خطاب السيد حسن نصرالله حدد الموقف بكل وضوح

بقلم: عباس الجمعة

شكل خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المليئ بالمفاجأت ،نقطة تحول مهمة في تكريم شهداء القنيطرة الذين يستحقون اوسمة الشرف والبطولة ، واكد في البيان الثاني الذي انتظره الجميع حول العملية البطولية التي قامت بها مجموعة شهداء القنيطرة عن قدرة العمل المقاوم بالنسبة لمجاهدي حزب الله الذين لم يكلون ولم تتعبون ولم يصبهم الغرور ، تلك الهامات الشامخة التي عزمت على نصر آخر وطمعت، وتاقت قلوبهم المليئة بالإيمان والتقوى إلى ملاقاة العدو الصهيوني وسحق هيبته مرة أخرى.
لقد قلب خطاب السيد موازين القوى بعد عملية شبعا ،التي هي عملية نوعية بكل المعايير والمقاييس،فهي عملية جاءت في ظل ظروف امنية معقدة جداً،وفي ظل حالة من الإستنفار العسكري والأمني للعدو الصهيوني غير المسبوق، حيث تركت هذه العملية نوعية بإمتياز، الكثير من التداعيات على مستقبل نتنياهو وحومته الارهابيه بعد ان اعتقد بانه باغتيال مجموعة من القادة والمناضلين في القنيطرة ستزيد من رصيده الشعبي والجماهيري وتقوده مجدداً الى رئاسة جكومة الارهاب، ولكن الرد المدوي على عملية شبعا شكل كابوس لدولة الإحتلال ونتنياهو.
ان أهم ما يجب تفسيره من معادلات اليوم التي فرضها خطاب السيد حسن نصرالله إنهاء قواعد الاشْتِبٓاكِ في هذا الصراع، وهذه إشارة إلى إنهاء زمن الاشْتِبٓاكِ الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية ، معلنا أن المنطقة لن تحكمها اللعبة الصهيونية بل ستحكمها لعبة المقاومة وخيار المقاومة ورجال المقاومة، وأن مقاومة المحتل وإنهاء كلّ أشكال الاحتلال "حقّ شرعي ، أخلاقي، إنساني وقانوني" للمقاومة أينما كان وكيفما كان، وعملية مزارع شبعا اللبنانية المحتلة ردا على عدوان القنيطرة السورية المحرّرة والاستعداد نحو الذهاب إلى الحرب ليس إلا بداية سياق جديد في فرض المعادلة.
وامام هذا الخطاب نقول ان إعلان نهاية مشروع “الشرق ألاوسط الجديد” عبر ما يسمع بالربيع العربي انتهت بعد استنفذت الادارة الامريكية وحلفائها كلّ أوراقهم وكلّ إمكاناتهم، وادواتهم الارهابيه ، ونسف كل الرهانات ، ليشكل مشهدا جديدا قوامه المقاومة، و”إسرائيل” التي أرادت إخضاع المنطقة لحلّ بشروطها هي، أصبحت في واقع يُخضعها لتسليم شروط المقاومة،حيث وضعت حداً لمستقبل عنجهية نتنياهو السياسي لأن المقاومة تستطيع الرد وقتما تشاء،وان وإقامة دولة فلسطين يجب ان يتم بشروط الشعب الفلسطينية والمقاومة، والحفاظ على جغرافيا وسيادة الدول بفضل صمود المقاومة. إذا خطّ خطاب السيّد جدار العزل على الكيان الغاصب ورسم ملامح الطريق لفلسطين من الجولان السُّورِيّ الذي ينتظر قرار التحرير في الوقت المناسب.
من هنا اكد سماحة سيد المقاومة السيد حسن نصر الله انه بات حزب الله يملك ترسانة متكاملة من السلاح القادر على المواجهة, فالمقاومة بدأت بعد نصر تموز بطرح إستراتيجية دفاعية تحمي لبنان وبدأ بطمأنة الداخل بأنه لن يقدم على أي عمل يعرض اللبنانيين لأي أذى, حيث شكلت هذه الخطوة من الحزب رسالة متوازنة تؤمن له الوقت الكافي لبناء إمكانياته وإشاعة الهدوء في الداخل اللبناني، وطمأنة المجتمع الدولي .
إن عملية المقاومة في شبعا لم تكن سوى مقدمة لعمليات اكبر، فحزب الله بعد النصر الذي حققه والتي استنتهض همم الشعوب العربية والعالمية وقواها ليؤكد لهم كيف ينتصر الدم والسيف بعقيدة راسخة وإيمان ثابت وانضباط وقدرة وعقلانية ستقضي على ذاك العدو المتفاخر , واليوم أثبتت المقاومة أنها قادرة على صنع النصر .
لقد اصغى الكثير من الفلسطينيين والعرب للسيد حسن نصرالله في خطابه، كزعيم أُمة يواجه الرسائل برؤية المقاومة ، فتعبر طورا جديدا يتعدى لبنان وفلسطين بعد ولوجهما مرحلة توازن الرعب والردع مع الاحتلال وصولا الى الجبهة السورية في الجولان التي ما زال يستبيحها جيش الاحتلال وطائراته واجهزته الأمنية التي تقدم كل الدعم لقوى الارهابيه من خلال إختراقاتها في الجبهة السورية والخاصرة الشرقية للمقاومة وحزب الله في جنوب لبنان.
ولعل الرد الامثل الآن في طوره وبعده النوعي الجديد في هذه اللحظة السياسية محليا وعربيا واقليميا ودوليا، هو بالاسلوب الاستراتيجي البسيط من خلال ما قام به ابطال عملية شهداء القنيطرة ، لأن حق المقاومة المكفول باالقانون الدولي وخاصة في بقية الاراضي اللبنانيه المحتلة و الجولان العربي السوري المحتل ما سيضع الاحتلال في الظروف المتكونة بين خيار القبول بسقف المقاومة او الحرب الاقليمية متعددة الجبهات، ليغدو الجولان ساحة الفرز بين الشرفاء والعملاء وجبهة لكافة المقاومين العرب وكل الاحرار والشرفاء في العالم اجمع.
لذلك كان الموقف واضح بان أي عدوان، يفرض على المعتدى عليه أن يرد على هذا العدوان بالطريقة المناسبة والتي يفهمها المعتدي، لذلك كانت العملية التي قامت بها مجموعة شهداء القنيطرة الأبرار في المقاومة رداً على عدوان القنيطرة، وانتصاراً جديداً على عنجهية المحتل الإسرائيلي وغطرسته كونه لا يفهم سوى لغة القوة التي تمتلكها المقاومة بكل اقتدار واعتزاز.‏
اليوم بكل فخر نقول ان المقاومة التي امتلكت قوة الحق، وحق القوة في مواجهة الاحتلال، فكان البيان‏ رقم واحد التي اطلقته المقاومة له مدلولاته العسكرية والاستراتيجية التي يحسب لها ألف حساب، فهو هز أركان حكومة كيان العدو وجعلها تتخبط في تفسيراتها وتغلق مطاراتها وبعض الأماكن الحيوية في الأراضي المحتلة خوفاً من تتالي البيانات، كما أكد للقاصي والداني أن المقاومة قادرة على الرد على أي عدوان قد يقوم به العدو الإسرائيلي وفي رابعة النهار كما في عملية مجموعة شهداء القنيطرة، وبكل تأكيد هذا العمل البطولي يؤكد مصداقية هذا الحزب المقاوم الذي يقف في الخندق الأول لمواجهة العدو الصهيوني، وان ما قامت به المقاومة هو رد طبيعي على اغتيال المجاهدين وتؤكد على قدرتها على الرد الطبيعي والرد الصاع صاعين، وان دماء الشهداء في القنيطرة لن تذهب هدراً والمقاومة جاهزة للاحتلال بالمرصاد.
وأمام هذه الحالة النموذج في مقاومة الاحتلال والرد على اعتداءاته المتواصلة بكل عزيمة وإرادة ثابتة لا تلين، يجب أخذ الدروس والعبر، خاصة في ظل التكالب المؤامرات الامبيريالية والصهيونية ودعم الارهاب التكفيري في مختلف المجالات ، ولكن صمود المقاومة في المنطقةاستعاد زمام المبادرة لأفشال المخططات التأمرية التي تستهدف المنطقة والقضية الفلسطينية .
ختاما: لا بد من القول لذلك نرى أن سماحة السيد حسن نصرالله ، فرض معادلة جديدة بعد عدوان القنيطرة وعملية مزارع شبعا ، وهذا تعبيرٌ عن تحول واضح من الدفاع إلى تحرير الارض من خلال المعادلة ، التي تساوي صعوبتها مقدار بساطتها وصدقها، عنوانها التماهي بين المقاومة قيادة وجمهورا، معادلة سيسجلها التاريخ فريدة مميزة بإرادة هذا القائد وتميزه.
كاتب سياسي