمور التي تختص بها الانسام أربعة أشياء :
أولا : الحكمة والعفة والعقل والعدل والعلم والأدب والروية وهي تدخل فى باب الحكمة .
ثانيا : الحلم والصبر والوقار وهي تدخل فى باب العقل .
ثالثا : الحياء والكرم والأنفة وهي تدخل فى باب العفة .
رابعا : الصدق والاحسان والمراقبة وحسن الخلق وهي تدخل فى باب العدل .
وهذه هي المحاسن وأضدادها هي المساوئ فمتي كملت هذه فى واحد ، لم يخرجه النقص فى نعمته إلي سوء الحظ فى دنياه ، ولا إلي نقص فى عقباه ولم يتأسف علي ما لم يعن التوفيق ببقائه ولم يحزنه ما تجري به المقادير فى ملكه ، فالحكمة كنز لا يغني علي الانفاق ، وذخيرة لا يضرب لها بالاملاق وحلة لا تخلق جدتها ولذة لا تصرم مدتها .
وإن انفع الاشياء للانسان أن يعرف قدر منزلته من عقله ، والسكوت عند الرؤساء أحسن من الهذر الذي لا يرجع منه الي نفع وأعضل ما استئصل به الانسان لسانه .
سيدي الرئيس لقد ورثت أمر أمتنا الفلسطينية من سلفك الشهيد القائد أبو عمار فأسأل نفسك قائدى هل قمت بما يجب عليك ، هل طغيت وبغيت وعتوت وعلوت علي أبناء شعبك أم أديت ما عليك فأصلحت وعدلت وتواضعت وإني لناصح لك بأن تحسس أمر رعيتك وسن لهم سنن الخير الذي يبقي ذكره بعدك ويعقبك الجميل فخره ويكون ذلك أبقي للسلامة وادوم علي الاستقامة ، واختر من البطانة الناصح الأمين لا الجاهل العقيم وحسن السيرة لا سئ السمعة والحازم اللبيب من ساس ملكه بالمداراة والرفق ، وقد قال العلماء أربعة لا ينبغي ان تكون فى الرؤساء الغضب فإنه أجدر الأشياء مقتا ، والبخل فإن صاحبه ليس بمعذور مع ذات اليد والكذب فلا أحد يجاوره والعنف فى المحاورة .
وفى النهاية لم أتكلم بهذا إبتغاء عرض تجازيني به ولا إلتماس معروف تسوقه لي ولكن أتيتك نحبا مخلصا مشفقا عليك ناصحا لك .