قرار اللجنة الوطنية الفلسطينية العليا لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية، المتعلق بمنع دخول منتجات بعض الشركات الإسرائيلية إلى أراضي السلطة الفلسطينية، يمكن وصفه بأنه خطوة إيجابية تتطلب التعاون من الجميع، وإن كان حظر دخول تلك المنتجات سيدخل حيز التطبيق قبل نهاية الإسبوع الحالي، وأن اللجنة أمهلت التجار أسبوعين للتخلص من تلك المنتجات، فمن المفيد أن يتحول القرار من جانبه الرسمي إلى الجانب الشعبي، بمعنى أن تكون المبادرة بتطبيقه وتوسيعه من قبل المواطن دون الحاجة لقرارات رسمية.
ما ذهبت إليه اللجنة المشكلة من الفصائل الفلسطينية والقطاع الخاص والنقابات، في أن قرارها يأتي ضمن رؤية استيراتيجية بحيث تشكل نهج حياة للمواطن الفلسطيني، وليس مجرد رد فعل على الإجراءات الإسرائيلية المتعددة المتعلقة بالضغوطات على السلطة الفلسطينية، يجب أن يمثل القاعدة التي تشيد عليها فكرة مقاطعة المنتج الإسرائيلي، فلا يعقل أن نطالب العالم بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وأن تتخذ دول الاتحاد الأوروبي قرارها بمقاطعة منتجات المستوطنات ووقف تعاملها مع الشركات العاملة بها، وفي الوقت ذاته تمتليء اسواقنا بتلك المنتجات.
تأثير المقاطعة الفلسطينية للمنتج الإسرائيلي على الاقتصاد الإسرائيلي يفوق بكثير ما تحدثه مقاطعة العديد من دول العالم، حيث السوق الفلسطيني يشكل ثاني أكبر سوق للمنتجات الإسرائيلية بعد السوق الأمريكي، وأن الميزان التجاري بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل يميل كلياً نحو الأخيرة، ففي الوقت الذي تفرض حكومة الاحتلال قيوداً مشددة على المنتج الفلسطيني للسماح له بالوصول إلى أسواقها، نفتح نحن أبواب اسواقنا على مصاريعها لمنتجاتهم حتى تلك التي يتوفر لدينا منتج وطني بديل عنها، ودون أن نتحقق ملياً من مدى مطابقة المنتج الذي يصلنا للمواصفات.
بقدر ما تحمل المقاطعة من مفعول اقتصادي مؤثر، لا يجوز لنا التقليل من أهميته، بقدر ما تحمل من مدلولات سياسية بتخليص إقتصادنا من تبعيته للإقتصاد الإسرائيلي، ومع تبني استراتيجية مقاطعة المنتجات الإسرائيلية لا بد وأن نضع نصب أعيننا أمرين: الأول يتعلق برد الفعل الإسرائيلي، حيث من المتوقع أن تلجأ حكومة الاحتلال لممارسة المزيد من الضغوطات الإقتصادية علينا، بما فيها منع دخول بضائع اساسية لا يتوفر لدينا البديل عنها، وهو ما يجب أن يدفعنا لتوسيع التبادل التجاري مع محيطنا العربي، وبخاصة الأردن ومصر.
الأمر الثاني يتعلق بالمنتج الفلسطيني، والذي من المفترض أن يكون هو الرابح الأكبر مالياً من جراء المقاطعة، وهو ما يحتم علينا تحسين جودته وإعتماد أنظمة رقابية تضمن للمستهلك وصول المنتج الفلسطيني إليه طبقاً للمعايير الصحيحة.
ما يجدر التأكيد عليه هنا أن نجاح مقاطعة المنتجات الإسرائيلية لا يرتبط بالقرارات العليا بقدر ما يرتبط بغرس ثقافه المقاطعة لدى المواطن، وهنا يأتي الدور الإعلامي والمجتمعي بإعطاء موضوع المقاطعة الأهمية المطلوبة على حساب المساحة المخصصة للردح وتبادل الاتهامات فيما بيننا.