هي ليست المرة لأولى التي تقوم بها عصابات داعش والنصرة الاهاربيتين بعمليات قتل يندى لها جبين الإنسانية ، ولكن نرى ان هذه هي التنظيمات الإرهابية المدعومة التي اتت وفق مخطط امبريالي صهيوني استعماري لتنفيذ افظع المجازر من العمليات الإرهابية بحق الشعوب العربية ، حذرنا منها عندما كشفنا أكذوبة ما يسمى الربيع العربي.
واليوم الدول العربية تدفع ثمن مواقفها القومية، ولكن نقول ان المقاومة وقوى الصمود في المنطقة ما زالت صامدة في وجه كل جرائم المجموعات الإرهابية، ولذلك نقول ان الموقف الأميركي الأخرق من خلال الدعم الكامل للكيان الصهيوني، وهو لم يفعل أي شيء عملي لردع أو وقف سياسات الاستيطان والحرب العدوانية الصهيونية، بل يقدم حماية كاملة لحكومة نتنياهو العنصرية في الأمم المتحدة، ودعم الإرهاب التكفيري عبر إدامة خطره وتوظيف ارتداداته لصالح ترسيخ منظومة الهيمنة والنهب وحماية إسرائيل بمتابعة تمزيق دول المنطقة وشعوبها وهو ما يوضحه الحديث عن مواجهة طويلة و إدارة هذه الفوضى بما يعيد ترتيب هذه المنطقة وفقا للأهواء الأمريكية، متزامناً مع أعنف الهجمات التي تشنها عصابات الارهاب التكفيري بحق الشهيد البطل الطيار الاردني الملازم معاذ الكساسبة ، واعتدائها على الجيش المصري في سيناء، متعمدة أن تكون "الحدود" واستهداف الباص الركاب اللبنانيين في دمشق اضافة للعديد من الاعمال الارهابية في سوريا ولبنان والعراق تؤكد ما تمارسه هذه العصابات هو نفس العقلية التوراتية التلموذية الصهيونية العنصرية.
ان ما ترتكبه هذه العاصابات هي بنفس الاسلوب الذي ارتكبته العصابات الصهيونية الهاغانا في دير ياسين وغيرها قبل إعلان قيام دولة كيان الاحتلال بقتل آلاف الفلسطينيين وتهجير مئات الألوف وتشريدهم من ديارهم، واستولت على مساكنهم وممتلكاتهم، وبنت المستوطنات مبتدعة عليها ، ونفس العقلية التي حرقت الشهيد محمد أبو خضير حياً،هي التي حرقت الشهيد الطيار الكساسبة حياً،وإن إختلفت المسميات،وهذا يؤكد على نفس الفكر والمنبت الإجرامي،لعصابات مجرمة لا تقيم أي وزن او قيمة للإنسان
لذلك نحن نرى ثمة مشتركات بين الصهيونية والارهاب التكفيري المتمثل بما يسمى بداعش والنصرة وبيت المقدس في سيناء يغذيها بناء ديني وعقدي عنفي يتطابق في سياقات عديدة، فالظروف التاريخية التي رافقت احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية، تلتقي مع حقبة الفوضى والاضطراب التي يمر بها الوطن العربي حالياً، من خلال عوامل مشتركة ، من خلال فكرة دولة اليهود المزعومة طبعا، يقابلها قوى تدعي الاسلام (أي الخلافة الإسلامية) لدى داعش، أرض الميعاد، هي الأسطورة التي انطلقت منها الصهيونية حين زعمت أن لها الحق في الأرض العربية في فلسطين من خلال فكرة التوسع، فالمشروع الصهيوني مشروع عنصري توسعي استيطاني لا يضع حدودا جغرافية له، مملكته اليهودية من النيل إلى الفرات، كذلك التوسع الجغرافي لعصابات الارهاب لا حدود له ولجغرافيته، فهو يزعم ان أرض الله حدوده، بعد أن رسم هذا التنظيم الإرهابي المسمى بداعش خريطته المفترضة في المناطق التي احتلها في سورية والعراق، ومثلما دعا هرتزل اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين، دعا الارهابي أبو بكر البغدادي المسلمين إلى الهجرة إلى أرض الخلافة، من خلال القتل والترهيب والتطهير التي ارتكبتها وماتزال، فقتلت من قتلت وشردت الآلاف من ديارهم، معتمدة على نشر أفكارها من خلال وسائل الإعلام مع تصوير عمليات القتل وبثها على المواقع الإلكترونية بتقنية عالية في التصوير والإخراج، إلى جانب انتهاك سيادة الدول والجيوش، وهذا تسويق لفكرة إقامة الدولة (دولة الكيان الصهيوني ودولة الخلافة) عبر الاعمال الاجرامية المتوحشة، بل بات يرتبط بمشروع ظهور الدولة اليهودية، أي أن داعش هي حاجة أمريكية - إسرائيلية لتبرير وجود الدولة اليهودية .
إن الدين الإسلامي رسالة مقدسة وسامية قائمة على التسامح والمحبة والرحمة وحب الخير، والدعوة للناس بالحكمة والموعظة الحسنة، وخطابه موجه نحو العقل، وبالتالي ليس ثمة إسلام متشدد ومتطرف و(إسلام معتدل)، والإسلام يرفض الإرهاب، وخاصة الإرهاب الصهيوني الذي تطاول على الأنبياء والرسل، والذي يدمّر ويقتل، وتتناسل من رحمه مختلف المنظمات الإرهابية داعش والنصرة وأخواتها، والإرهاب الصهيوني هو الذي يعبث فساداً وقتلاً وخراباً في سورية والعراق وفلسطين ولبنان وليبيا ومصر واليمن، وإذا أرادت أمريكا وأوروبا حماية شعوبها من الإرهاب فعليها التخلي عن دعم الإرهاب الصهيوني وما تفرع عنه من قوى ارهابية لا تمت للدين والاسلام بصلة، وكما قيل من يُربي الأفاعي والعقارب، عليه أن ينتظر لدغاتها.
لا أعرف وانا اقف امام جريمة حرق الطيار الاردني وجرائم الارهاب التي نراها ، وهنا اسأل اين القوى والاحزاب العربية مما يحدث وتسمعه وتقرأه ، هل هي في غيبوبة أو حلم أو في عالم ثان، وهم كانوا يستنكرون التطرف وماقامت به المجموعات المتطرفة والمتعصبة منذ الستينيات ومن قبل ماكان يمثله تاريخ الإخوان المسلمين الحافل بالعنف والقتل والتصفية الجسدية، ولاأزال أتذكر الحملة الشعواء على القوى والاحزاب العربية بهدف القتل والتصفية الجسدية، وسقط عدد من الشهداء في الدول العربية.
ان ما وصلت اليه المرحلة تتطلب وحدة الموقف العربي قيام جبهة شعبية عربية مقاومة لمواجهة الارهاب التكفيري الذي فاق كل ما يمكن للعقل تخيله، حتى تفوقت على ما ارتكبته النازية. وليس يقل فجيعة أنها جرائم تتم باسم الإسلام الذي هو منها براء ، ويسعى الى ضرب قواعد العيش المشترك والوحدة الوطنية التي كانت ولاتزال على مدى عصور هي البوصلة الموجهة الرئيسية للمجتمعات العربية، وهذا لا يتحقق إلا بنشر الوعي وتعاضد جهود كل الوطنيين والشرفاء والأحرار و لفضح أساليب تشويه الدين لمآرب وأجندات سياسية وخارجية، والحد من الفتاوي المحرضة والتكفيرية البعيدة عن الدين والتي تشوه صورته داخليا ودوليا، لأننا بأمسّ الحاجة اليوم إلى المزيد من التكاتف والتوحد ودعم صمود الشعب الفلسطيني ونضاله ومقاومته والمقاومة في لبنان من كافة القوى السياسية والدينية العربية والاسلامية واحرار العالم .
ولا شكّ أن محور ما يسمى “الاعتدال” العربي، قد انتهى، ومن هنا تحاول الادارة الامريكية استخدام ما تبقى من تنظيم الإخوان المسلمين، في ظل مشهد صراع المحاور بات واضحا أكثر من أي وقت مضى، ولا يستثني اي دولة من الدول العربية، فهو بدأ في العراق من ثم سوريا وقبلها ليبيا والسودان ، وما لم يتوقف بفعل مواجهة عربية قوية، فإنه سيزحف نحو ما تبقى من الدول العربية، حيث يستهدف الوحدة الجغرافية، فيما يتخذ هذا البعد الصراعي، طابعاً براغماتياً في البحث عن التحالفات، وعناصر القوة، يتولد وهم لدى الكثيرين من أن التحالف والتعاون والتقرب إلى الولايات المتحدة، وأحياناً إسرائيل، يشكل عامل قوة لهم، على هؤلاء أن يدركوا بأن أصحاب المخطط التقسيمي التفتيتي للمنطقة، هم أصل ومنبع الحملة العالمية الضارية على الإسلام والمسلمين، وانهم يمدون الأطراف بكل أسباب الصراع وأدواته بهدف تهشيم الجميع، حتى لا تقوم لأي منهم قائمة، وهذا يحتم على الدول المستهدفة من الامبريالية العالمية والرجعية مواجهة المخطط الصهيوأميركي بما يواكب طموحات الشعوب، بعدما بدأنا نلحظ بوادر تشكّل رأي عام لاتخاذ خطوات حقيقية نحو اعادة العلاقة مع سوريا، التي واجهت الحرب التي شنّت ضدها، ومساعدتها في القضاء على آفة الإرهاب, من خلال تشكيل تحالف جدي للقضاء على الارهاب التكفيري الذي يضرب المنطقة ، والفرصة باتت مواتية للمحور الساعي لإعادة التوازن للقرار الدولي لتحقيق آمال شعوب التي بذلت الكثير من الدماء في سبيل حريتها وكرامتها وبلدانها .
وفي هذا الإطار، وبعد تلقين المقاومة درسا للكيان الصهيوني، ردا على عملية اغتيال المجاهدين الابطال في القنيطرة ، جعل هذا الكيان وحلفائه يفكرون ألف مرة قبل القيام بعدوان
جديد، لأن المقاومة لها مقياس مختلف، وسماحة سيد المقاومة حدد قواعد الاشتباك ، وهذا يتطلب تعزيز محور المقاومة لانه محور لفلسطين، بمعزل عن العقائد والمذاهب والانتماءات، هكذا يبدأ تاريخ نضال وانتصار تستحقه فلسطين بعد مئة عام خلال تغزيز العلاقات بين المقاومة االوطنية والاسلامية اللبانية والعربية وشقيقتها الفلسطينية، لانه بدون تضحيات ونضال ومواجهة ضد الاحتلال لا يمكن استعادة حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة
ختاما ان وحدة الموقف هو وحده القادر على التصدي بحزم لكل تلك المجموعات الإرهابية المسلحة وان دماء الشهداء المقاومون ستكون قربانا للصمود،وان الوقوف الى جانب سوريا والعراق ومصر ولبنان سيصنع النصر وبقوة وارادة المقاومين ستفشل مخططات العدو واهدافه ومشاريعه ، ولن تسقط الراية وستبقى فلسطين هي البوصلة وعنوان للصمود.