كلما شعر الشباب بالإهانة الوطنية، وامتلأوا رغبة بملاقاة الأعداء، تداولوا فيما بينهم السؤال التالي: هل أنت مع تصفية العملاء؟ صيغة السؤال ليست بريئة، فهي تلقي بكل مآسي الوطن وخرابه على كاهل العملاء؛ الذين سهلوا للأعداء اقتحام الحصون واجتياز الديار، وهي تلوح في الوقت نفسه بحبل المشنقة لأعناق البعض.
هل تؤيد تصفية العملاء؟ سؤال يحاكي وجدان الشباب القابض على المستقبل، الشباب الذي يقف مندهشاً من تطور الأحداث السلبي على بقايا الوطن فلسطين، ويندهش أكثر لاستخفاف أصحاب القرار السياسي بعميق العلاقة بينه وبين الوطن؛ الذي ينبض في عروقه مقاومة وتمرد وثورة وتحدٍ لكل مظاهر الضعف والتردد والإحباط والانحطاط السياسي.
فهل أنت مع تصفية العملاء؟ سؤال في طريقه لأن يصبح فعلاً، وقد تجاوز إطار الهمس، وفاض علانية بمكنون النفس، ودخل مرحلة الغمز واللمز على بعض الأسماء، وعلى جملة من الممارسات السلبية، التي أجمع الشباب على ضرورة قطع دابرها بتصفية العملاء، ولكنهم اختلفوا في تصنيف العميل؛ فمنهم من يحض على ضرورية تصفيه العميل الميداني الذي يقدم المعلومة عن المقاومين لضابط المخابرات الإسرائيلي، ومنهم من يوسع الدائرة، ويرى الخطر في العميل السياسي الذي يقدم وطناً طرياً بين فكي جهاز المخابرات الإسرائيلي؟
فهل تؤيد تصفية العملاء؟ سؤال تفرضه الحاجة الوطنية لمقاومة العملاء دون الخوف من طعنات الظهر، ويأتي السؤال استجابة غريزية للدفاع عن النفس أمام جبروت العدو وبطشه، ويأتي انتقاماً لحالة التيه السياسي التي يعاني آثاره السلبية شباب فلسطين، ويأتي بحثاً عن الأمل الذي ضاع مع التنازلات اليومية التي خدمت العدو، ويأتي محاكاة للشعوب الأخرى التي طهرت نفسها قبل أن تلتقي في ميادين القتال مع عدوها.
يتفق شباب فلسطين فيما بينهم على أهمية تصفية العملاء، ولكنهم يختلفون على الأولوية، ويخشون من الوقوع في خطأ التسرع، ويتهيبون من الآثار السلبية لفتح باب تصفية العملاء على مصراعيه، وهذا الأمر يحتاج إلى الحسم السريع من خلال محاكاة الشعوب الأخرى التي عاشت التجربة ذاتها، ويكفي بالشعب البريطاني شاهداً، فقد عاقب البريطانيون امرأة منهم؛ لأنها أشعلت سيجارة لجندي ألماني، احتل بعضاً من أرضهم بداية الحرب العالمية الثانية.
فكيف بشباب فلسطين الذي لا يحتل الصهيوني أرضهم فقط، بل يغتصبها، ويقيم فوق بيوتها دولته، ويعبث بذاكرتهم، بعد أن طرد ملايين الفلسطينيين، وجعلهم لاجئين؟!.