على غرار رياضة كرة القدم هنالك دوري للاعبين السياسيين في منطقة الشرق الأوسط تتصارع فيه الأندية المسجلة على بطولة هذا الدوري المعقد، وبالمقارنة مع الدوريات العالمية الغربية والشرقية الهوى والإنتماء فإن دوري الشرق الأوسط مصنف من قبل الإتحاد الدولي في الدرجة الثانية أي بعد الدرجتين الممتازة والآولى، ويتبع للإتحاد الدولي العالمي لكرة القدم والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وتتحكم فيه بسطوة القوة وبالتالي سطوة المال. وتدار مباريات دوري الشرق الأوسط من قبل حكام من الإتحاد الدولي العالمي، لا ينتمون للمنطقة ويحكمون المباريات بقانون وميزان خاضع لمصلحة إتحاداتهم الرياضية. ويقررون العقوبات والغرامات بمكاييل مختلفة ويحتسبون ضربات الجزاء في إطار منظور الإحتواء وإحكام السيطرة على الفرائس والغنائم.
وتحتدم معركة التنافس على إحراز كأس البطولة في هذا الدوري بين ثلاثة أندية تتصارع على الصدارة مبتعدة عن باقي الأندية بفارق كبير من النقاط وهي:
• النادي الفارسي الذي يتصدر الدوري.
• النادي العثماني الذي يطارد المتصدر ويحتل المركز الثاني بفارق الأهداف عن متبويء المركز الثالث.
• النادي الصهيوني الذي يتساوى بعدد النقاط مع النادي العثماني ويتخلف عنه بفارق الأهداف.
• النادي العربي الذي يتذيل الترتيب والمهدد بالسقوط الى دوري الدرجة الثالثة.
وما زال الدوري مشتعلاً ومحتدماً بين فرق الصدارة، وبارداً ومملاً ويائساً ومفتقداً الى الجماهير في صراع البقاء في ذيل الدوري مع إستسلام النادي العربي، وإقتناعه بعدم القدرة على المنافسة نظراً لما يعانيه من مشاكل إدارية وفكرية وعقلية وتعليمية وتربوية ورياضية، وتشتت لاعبي الفريق بخلافات بينية داخل أسوار النادي، واستقدام مدربين من الأندية العالمية الذين لا يفقهون شيئاً عن الرياضة والعقلية العربيتين، ويستنزفون أموال النادي بعقود خيالية صورية، واختراق هذا النادي من قبل الأندية الدولية والإقليمية الأخرى، حيث أن كل ناد من أندية الصدارة في الإقليم جند فريقاً تابعاً له ومنقاداً لأوامره من منتسبي النادي العربي ليعمل لصالحه من داخل أروقة النادي، وتخلي لاعبوه المحترفون الواعون العرب عن ناديهم الذي نشأوا وترعرعوا فيه، إما قسراً من إدارة النادي أو طواعية منهم في هروب الى الأمام من المسئولية الوطنية. والتحقوا للعب في منتخبات أندية الصدارة باحثين عن الشهرة والمال، وهاربين من المسئولية الوطنية، في خيانة بائنة لمسقط الرأس والوطن، وهو ما يمثل ارتداداً على الوطنية والإنتماء، والتخلي عن الأصل لقاء حفنة حقيرة من الشهرة والمال وبحثاً عن شفاء غليل الصدور في مستنقع الثأر والثأر المضاد رافعين الدين شعاراً لهم في ضحك على الذقون وتشويه لصورة الدين وهذا ما يسعى اليه الإتحاد الدولي وزبانيته من الأندية الإقليمية لتحقيق مصالحهم القومية الخاصة.
وعلى الرغم من فقد النادي الصهيوني مؤقتاً للصدارة بسبب صلفه وغروره وجرائمه وعنصريته المقيتة، في ظل هذه الحكومة العنصرية، في لعبة ومسرحية سياسية يديرها الإتحاد الدولي تبعاً لمصالحه، وهو ما يمثل فرصة ذهبية سانحة للنادي العربي بأن يستعيد شيئاً من ماء الوجه الغائر في تجاعيد وحفر وجهه الإكتئابية السوداء، وأن يسترد بعضاً ضئيلاً من الكرامة الوطنية المسلوبة، إلا أنه نقل المعركة التنافسية مع الآخرين الى داخل أسوار النادي في معركة إقتتال ذاتي، في هدم للطاقات والمقدرات في صراعات ومناكفات وإقتتال بيني وبين ما تبقى من لاعبين لا يجيدون الإحتراف ولا يلمون بقوانين اللعب النظيف، مما يهيؤ الفرصة للنادي الصهيوني الخصم بإمكانية إستعادة الصدارة التي فقدها برعونته، وعدم احترام الخصوم معتمداً على قوته الهجومية الإجرامية الضاربة ومتناسياً خطي الوسط والدفاع، ومعتمداً على تحيز الحكام الصارخ له في فضائح تحكيمية لم تعد خافية على المتفرجين من الجماهير اليائسة من تحقيق أي نصر. ومنتهزاً فرصة الغباء الإداري للأزمات السياسية والفكرية والرياضية للنادي العربي.
ومما يزيد الطين بلة على النادي العربي أن أندية القمة الثلاثة (الفارسي، العثماني، الصهيوني) تنسق فيما بينها من جهة، وفيما بينها وبين النادي الدولي من جهة أخرى، وتتظاهر بالعداء وتستتر بالتحالف في مسرحيات هزلية مكشوفة للقلة من الواعين من الجمهور العربي وخافية على السواد الأعظم من السذج والعامة. وتتلاعب بعواطف النادي العربي المعروف عنه بطيبته الساذجة، وتتناوب الصدارة حسب رغبة الإتحاد الدولي للكرة، وبما يتناسب مع مصالحه في بقاء النادي العربي متخلفاً ومتذيلاً للقائمة وساحة للصراعات الدولية والإقليمية، ليظل بخيراته ومقدراته مرتهناً للاعبين المحترفين ونهباً للجميع. وغارقاً في أمراضه النفسية والعضوية المنوعة وفي غيبوبته عن الوعي.
الى متى سيستمر هذا التوهان وهذه الغيبوبة عن الوعي!؟
رحم الله الشهيد معاذ الكساسبة وألهم ذويه الصبر والسلوان، فقد أدخل الحزن العميق الى كل بيت عربي ومسلم، حزناً على الإنسانية المفقودة من الإنسان، وحزناً على نفس بريئة طاهرة أزهقت دون وجه حق شرعي، وحزناً على ما يتعرض له دين الرحمة والسلام من التشويه والتحريف عن مقاصده ومبادئه السامية.