حماقة هي جريمة إعدام سريعة وردة فعل هوجاء من قبل النظام الأردني بحق الريشاوي ومن معها من الأسرى؛ وهذه الجريمة لا تقل بشاعة عن إعدام الكساسبة ولو اختلفت الطريقة، هذا يقودنا إلى تعزيز مفهومنا عن التطرف الأعمى والاستبداد والعنجهية التي تمارسها الأنظمة ليبقى البحث قائما عن منهاج وفكر سليم يعدم بتأييد الشعوب نظما وتنظيمات جلبت الويلات سواء بفسادها واستبدادها واستخدامها القوة بحجة أنها جيوش منظمة أو بتنظيمات تشرع وتقتل بطرق مختلفة، وكلا الجانبين خطيران على المجتمع ويتطلب التخلص منهما الذهاب إلى العقل والفكر وإعدام تلك الصور من الذاكرة العربية والإسلامية.
دلائل صغر عقلية النظام الأردني وفشله في التعامل مع الأحداث كسره للقوانين والأحكام القضائية وإعدام أسرى لديه بهذه الصورة بحجة ردة الفعل وكأنها "عطوة وفراش وعشائر ومهزلة"، وهذا يزيدنا خوفا على الشعوب العربية من هذه التصرفات التي لا ترتكز إلى قوانين أو معاملات تنظم العلاقة بين الشعوب والدولة، طبعا هذا المرض منذ زمن بعيد في الساحة العربية ولأنه أحادي القطبية الداخلية أي لا توجد ردة فعل له لم نشعر بالظلم القائم بحق الشعوب؛ وعندما جاءت ردة فعل بنفس الهمجية القائمة بدأنا نلحظ كم من الخطر يشكل الطرفان.
ما زالت العقلية الأمنية العربية تتعامل مع الشعوب على أنها حقل تجارب؛ فمعاذ الكساسبة أمره نظامه الاستبدادي أن يقصف خارج حدوده بحجة محاربة الإرهاب وأقحم كل الأردنيين في ملف هم أغنى أن يدخلوا فيه، والفشل الكبير في ذلك جلبته المصالح الدولية التي جعلت من الأردن موظفا يسوق أبناءه للموت.
كما أن ردة الفعل على جريمة الأنظمة العربية التاريخية بحق الشعوب كانت خطيرة بنفس المستوى الذي مرت عليه عقود من الظلم ليكون حال المواطن العربي خائفا من نظام يرفض التعبير عن الرأي من جهة ومن تطرف يرفض تلك الصيغة، لنبحث جميعا عن وسطية طالب بها الإسلام الشعوب بمنهج القرآن والسنة وأن يكون الجميع إخوانا يعبرون بفكر سليم بعيدا عن إرهاب أنظمة استبداد كما السيسي ونماذجه الكثيرة في بلاد الشام والخليج وغيرها من الذين صنعوا لعبة الإرهاب وبدوا كأنهم حمامات سلام، وما الكساسبة والريشاوي وغيرهما آلاف المواطنين الأبرياء إلا حصاد تلك العقلية العنجهية.
الشعوب العربية لا تريد أنظمة استبداد وتنظيمات تطرف؛ فاللعنة على الحارق لقلوب عائلتي الريشاوي والكساسبة والجريمة واحدة والأطراف مثلوا فيها حجم التطرف والاستبداد وكلا الجانبين هما الإرهاب، ولذلك دعونا نتخلص من الإرهاب بإسقاط تلك الأنظمة وتحطيم عقلية أمنية أتت على الأخضر واليابس في الأمة العربية والإسلامية ودعونا نرفض جريمة التطرف التي ما جلبت مع شقيقتها جريمة الاستبداد إلا الويلات، فالريشاوي جاءت إلى الأردن لتحارب الظلم والاستبداد الذي أضاع العراق بتآمر القريب والبعيد!! والكساسبة خرج من الأردن لمحاربة الإرهاب الذي لا تعريف له حتى الآن!!.
عرفنا من يتحمل المسؤولية الكاملة عن الكساسبة والريشاوي وتداعيات ذلك العمل الإجرامي مهما تغيرت الوسائل والأيادي، كما أنها نصيحة للشعوب: لن نتخلص من إرهاب تلك الأطراف إلا بالثورة الحقيقية التي تأتي بانتخابات نزيهة تفرز من يحكم الشعوب المقهورة كما حدث مع الإخوان المسلمين في مصر وحماس في فلسطين وندفع ثمنا كبيرا من حريتنا لتعيش الأجيال القادمة حرة في أمة وسط لا فيها عربدة نظام وانقلابات؛ ولا جهل تطرف ومزاجية تفسير الآيات.