الأرهاب أصبح الشغل الشاغل للعالم ولكنه متموضع في منطقتنا العربية بغض النظر عن كيف ومتى ولماذا كان هذا الجنون الرهيب الذي دخل منطقتنا بدون إستئذان وكأنه قدر إلاهي لا فكاك منه , أو أنه عقاب إلاهي نتيجة غضب الخالق على عباده الذين إنحرفوا عن شرعه
المهم أننا وبعد أن كان لنا عدو واحد في المنطقة ألا وهو العدو الصهيوني الذي إغتصب أرض فلسطين وبات يهدد الكيانات العربية نظرا ً لمشروعه القاضي بالهيمنة على المنطقة
واضح أن كل ما يجري سواءً بتخطيط وأدوات أو بالمحصلة , ما هو إلا دعم للكيان الغاصب على الأقل من خلال خلق عدو جديد وإراحة إسرائيل من الغضب والعداء العربي أما الأردن فهو البلد الوحيد الذي ما زال ورغم أنه زج بنفسه في دائرة الصراع من خلال مشاركته في التحالف وبما يترتب عليه من أعباء , ربما تدخله رغم أنفه في دائرة الصراع والوقوع في قلب النيران التي حرقت الأخضر واليابس في سوريا والعراق
أكثر من ثلاثة أعوام والنار تحيط بالأردن لا بل شظايها طالت الأردن من خلال كثير من الأمور ليس أولها المهاجرين الذين أضافوا للأردن أعباء كبيره , ولا أخرها إعدام الشهيد الكساسبة
الأردن ما زال مؤهلاً لأن يدخل في الصراع بكل ما تعنيه الكلمة , ولكن في نفس الوقت ما زال بإمكانه أن ينجو بنفسه من الخطر الحقيقي الذي لا قدر الله سيدخله في كل التفاصيل القاتلة والمدمرة مما سيفقده ميزته النادرة كدولة مستقرة آمنه يحسده عليه كل العرب .
كيف ممكن أن ينجوا الأردن من هذه الكارثة ..!؟
رغم كل ما جرى مؤخراً وبعد إعدام إبن الأردن الشهيد معتز الكساسبة وما ترتب عليه من غضب شعبي ورسمي , ولربما كان هذا مطلوبا ً من قبل المخططين لزج الأردن في دائرة الصراع
فالغضب مشروع والإنتقام واجب وضروري ولكن هل هذا هو الحل النهائي..!؟
الغضب عادي والإنتقام يشفي الغليل ولكن ما هو مطلوب النجاح والفوز
والنجاح والفوز لا يأتي بالصدفة ولا بالتمنيات بل بالعمل المدروس والحكمة التي يجب أن تتجلى بأصحاب القرار .
أعتقد ان الأردن ما زال في بر الأمان ......
ربما ما هو مخطط للأردن هو أن تذهب قواته من الجيش المحترف إلى قلب النار المحترقه سواءً في سوريا أو العراق وخوض حرب لا يعلم إلا الله مدى خطورتها وطولها مما سيخلق أجواءً من القلق في داخل الوطن
لا بل تفعيل الخلايا النائمة التي تنتظر تعكر المياه الصافية وهؤلاء ربما أحبطوا في الأيام القليلة الماضية نتيجه الصعقة التي تلقوها نتيجة ردة الفعل العكسية التي سادت الوضع في الأردن إبان إغتيال الكساسبة
لأنه منذ اللحظة الأولى بعد إعلان داعش للجريمه كان الرهان على أن تنفلت الأمور
إلا أن ما حدث كان مبهراً من خلال الوعي الذي ساد الشارع الأردني وذلك ما كان إلا من خلال الحرص والتخوف من أن ينجر الأردن لمستنقع الفتنة الذي أعد له بخبث ودهاء شيطاني
الأردن اليوم أمام إمتحان صعب وكما قلت فهو يمتاز بأنه ما زال في بر الأمان وهذه فرصة تاريخية بأن يبقى في مر الأمان ,وهذا يتطلب جهوداً كبيره من أكثر من مستوى سواءً في الإطار الرسمي أو الشعبي
ففي المستوى الرسمي هناك جهوداً أمنية يجب أن يبنى عليها من خلال المعرفة والعلم والبحث والتدقيق
ومراعاة الوضع الإقتصادي وغلاء الأسعار والبطالة التي تكون أرضاً خصبة لتوجه الشباب للإنتحار
وهناك مسؤولية كبيرة على توعية الناس من خلال إستحضار الثقافة الإسلامية الحقيقية وفتح الباب للحريات من خلال الأحزاب الشبابية الواعية
وهذه امور وغيرها لها إختصاصييون قادرون على العمل وفتح أفاق المستقبل لمن سُدت في وجوههم أبواب الحياة
أما على المستوى الأمني
فإن الأردن ما زال يمتلك القدرة على ضبط وضعه الداخلي من خلال التعاون الذي يتطلبه الوضع خاصةأن الشعب الأردني بمعظمه موالي للنظام وما زال يعتقد أن النظام الهاشمي صمام أمان
أما الحدود الأردنية ...وهذا الأمر هام جداً فأعتقد أن الأردن قادراً على حماية حدوده من التسريب والتهريب
ولديه إمكانيات عسكرية وقدرات جيدة تستطيع تأمين الحدود
أخيراً ...ربما لا يستطيع الأردن التنصل من التحالف الدولي بشكل كلي ..ولكن يمكنه أن لا ينخرط كلياً
في هذه الحرب وذلك من خلال مصلحته الداخلية بأن يكون حامياً لمنطقته ولشعبه من أي تدخل خارجي
وفي هذه الحالة يستطيع الأردن حكومة وشعباً وجيشاً أن يشكلوا حالة نادرة من التوحد الداخلي
يحول دون دخول الإرهاب لبلده
فهل هذا ممكن ..! ويكون الأردن ليس محارباً للإرهاب فقط .... بل طارداً للإرهاب