هل المطلوب حرب تحريكيه...؟

بقلم: هاني العقاد

انتهت حرب صيف 2014 بخسائر مادية وبشرية كبيرة لدي الفلسطينيين قصدت وخططت اسرائيل ايقاعها لخلق ازمة كبيرة في قطاع غزة لا تحل الا بعد عشرون عاما , نعم تكبد الاحتلال خسائر لم تتكبدها اسرائيل من قبل لكنها بالمقارنة لا شيء , لم تتوقف الحرب بعد 51 يوم من القتال بسبب انتهاء ذخائر الطرفين او تحقيق اسرائيل اهدافها من الحرب , بل توقف على اساس تفاهمات وقف اطلاق نار بوساطة مصرية جاءت نتيجة لتفاوض غير مباشر تهيئ إلى اتفاق تهدئة طويلة الامد يستطيع الفلسطينيين من خلال ان يعيدوا بناء ما دمره الاحتلال و يستطيعوا رفع الحصار المفروض على القطاع منذ اكثر من سبع سنوات بهدف تلبية احتياجات المواطن الفلسطيني من حاجات اقتصادية وعمرانية ,الا أن وقف اطلاق النار وتفاهماته تتهدد بالانهيار بسبب تجاهل التوصل لاتفاق تهدئة حقيقي بين الطرفين وبسبب اختراق تفاهمات وقف اطلاق النار بقصد مخطط في البر والبحر, لعله بات واضحا أنه لم يعد بمقدور مصر في الوقت الحالى استكمال دورها في مساعدة الطرفين للتوصل لاتفاق حقيقي يثبت وقف اطلاق النار ويمكن الفلسطينيين من انشاء ميناء واعادة اعمار المطار الذي دمرته اسرائيل ابان الانتفاضة الاخيرة وبالتالي يتمكنوا من العيش كباقي شعوب الارض يتصلوا ويتواصلوا مع الامم ,يصدروا بضائعهم و يستوردوا احتياجاتهم دون اذن من اسرائيل , نعم قد تكون مصر انشغلت عن مواصلة تنسيق لقاءات الطرفين بسبب ازماتها الداخلية وحالة الاحتقان بينها وبين حركة حماس لكنها لاعب اساس وهام للتوصل لاتفاق طويل , وما بات واضحا انه لن يكون بإمكان الفصائل التوصل لاتفاق لتثبيت وقف اطلاق النار مفردين ودون وسيط وهذا يعني بقاء الحال على ما هو عليه قبل الحرب بسبب غياب تدخل طرف محايد الى جانب مصر مثل الاردن والامم المتحدة .

اسرائيل تدعي أن هناك اتفاق ثلاثي بينها وبين الفلسطينيين والأونروا يسهل عملية ادخال مواد البناء الى غزة لغرض اعادة اعمار البيوت التي دمرها الاحتلال الاسرائيلي لكن لم يتم حتى الان ايجاد الالية العملية التي يستطيع من خلالها المواطن الفلسطيني ان يلبي حاجته من مواد البناء بعيدا عن مراقبة وتدخل اسرائيل غير المباشر وبالتالي فإن عجلة اعادة الاعمار شبه متوقفة و هذا ما يضاعف معاناه الناس شهرا بعد اخر دون أي امل في تحقيق انفراجه في مسالة رفع الحصار عن غزة والسماح بإدخال مواد البناء بالطريقة الطبيعية وبعيدا عن تلك التعقيدات التي فرضها اتفاق سيري الاخير , ليس اعادة اعمار قطاع غزة هو المشكلة بل أن الحصار الإسرائيلي الذي تحاول اسرائيل إعادة ادارته بعد الحرب تسبب في خلق ازمات اقتصادية كبيرة جدا وخطيرة للغاية قد تنذر بانفجار قريب بهدف التحلل من كل التفاهمات والاتفاقات المهينة التي مكنت اسرائيل من اعادة ادارة الحصار والتضيق اكثر على الانسان الفلسطيني , لقد اصبح الطلب الملح أن ترفع اسرائيل يدها عن غزة وتنهي حصارها العنصري وتسمح بدخول كافة البضائع الممنوعة بأوامر عسكرية اسرائيلية .

بيني غينتس رئيس هيئة الاركان الاسرائيلية الذي قاد الحرب على غزة واعطي الاوامر لطائرات و دبابات الموت لتقصف وتقتل و تدمر بيوت المدنيين والذي يستعد لمغادرة منصبه خلال ايام دعا اسرائيل الى الاسراع بصورة اكبر في إعمار قطاع غزة، قائلا "كلما تأخر الإعمار اقتربت أجواء الحرب على إسرائيل" وهذا حقيقي لان الجميع الان يفكر في حل لازمات غزة والتي لا يمكن بأي شكل من الاشكال أن تستمر ولا يمكن الاستمرار في العيش في غزة ضمن تلك المعطيات التي تفرضها اسرائيل الى الابد دون حلول واعتقد أن احدي الحلول المنطقية هي تفعيل ملف مفاوضات تثبيت وقف اطلاق النار وايجاد معابر امنة لإدخال البضائع ومواد البناء ورفع السيطرة الاسرائيلية عليها وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ادارة هذه المعابر الى حين تشغيل المطار والميناء كمعابر حرة تديرها السلطة الفلسطينية لهذا الغرض , والحل الغير منطقي الاخر والذي قد يضطر الفلسطينيين اليه في غياب الحلول المنطقية الأخرى هو الرد على كل حالة اختراق لإطلاق النار تحدث من قبل اسرائيل, الرد بالصواريخ ليس علي البلدات الاسرائيلية بل على الموانئ والمطارات الاسرائيلية والمعروف أن هذه الردود تقود الى حرب ما بطريقة او بأخري تتحول الى حرب تحريكيه تنتهي بإعادة تفعيل ملف التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار على اساس ايجاد اليات مراقبة محترمة من قبل دول العالم والامم المتحدة بعيدا عن اسرائيل و تدخلاتها لإدخال المواد الاساسية التي يحتاجها اهل قطاع غزة لإعادة الاعمار والايفاء باحتياجات النمو الطبيعي من البناء السكنى و بناء المصانع والمؤسسات التي يحتاجها الناس هنا في غزة , الحل الاخر الذي لا تقبله اسرائيل حتى الان والمطلوب أن يدفع باتجاهه كل دول العالم وتكتلاتها السياسية هو الضغط على اسرائيل لتقبل احداث انفراجه سياسية امام السلطة الفلسطينية والقبول بحل الدولتين والسماح بإقامة الدولة الفلسطينية علي اساس القرارات الشرعية ومبادرة السلام العربية وبالتالي حل ازمات الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس لدولة فلسطينية مستقلة تتوفر لها كل الامكانيات والدعم الدولي المطلوب.