هل كانت الاستشارة القانونية التي قدمها البروفسور وليام شاباس لمنظمة التحرير الفلسطينية هي السبب في استقالته، أم أن تهديداً بالقتل قد أجبره على الاستقالة؟
لقد سبق للقاضي وليام شاباس أن هاجم كلاً من نتانياهو وليبرمان، وطالب بمحاكمتهما، وقال في 10 سبتمبر من العام 2014 "رغم الضغوط الشديدة التي تمارسها إسرائيل حكومة وإعلاماً، ومطالبتهم لي بالتنحي عن رئاسة اللجنة، فإنا لن أستقيل"
فما الجديد الذي دفع الرجل ليقدم استقالته، غير التهديد بالقتل كما اشتكى لموقع "ميديل ايست أي": حين قال: لقد تلقيت رسائل الالكترونية عنيفة وفظة، تهددني بأنني سأدفع حياتي ثمناً إذا وافقت على الاشتراك في التحقيق.
إنه الإرهاب الإسرائيلي الذي يفرض قراراته على المجتمع الدولي بالحيلة أو بالقوة، والشواهد المتعلقة بالقضية الفلسطينية تقدم الدليل التاريخي على حقيقة التهديد الإسرائيلي لشخصية دولية قانونية مثل البروفسور وليام شاباس، ففي سنة 1954 زار الوسيط الدولي داغ همرشولد القدس الغربية، وقدم عدة مشاريع فيها بعض التأييد للحقوق الفلسطينية مثل قضية القدس، وحق عودة اللاجئين، وهذا ما أغضب ديفيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل، الذي ضغط على الجرس الذي أمامه، ليدخل الحارس فوراً.
قال ديفيد بن غوريون للحارس: ادخل الشخص الذي يريد أن يتعرف على الوسيط الدولي، وفعلاً: دخل شاب يهودي مفتول العضلات، بملامح إجرامية، وراح يحدق بالوسيط الدولي داج همرشولد، لم يتمالك المبعوث الدولي نفسه، وبدت عليه علامات الدهشة والارتباك، ولاسيما حين قال له ديفيد بن غوريون: أعرفك على آخر الارهابيين في اسرائيل، يا داج همرشولد!.
لقد أدرك داج همرشولد قذارة التهديد الذي تلقاه من رئيس حكومة اسرائيل وأنهى اجتماعه، وغادر مكتب رئيس الوزراء إلى المطار مباشرة، وعاد إلى مقر الامم المتحدة ليحدث مستشاريه عما لقيه من تهديد في مكتب رئيس وزراء اسرائيل.
ولمزيد من شحذ الذاكرة العربية التي طمستها اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، واتفاقية أوسلو مع منظمة التحرير، واتفاقية وادي عربة مع الأردن، لا بد من التذكير بجريمة قتل الكونت فولك بنادوت، ذلك السويدي الذي عينته الأمم المتحدة وسيطاً دولياً على فلسطين، ليلاقي مصرعه برصاصات يهودية في شهر أيلول سنة 1948، حماية لحقوق اليهود، كما جاء في بيان عصابة "شتيرن". تلك الحقوق اليهودية التي لم يتضمنها مقترح الوسيط الدولي الذي قدم مشروعاً من تسع نقاط ابرزها؛ تحديد الحدود لكلتا الدولتين العربية والإسرائيلية، وإعطاء اللاجئين حق العودة، ومشاركة الجميع في حماية الأراضي المقدسة؛ أما الحدود التي تناولها المشروع فهي تعطي العرب حوالي %54 من أرض فلسطين، بعد ضم النقب للدولة العربية، وكذلك الجليل الغربي، وإنشاء ميناء بحري في يافا وميناء جوي في اللد والرملة، لقد رفض ديفيد بن غوريون المشروع، وقال بعد عشر سنوات: توجب علينا أن نقتل برنادوت كي تقوم دولة إسرائيل.
فهل سيواصل الفلسطينيون مشوارهم مع لجنة التحقيق الدولية التي قال عنها البروفسور وليام شاباس: اللجنة لم تلق معارضة سوى من إسرائيل والولايات المتحدة، والعالم كله يريد تسليط الضوء على ما وقع في غزة، وتوضيح الحقائق، وهذا هو دور لجنة التحقيق، إن عملنا هو البحث عن الحقيقة وإبرازها، حتى وإن لم تؤد إلى عقوبات.
ملاحظة: كيف عرفت إسرائيل أن وليام شاباس تلقى مبلغ 1200 دولار أمريكي مقابل استشارة قانونية قدمها سنة 2012 لمنظمة التحرير الفلسطينية؟