ليس غريبا على فلسطيني عالم حكيم مجاهد أن ينذر نفسه لخدمة القدس والمسجد الأقصى والمؤسسات الداعمة لصمود المقدسيين فيها، وليس غريبا على رجل من رجالات الإخوان المسلمين الأوائل أن يضع البصمة التي ما زالت قائمة هناك، إنه المهندس حسن القيق صاحب الألف الشامخة في اسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ومن الرعيل الأول للإخوان المسلمين ومن المجاهدين الذين ثبتوا على درب العطاء في خدمة القضية الفلسطينية؛ فجمع المهندس بين عدة زوايا أخرجت لنا صورة القدس وديمومة العطاء فيها.
المهندس القيق مزج بين فكر الإخوان وأدبهم وأخلاقهم ونشر ذلك بعلمه ومعاملته مع الناس وعززه وجعله على قاعدة قوية بصموده في القدس وضربه مثلا ونموذجا في رجال يؤكدون على هوية إسلامية طالما حاول البعض أن يطمسها بحجة القومية والعروبة؛ فكانت للمهندس بصمة قوية في ترسيخ إسلامية القضية وعمقها العربي المبني على أساس الحقوق والتأييد لها، فعلم المهندس وصبره في سجون الاحتلال وتحمله لضغط المخابرات ومحاولة إقصائه عن المدينة ومصادرة المدرسة والمؤسسات كلها جعلت من النموذج مدخلا وطريقا للكثيرين من حوله أن يبدعوا أكثر من ذلك للديمومة والاستمرار.
في ذكراك يا "أبا سليمان" يتعزز لدى الفلسطيني أنه لا مستحيل إن وجدت الإرادة، ويزداد الأمل حينما تقرأ الأجيال فكرك ونهجك ونشاطك؛ فكم من معلم وطالب وشيخ وعالم تخرجوا على يدك بفضل الله عز وجل، وكم هي الآثار الإيجابية التي تركتها بدعمك وإسنادك للطلبة والعلم وتقديم المنح الدراسية والمؤتمرات والتفاعل المحلي والدولي مع القدس وفلسطين، ولأنك من رجال القدس التي تبحث الآن في أزقة بلدتها وشوارعها وباحات مسجدها عنك وعن حكمتك يهب المقدسيون ويعززون فكرك وإخوانك، فأنت هدية الإخوان المسلمين لفلسطين التي وجب علينا شكرها لأنها بالفعل تقدم لنا نوعا لا كمّا و"جعجعة".
في هذه الأيام ما زال فكرا مطاردا ورغم ذلك يتألق ليكون ببصماتك ومعك القادة والأبطال والشهداء والأسرى منارة للقدس ستضيء الطريق ولو بعد حين، فها أنت ترجلت عام 2006 وما زالت الذكرى تدب فينا روح المعنوية ومفتاح العطاء، فالحياة في مفهومك قل من يفهمها وكثر من يتناساها مع مرور الزمن.