دعاية تقدمها مجموعة من الفتيات من جنسيات مختلفة تحث المشاهدين على تشجيع منتخب قطر، في المباراة النهائية لبطولة العالم في كرة اليد التي تجمعه مع نظيره الفرنسي على ملعب "لوسيل" في العاصمة القطرية "الدوحة"، لا شك أن وصول منتخب عربي إلى المباراة النهائية في بطولة دولية لطالما تمناه العرب من محيطهم إلى خليجهم، خاصة وأن العرب إعتادوا على إخفاقاتهم الرياضية أسوة بإخفاقاتهم السياسية، بإستثناء الأداء الجيد للمنتخب الجزائري في بطولة كاس العالم لكرة القدم التي أقيمت مؤخراً في البرازيل.
المثير في منتخب قطر لكرة اليد أنه كان ضمن منتخبات المؤخرة في التصنيف الدولي قبل هذه البطولة، فكيف استطاع هذا المنتخب أن يطيح بمنتخبات هي بمثابة قلاع في لعبة كرة اليد وأن يصل إلى المباراة النهائية؟، لعل ذلك ما دفعني للحرص على مشاهدة المباراة، فالنجاح الذي حققته قطر في هذا المجال الرياضي في اقل من ثلاث سنوات يفرض علينا الاطلاع على تجربتهم، وعلى تفاصيل السياسة التي أوصلتهم إلى هذه المكانة بسرعة الصاروخ، لا أنكر أنني استحضرت لحظتها "رغم الفارق" تجربة رئيس وزراء ماليزيا السابق "مهاتير محمد" الذي حول بلاده من دوله فقيرة إلى دولة غنية ومتطورة في مناحي الحياة المختلفة في عقدين من الزمان، واليوم الدول التي تتطلع لتطوير حالها تحاول أن تتعلم من تلك التجربة التي فرضت احترامها على الجميع.
هالني وأنا أتابع مجريات المباراة أن اسماء اللاعبين القطريين لا تنطق بلغة الضاد، بإستثناء قلة منهم توحي اسماؤهم بعروبتهم أكثر من قطريتهم، كان ذلك كفيلاً بفك شفرة تجربة النجاح القطرية بفصولها المختلفة، التي بدأت بجلب المدرب الأسباني، الذي يعتبر الأفضل عالمياً في هذا المجال الرياضي، من بلاده التي ما زالت الحضارة العربية فيها شاهدة على ملك أضعناه، توكل إليه مهمة تشكيل منتخب يمثل قطر في بطولة العالم المقامة على أرضها، وأن بإمكانه الاستعانة بلاعبين مخضرمين من أصقاع الأرض بمقدورهم أن يحققوا لهذه الدولة الصغيرة إنجازاً رياضياً غير مسبوق، وأن الدولة ستتكفل بمنحهم جنسيتها، وهو ما نجح في فعله بجلب لاعبين من 11 جنسية من دول العالم.
صحيفة ليموند الفرنسية كتبت تقول: إن المنخب الفرنسي لن يواجه المنتخب القطري في المباراة النهائية، وإنما فيلقاً من المرتزقة يرتدون قميصاً باللونين الأبيض والعنابي ومرسوم عليه عبارة قطر، ومضت الصحيفة تقول إن "هزيمة أعضاء كتيبة المرتزقة الإسبانية-التونسية-الفرنسية-المصرية-السورية-المونتنغرية-البوسنية-الكوبية_ القطرية التي يقودها المدرب الإسباني الشهير فاليرو ريفيرا، والتي باعت أرواحها، بات الآن مطلب الجميع، وبغض النظر عما ذهبت إليه الصحيفة الفرنسية والجدل الدولي حول التجربة والنقد اللاذع لإتحادات كرة اليد في العديد من دول العالم، يبقى الأهم من ذلك كله أن التجربة القطرية وضعت مفهوم المنتخب الوطني محل تساؤل، وهو الشعور الذي انتابني وأنا اشاهد المباراة، فلم أكترث كثيراً إن تفوق الفريق أم فشل في إقتناص كأس العالم، على خلاف تدفق المشاعر خلف المنتخب الجزائري وهو يخوض بقوة مبارياته في كاس العالم لكرة القددم التي أقيمت مؤخراً في البرازيل.