اليوم وفي ذكرى شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب وسيد شهداء المقاومة عباس الموسوي وقائد الانتصارين عماد مغنية ، نتذكرذاك المشهد الكبير الذي حققته المقاومة في لبنان ، حيث اضاءت لكل المقاومين الطريق نحو تحرير الارض وحرية الانسان ، وكانت حرب تموز تشكل الانتصار المدوي بهزيمة جيش الاحتلال الذي لا يقهر ، واسقاط نظرية رايس حول الشرق الاوسط الجديد.
الحديث عن الشهادة والشهداء لا يمكن أن يكون مجرد حديث يحمل دلالات مادية ومعنوية تتقاذفها ألسن البشر فقط، بل هو أكبر من ذلك بكثير، وأمام رمز الشهادة وعبقاتها يقف أحرار الأمة وثوارها أمام شهادة رموز المقاومة وعناوين للتضحية والفداء ، قادة أفنوا حياتهم فمنهم من كان فارساً في مقاومة الاحتلال الصهيوني لفلسطين المحتلة لا تعرف روحه الهزيمة، رموز قدموا جهدهم ووقتهم وطاقتهم وحياتهم للمقاومة، فكانوا مدرسة إبداع وإخلاص وتفان وصدق وتضحية وعطاء ونضال وجهاد، حيث كانوا مؤمنين في ثقافة الشهادة التي تزرع في نفوس الأمة الوحدة والوفاق والصدق والأمانة والنزاهة والعلم والعدل لتجني النصر والحرية والكرامة والشرف وعلو الهمّة والرأس المرفوع، فهنيئاً لهم شهادتهم ، ويكفيهم فخرا انهم حملوا قضية فلسطين كما لبنان في قلوبهم.
وامام هذه الذكرى نقف امام شخصية مقاومة انه الحاج عماد مغنية لنتذكرالمكانة الخاصة التي كانت تربطه بالرئيس الخالد الشهيد ياسر عرفات، أبو عمار، حيث حظي باحترامه وثقته رغم التباين الواسع في الاقتناعات والرؤية في ما يتعلّق بأولويات الكفاح المسلح في مواجهة العدو، كان أبو عمار حريصاً على التواصل معه والوقوف على آرائه، وكما كان لامير الشهداء ابو جهاد، خليل الوزير، علاقات راسخة بينه وبين الحاج عماد حتى تاريخ استشهاد أبو جهاد في تونس.
ومن هنا لقد شكل استشهاد القائد الحاج عماد مغنية مؤشراً لزمن الانتصارات، وأن العمل المقاوم اعطى دروساً عظيمة ورسخ قناعتنا بأننا من خلال الايمان بطريق النضال ستتحرر فلسطين كل فلسطين والقدس .
واليوم نحن نقف في ذكرى شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب وسيد شهداء المقاومة عباس الموسوي وقائد الانتصارين عماد مغنية نؤكد ان المقاومة ازهرت انتصارات بارادة المجاهدين ، هذا العنوان الذي يجب ان نستلهم منه العبر نحو التأكيد على ان ارادة المقاومة في فلسطين ستنتصر مهما كانت الصعوبات ، لان هناك شعب اسمه شعب التضحيات وهناك جنود مقاوميين يحملون شعار نموت واقفين ولن نركع مهما كانت المؤامرات التي تحاك بهدف تصفية القضية الفلسطينية وخاصة حق العودة والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية .
وعلى هذه الارضية نقول ان الذين يريدون تجريدنا من عناصر قوتنا ، يريدونا ان نتجرد من الكرامة ونرفع رايات الاستسلام و نحني رؤوسنا للأعداء , يريدون أن نتحول إلى مجرد بشر يأكلون و يشربون يقتاتون من فتات الموائد و عطاءات الحكام.
المقاومة هي الكرامة و العزة وهي التي تردع المحتل وتحفظ الحقوق وتسير بالشعب نحو المستقبل ، و الأوطان لا تستحضر إلا بالتضحيات و للحرية ثمن يتحول من خلاله الشهداء و الجرحى و أسرى الحرية القمر الذي يضيء ليلنا، ومن هنا نؤكد على تجارب المقاومات في فيتنام والجزائر كيف قاومت الاحتلال ، وكيف فاوضت ، وكيف انتصرت .
ونحن اليوم نشارك عائلات الشهداء القادة عماد مغنية وعباس الموسوي وراغب حرب نشارك حزب الله ونشارك المقاومة وعلى رأسها سماحة سيد المقاومة الامين العام لحزب الله السيد المجاهد " حسن نصرالله و المقاومة الوطنية اللبنانية ولبنان الشقيق وشعبه الذي احتضن فلسطين في قلبه وقدم التضحيات في سبيلها ، لنقول ان مسيرة شهداء لبنان وفلسطين التي تعمدت بالتضحيات ستشكل منارة مضيئة في تاريخ امتنا .
لقد اكدت المقاومة في لبنان اخلاصها ودعمها للمقاومة في فلسطين وقدمت التضحيات كما قدم شعبنا تضحيات جسام منذ انطلاقة ثورته الفلسطينية المعاصرة وكان قمر المقاومة الشهيد القائد عماد مغنية رمزا لهذه المقاومة وسيد الشهداء عباس الموسوي وشيخ المجاهدين راغب حرب والقادة محمد سعد وجورج حاوي ، كما كان شهيد فلسطين والامة ورمزها القائد ياسر عرفات والقادة العظام ابو العباس وابو علي مصطفى وابو عدنان قيسى والشيخ احمد ياسين وفتحي الشقاقي ، وكذلك شهداء المقاومة في لبنان وفلسطين التي تعانقت ارواحهم الطاهرة لتنبت انتصارات تضيئ لنا الطريق نحو الفجر الاتي .
وفي هذه اللحظات التي تحتفل المقاومة في لبنان بذكرى شهداءها ، نؤكد ان الشعب الفلسطيني متسلح بارادة النضال والمقاومة وتمسكه بمنظمة التحرير الفلسطينية الكيانية السياسية للشعب الفلسطيني على كافة المستويات مهما حاول البعض المساس بهذه الكيانية .
وفي هذه الذكرى والتي تتزامن مع مناسبات مجيدة ومنها الذكرى السادسة والثلاثون لانتصار الثورة الاسلامية في ايران لنؤكد على الدور العظيم للجمهورية الاسلاميه في ايران التي جعلت من سفارة الصهاينة سفارة لفلسطين ولأنها وقفت إلى جانب الحق الفلسطيني ولأن القدس كانت وما تزال بوصلتها ولأنها دعمت محور المقاومة بكل أشكال الدعم ، كما تتزامن هذه الذكرى مع مناسبة ذكرى انطلاقة الجبهة الديمقراطيه لتحرير فلسطين واعادة تأسيس حزب الشعب الفلسطيني والذين ادركوا وجسدوا كل أبعاد صراعنا ضد هذه الغزوة الصهيونية، وحافظوا على
القضية الوطنية الفلسطينية، ببعدها القومي والأممي والإنساني، لأن صراع ضد الاحتلال، والكيان الإسرائيلي والقوى الاستعمارية والإمبريالية التي سعت وعملت لإقامة هذا الكيان الصهيوني العنصري، التوسعي، الإجلائي والإحتلالي في فلسطين، كخلية سرطانية تنهش الجسم العربي كلّه، وتحول دون وحدته ونهضته وتقدمه، ليكون، وليبقى مزرعة وسوقا لها، ومورداً لطاقاتها، وممراً لجيوشها وبضائعها، وليصبح أخيراً مكباً لنفاياتها الذرية والسامة، وعلى هذه الطريق نؤكد على التمسك بخيار المقاومة من اجل تحرير الارض والانسان وسنبقى مخلصين وأوفياء للثورة ولراية النضال والتقدم والعدالة الاجتماعية.
لذلك فإن الردّ سياسة حكومة العدو وعلى كافة المشاريع والمخططات الصهيونية والامريكية يكون بوحدة الصف الداخلي ووحدة الموقف العربي، وهذا يتطلّب خطابا يجمع ولا يفرّق ويبتعد عن ما يستفزّ مشاعر الناس، فمقاومة الاحتلال تتطلب وحدة الموقف هذه الوحدة هي التي تهدد الكيان وحلفائه، فهي توّلد المناعة وتحصّن المقاومة وهي التي ستجبر العدو على الرضوخ لإرادة شعبنا، هكذا نستخلص من تضحيات الشهداء الرسالة ،وهكذا يجب أن نستخلص دروس النكبة ومعانيها التاريخية والمعنوية، وحتى نكون أوفياء لذلك التراث يجب علينا ان لا نقف امام الصغائر ويجب ان نتعالى عن كل ذلك في المضي قدما في المصالحة الفلسطينية والياتها ونعزز الوحدة الوطنية ونتمسك بالثوابت الوطنية ونعود الى فلسطينيتنا وعروبتنا ، هذا ما تعلمناه من القائد الكبير الرمز الامين العام الشهيد ابو العباس ، وهذه هي مهمتنا في نقل التجربة والمعرفة لجيل لا يريدون له أن يعرف تاريخه وإرثه.
واليوم نقول ان من يشكك بجدوى المقاومة أنما يشكك بإرادة الشعب الفلسطيني و حقه في النضال من أجل استعادة حقوقه الوطنية الثابتة وخاصة حقه بالعودة الى دياره وممتلكاته وفق القرار الاممي 194 واقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
وغني عن القول ستبقى المقاومة خيار شعبنا وامتنا حتى دحر الاحتلال عن ارضنا العربية ، وسنبقى نحافظ على الدماء الذكية التي سالت من اجل تحرير الارض والانسان من الاحتلال الصهيوني وخاصة ابطال العمليات الاستشهادية والعمليات البطولية لفصائل الثورة الفلسطينية المعاصرة وللمقاومة اللبنانية والفلسطينية .
ومن موقع تقديرنا للمقاومة في لبنان وصمود ومقاومة شعبنا في فلسطين التي بفضلهما استطاعت الشعوب في الماضي أن تنتزع حريتها واستقلال بلدانها، ونحن نثمن الدور الكبير لسماحة سيد المقاومة حسن نصر الله الامين العام لحزب الله إحدى الرموز البارزة في تاريخ النضال العربي المشرف الذي يعتبر بانه بدون حرية فلسطين وشعبها لا يمكن ان تحقق الامة كرامتها وعزتها.
اليوم المقاومة لا تعترف بقواعد الاشتباك ولا بتفكيك الساحات والميادين، حيث ترسم بميادين النضال مقاومة تربت على الشجاعة والإقدام في الميدان ،فهناك حلف يتشكل وترسى قواعده في المنطقة،يضاف له قوى المقاومة على الساحة الفلسطينية،يعمل على ترسيخ قدراته وتطوير إمكانياته،ويتقدم في أرض الميدان والفعل،ويزداد حضوراً وتأثيراً بين الجماهير .
ولا بد من القول ان الشهيد القائد عماد مغنية، الذي احب فلسطين كما احبها سيد المقاومة الشهيد عباس الموسوي من قبله والذي كان يتألم على الشعب الفلسطيني ومعاناته ويدرك مع رفيق دربه شيخ المجاهدين راغب حرب ان فلسطين هي الطريق التي يجب ان تتواصل بوصلة النضال والجهاد بمواجهة المشروع الامبريالي الصهيوني الاستعماري .
ختاما : تحية مجد لشهداء المقاومة الذين كتبوا مسيرة حب وعشق وإيمان لا زالت يحملها كل المناضلين الاوفياء ، ومثلوا مدرسة فكرية وثورية ، ورسموا تاريخ مشرق مع قادة تعملقوا نجوما في سماء الامة ، لم يعشقوا سوى فلسطين القضية والانتماء ، ترفعوا عن ثقافة التعصب والحقد ، وزرعوا أشجار لتنبت في صحاري قاحلة قوافل الشهداء.
عباس الجمعة
كاتب سياسي