إذا ليست المسألة فيما يتعلق بالمجزرة الأخيرة والبشعة ،في شمال سيناء هي قضية ثأر فحسب من الجيش أو الشرطة عندما تم استهدافهم من قبل أعداء الدين والوطن والإنسانية جمعاء .. بل أن مثل تلك العملية الجبانة تستهدف الأمن المصري برمته ..فتلك المجزرة التي أودت بحياة أكثر من ثلاثين جنديا نحتسبهم عند الله من الشهداء ، و العشرات من الجرحى لم تكن هذي أهداف إرهابية محضة.. وإلا ماذا يعني أولئك المجرمون والخونة .. أيا كانت انتماءاتهم الحزبية أو التنظيمية.. وإلا ماذا يعني أن تذيع أحد القنوات الفضائية بيانا ما بهذا الصدد .. أسمته بـ«بيان من قيادة شباب الثورة» جاء فيه عدة تهديدات لرعايا والشركات الأجنبية في مصر، من قِبل ما أطلقت عليه «حركات العقاب الثوري».و إذا كان البيان طالب ، الرعايا الأجانب المقيمين في مصر بالرحيل، موجها إليهم تهديد واضح، جاء فيه:« إعطاء فرصة لجميع الرعايا الأجانب من جميع الجنسيات العربية والأجنبية والإفريقية، وجميع موظفي الشركات العاملة بمغادرة البلاد فورًا، وتنتهي هذه المهلة بنهاية يوم 11 فبراير 2015..إذا الأمر يتعلق بتدمير الدولة المصرية بداية باستهداف خط الدفاع الأول حماة الوطن ..الأمر يتعلق بإحداث فوضى و وتدميرا للبنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية..الأمر يتعلق بإحداث فراغ أو إفراغا متعمدا للمنظومة الأمنية المصرية .. ثم هل من المعقول أن تأتي مثل تلك الانتقامات التي جاءت هي ردا وثأئرا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ..لكن إذا كان أحد أبناء العائلة متهم بالقتل والإجرام والتهديد والوعيد على حد زعم أولئك القتلة .. فما ذنب بقية أفراد العائلة ؟!! ..وما علمت ليس في الشريعة الإسلامية بل في كل الشرائع أنه في حالة قتل الابن يقتل الأب أو الأم أو الأولاد جُلهم أو النقيض من ذلك ..وإذا كان تصور هؤلاء السفاحين والمتعطشي لدماء الأبرياء ، هو قصاصا وتطبيقا للعدالة ، فمن أعطاهم الحق في تنفيذه أو تطبيقه بأيديهم ثم من هم.. ومن يقف وراءهم ..وماذا يريدون من أرض مصر سوى ما أسردت في مقالي هذا ..هم يعلمون علم اليقين.. أن زعزعة أمن واستقرار الدولة المصرية معناه عدم الاستقرار في المنطقة بكاملها.. إذا هي دعوة صريحة لتطبيق شريعة الغاب بقصد إثارة الفتن وانتشار الفوضى فلا يعرف الذي قتل من قتل ولما قتل .. ولا يعرف المقتول لما قُتل ..وأي ذنب قد اقترفه ..تحت كل الظروف والمؤثرات برأيي الشخصي والموضوعي أدين وبشدة جريمة القتل ..فتل الأبرياء سواء أكانوا من المدنيين أو العسكر ..قد يفلت أولئك القتلة في الدنيا من العقاب القانوني..أو الملاحقة القانونية.. ولكن الله لهم بالمرصاد في الدنيا والآخرة وهو القائل سبحانه :" مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا "..إذا أين هم منفذي مثل تلك العمليات الإرهابية من قول الله سبحانه فلم يقل الله من قتل مسلما أو نصرانيا أو غيره بل قال الله وقوله الحق من قتل نفسا أي نفس .. ثم وأين هم من قول الحق سبحانه :" وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً " [ النساء : 93 والى الذين كانوا يكبرون ويهللون بقولهم : الله أكبر ..أكبر عند حدوث المجزرة الأخيرة أولئك الذين فضحتهم الكاميرات أقول لهم ولغيرهم في أصقاع الأرض ..مستندا إلى قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله ( يعني سره ذلك وفرح به ) لن يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً "..إن من الحلول التي برأيي يمكن أن تؤدي إلى الاستقرار أو التقليل من مثل تلك الهجمات الإرهابية، وإرساء الأمن هو عدم تجريف أو مسح سيناء كل سيناء وكأنها ليست قطعة عزيزة من أرض مصر بل كيانا عدائيا ..متمردا أو منبوذا سواء من قبل السلطات أو عامة الشعب .. فسيناء على الخارطة السياسية مهمشة فلا عمران ولا نهضة ولا مشاريع تنموية وهناك تجاهلا متعمدا .. أقصد أن الفراغ النفسي أو الفكري يدمر الإنسان.. فما بالنا بالفراغ المكاني أو الديموغرافي بالتأكيد يكون محل استهداف وهدفا سهلا واضحا لأعداء الدولة.. وحينها حتى أصحاب النفوس المريضة والذين يبررون الإرهاب وانتماءاتهم لمثل تلك التنظيمات بدافع الفقر أو البطالة أو غيرها ..حتما ستتغير نظرتهم عند انتقالهم من ظلام الجهل والسفاهة إلى النورانية والبناء ..أعرف أن المدينة الفاضلة لأفلاطون هي مجرد دراما فلسفية يصعب تطبيقها على أرض الواقع وأعرف إن كان القتل لا يبرر بأي دافع من الدوافع، وتحت أي سبب من الأسباب لكن عسى أن تموت الحرة جوعا ولا تأكل بثدييها ..!!
لكني هنا استطرد بقولي إلى منحى آخر وهو قبل أن أختم مقالي هذا أود أن أشير بأني أعتب وألوم على الإعلام المصري وبعض الساسة الكبار والمحللين ،والذين ما أن تحدث كارثة من الكوارث سواء بشمال سيناء آو بمدن مصر ، وإلا ويسارعون ليشيروا بأصابع الاتهام ولأول وهلة صوب قطاع غزة ،وأهل غزة..وذلك قبل معرفة ملابسات مثل تلك الجرائم التي يرفضها جميع الشرفاء من البشر ..ثم هل من مصلحة أي تنظيم فلسطيني من التنظيمات سواء في غزة أو غيرها أن يتبنى مثل تلك العمليات التدميرية ليُخرّب العلاقة الوطيدة ،ذات الجذور العميقة بين البلدين ..أما يكفي حصار غزة المحكم ومآسي غزة التي لم تستفيق بعد من آثار الحرب العدوانية الاسرائلية الأخيرة حتى تزداد الطينة بله ..وهل وصل الحد من الغباء آن يخرب الإنسان بيته بيده أو يلف حبلا حول عنقه رغبة في النجاة ..؟!! ،إذا كانت هناك دلائل تبرهن على أن الذين يقومون بمثل تلك الأعمال هم ينتمون إلى جهة ما.. فلما لا تكون هناك مصداقية وشفافية وتريث في إيضاح مثل تلك الحقائق أمام العالم ..أعتقد تلك هي قمة الموضوعية وقمة الارتقاء أما أن تشوب العلاقة بين البلدين أو التحريض المتعمد دون دلائل فهذا ما لا يقبله عاقلا أو حكيما ..نسأل الله سبحانه أن يجنب أهلنا الفتن ما ظهر منها وما بطن في مصر ،وفي جميع بلاد المسلمين..!!