بين دولة الدواعيش والحرافيش ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

ما من شكٍ عندما قام تنظيم "الدولة"والذي قد بث مساء الثلاثاء شريطاً مصوراً، أظهر فيه إعدام الطيار الأردني الأسير لديه معاذ الكساسبة حرقاً،أنه لم يحرق ذاك الطيار فحسب بل يحرق القيم والأخلاق ،ويحرق كل مفاهيم الذين هم على شفا حفرة من النار والضلالة ،والذين كادوا أن يعبروا القناطير فيدخلون في دين الله أفواجا ..بكل آسف هي الحقيقة المؤلمة .. وسيبقى مشهد حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة.. ليس فقط وصمة عار فوق جبين مثل تلك التنظيمات الإرهابية ،والتي تدعي الإسلام ، وتزعم بأنها تدافع عن أهل السنة في العراق أو سوريا،بل وصمة عار ٍ في جبين الإنسانية جمعاء ..قد يختلف معي في القول البعض الذين يرون أن الخونة والعملاء لابد من القصاص منهم ،وهو من أمور الدين ..وأني هنا أقول طالما أن تنظيم "الدولة".. يبث مثل هذي المشاهد البشعة والمقززة من قطع الرؤوس ،والحرق ،والتمثيل بجثث القتلى وعلى مرأى من العالم بأسره ، دون أدنى مراعاة للمشاعر الإنسانية ، ثمّ أين هم من الحديث الذي قَدْ رَوَاه حَمْزَةُ الْأَسْلَمِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّرَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ، قَالَ: فَخَرَجْت فِيهَا، فَقَالَ: «إنْ أَخَذْتُمْ فُلَانًا، فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ» . فَوَلَّيْت، فَنَادَانِي، فَرَجَعْت، فَقَالَ: «إنْ أَخَذْتُمْ فُلَانًا، فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تَحْرِقُوهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَسَعِيدٌ. وَرَوَى أَحَادِيثَ سِوَاهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى..إذا هي حماقة كبيرة ومخالفة تصريحية لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل الذين يدّعون الدفاع عن السنة النبوية .. فبشراهم ..بشراهم بالسقوط السريع نحو الهلاك ..بل بالاقتراب الصاروخي لنهاية السقوط ..سقوط دولتهم المتغطرسة الرعناء، والاندثار ،والانقراض ..كما انقرضت حيوانات الأرض في بداية عصور التاريخ ..تلك الحيوانات ، التي لما طغت و تجبرت على أقرانها في الأرض ، فأفسدت فيها ، وسفكت الدماء كان مصيرها الحتمي الضياع والفناء..سنّة الله في الكون أن تتفاقم الفتن تدريجيا منذ بداية البشرية ،وحتى أصبحت في أيامنا كقطع الليل المظلم وأني هنا استشهد بحديث أصدق الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الذي روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أحدهم دينه بعرضٍ من الدنيا "أو كما قال صلى الله عليه وسلم ..حقيقة أني هنا لا أشير إلى إن كان الذين يقتلون على أيدي " الدواعيش" هم يستحقون القتل والتبرئة ولكني بصدد تسليط الأضواء على نتائج ما اقترفته أيديهم من بث لتلك المشاهد ، ومن إساءة متعمدة للدين الإسلامي الحنيف ،وإلا ماذا سيفعل إخواننا من رجال الدعوة ،والذين يصبحون ويبيتون عندئذ في مأزق ٍ حقيقي ..عندما يذهبون إلى دول الغرب أو الشرق ليدعون الناس إلى التوحيد والى عبادة الله والدخول في الدين الإسلامي ،فيفاجئون بقول أولئك الناس لهم ..طالما أن الدين الإسلامي هو دين الرحمة ،والتسامح والمحبة والاعتدال والوسطية كما تقولون لنا فما ردود أفعالكم عن الذين تُقطّع رؤوسهم ،وتُحرّق أجسادهم على أيدي أبناء جلدتكم ..فماذا سيرد حينها شيوخنا وعلمائنا لهم ..؟!! إذا دواعيش الظلام هم نبتا شيطانيا تم زرعه من قبل الذين يدعون محاربته سواء أكانوا أمريكان أو روس أو صهاينة ،أو غيرهم لزعزعة العقيدة الإسلامية في قلوب الذين آمنوا ،وفي ذات الوقت لتشويه صورة الدين الإسلامي في عقول الذين اقتربت خطاهم من اليقين ..وإلا هل يعقل أن يُسمح لتنظيم ٍ ما في أن يُعلن أو يقيم " دولة" وهل يُعقل أن تكون هناك تحالفات دولية بطائراتها وصواريخها ودباباتها تحارب منذ قرابة ستة أشهر ،ولا تستطيع القضاء على "داعش" وخاصة أن حروف ذاك التنظيم المتطرف تعني الدولة الإسلامية في العراق والشام ..أفلا يهدد مثل ذاك التنظيم آمن إسرائيل أو يستهدف مصالح الرعايا الأجنبية في المنطقة كلها ..ثم هل من غباء دول التحالف تلك أن تحسم المعركة وتقضي على "داعش" بالضربات الجوية ،وهم يعلمون جيدا انه في إدارة صراعات الحروب أو المعارك أنه لابد من تدخل بري عسكري واسع، وخاصة في العراق،كما حدث ذلك من قبل .. أثناء غزو الأمريكان للعراق أو حرب الخليج الثالثة عام 2003م ، والتي أدت إلى احتلال العراق عسكريا وسقوط نظام القائد الراحل "صدام حسين " .. وهل من المعقول.. أن تعلن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون "منذ عدة أيام ، أن تنظيم "الدولة" لم يخسر حتى الآن سوى 700 كيلو متر مربع من الأراضي في العراق؛ أي ما نسبته 1 بالمئة فقط من مجمل المساحة التي يسيطر عليها، والتي تبلغ 55 ألف كيلو متر، وهل يرضى التحالف الدولي بالفشل إذا كانت أهدافه الرئيسية القضاء على "الدواعيش" ..؟!! إذا هي تساؤلات وتساؤلات كثيرة بهذا الصدد فهل من مجيب .. أولئك الدواعيش والذين لا علاقة لهم "بالحرافيش" كما يزعم البعض .. فالحرافيش أو الزعران ،هي ألقاب صحيح أطلقها المؤرخون في بداية العصر المملوكي على المصريين سكان القاهرة من الطبقات الشعبية،وهم كما قالت (أم المصريين ) السيدة صفية زغلول بأنهم كالرمال تتحمل السير فوقها، ولكن لو ثارت فهى تعصف بالظالم وتهلكه . ففرق واسع بين من يثورون على الظلم وعلى الاستبداد فيواجهون القمع والقتل ولا يجدون الإنصاف وبين المأجورين الذين يقتلون ويرهبون الناس في بيوتهم ويسيئون للدين باسم " الدين " ونصرته ..!!