البرازيل ومستقبل العلاقات مع الكيان الصهيوني

بقلم: جادالله صفا

غادر تارسو جينرو بعد خسارته الانتخابات كحاكم لولاية الريو غراندي دوسول الذي حاول ان يفتح ابواب البرازيل على مصراعيها امام شراء الاسلحة والتكنولوجيا من الكيان الصهيوني، ليأتي جاكيز فاكنير(Jaques Vagner) العمالي المعروف بولائه للحركة الصهيونية، حاكم ولاية باهيا سابقا، من خلال تعيينه وزيرا للدفاع البرازيلي، حيث اكد على العلاقات الاستراتيجية بين البرازيل والكيان الصهيوني خلال لقائه بالسفير الصهيوني رضا منصور يوم 13/01. فما لا يحققه تارسو بالامكان تحقيقه من خلال الوزير الجديد بالجانب العسكري والتكنولوجي وتسهيل مهمة تطوير العلاقات مع الكيان الصهيوني.
العضوية بالاحزاب البرازيلية مفتوحة ابوابها لمن اراد بغض النظر عن ولائه وهذا ما يضمنه القانون البرازيلي، وهذا ما ياتي بعناصر ثنائية الانتماء من الحركة الصهيونية للدخول بالاحزاب البرازيلية الكبيرة والمؤثرة بالقرارات البرازيلية كحزب العمال البرازيلي.
الحركة الصهيونية من خلال قياداتها ونشطائها تنشط بكل المجالات والمواقع بالبرازيل، وتصل الى مراكز القرار، وتعيين وزيرا بهذا المنصب يكون بذلك هو اعلى منصب تصل اليه عناصر لها ارتباطاتها بالحركة الصهيونية، وتعلن اخلاصها للكيان الصهيوني وتؤكد على العلاقات الاستراتيجية معه بغض النظر عن المصلحة البرازيلية واوليات سياستها الداخلية والخارجية.
ان عدم الاستقرار الداخلي والفساد التي تشهده البرازيل ستكون من اولويات سياسة الحكومة البرازيلية من اجل تجنيب البرازيل هزات قد تشهدها خلال الفترة القادمة قد تؤثر على استقرار البرازيل وزعزعة بنيتها الداخلية، وامام هذه الحالة لا بد ان يستغل اعداء البرازيل للانتقام من مواقف البرازيل السابقة على مدار ال 12 عاما وعلى وجه التحديد المواقف البرازيلية اتجاه الشرق الاوسط والمنطقة العربية والدور الكبير الذي بدأت تلعبه البرازيل بالساحة الدولية.
ان تسمية وزيرا للدفاع البرازيلي المعروفة سلفا مواقفه وتوجهاته السياسية، لم ياتي عن الطريق الصدفة وانما الى المنافسات الداخلية التي يشهدها حزب العمال بين تياراته الداخلية بتقاسم الحصص والوزارات السيادية.
الكيان الصهيوني يرى بالبرازيل سوقا لاسلحته ويقيم علاقات تجارية ويبيع اسلحته مستفيدا من الاستقلالية الذاتية التي تتمتع بها ايضا المحافظات البرازيلية، التي يسمح لها القانون بعقد اتفاقيات لها علاقات بالامن والتسلح لمواجهة اعمال الشغب والعنف التي تشهدها البرازيل مستغلين بذلك عمليات التسليح وتبريرا ايضا لمواجهة نشاطات المافيا وعصاباتها.
تعتبر البرازيل سوقا تجاريا ومربحا لتجارة الاسلحة، حيث يقوم الكيان الصهيوني بتدريب عناصر الشرطة على كيفية مواجهة اعمال الشغب والعنف، كما تقوم بتدريب اجهزة الامن البرازيلية على الحراسة والحماية للالعاب الاولمبية المقرر اقامتها عام 2016 بمدينة الريو دي جانيرو وبيعها تكنولوجيا خاصة، هذا وقد عقدت البرازيل صفقات لشراء طائرات بدون طيار، وسيارات مصفحة وتكنولوجيا لها علاقة بالامن والتسلح، كما ورحب بعض رؤساء البلديات المحسوبين على حزب العمال للسماح بفتح وانشاء مصانع لها علاقة بالتكنولوجيا وصناعة الاسلحة "الاسرائيلية" بمدنهم.
الموقف البرازيلي المناصر والمؤيد للقضايا العربية وعلى راسها القضية الفلسطينية مهدد بالتراجع، فلا يجوز الاعتماد على مواقف المباديء التي تبديها الاحزاب اليسارية البرازيلية المناصرة والمؤيدة للقضايا العربية والمنحازة بجوهرها للحق العربي والفلسطيني على وجه الخصوص، وانما التحرك من اجل تخفيف الضغوط على البرازيل بازمتها الحالية، فنحن كفلسطينين بالبرازيل وعربا ايضا مطالبين بمزيد من التنظيم والوحدة واعادة الفعل والاعتبار لجاليتنا الفلسطينية والعربية، حيث تصل نسبة العرب بالبرازيل الى تقريبا ال 8% من سكان البرازيل ال 192 مليون مواطنا برازيليا، فهل سيتمكن المسؤولين وعلى راسهم السفارات العربية من تجاوز الخلافات واعادة الاعتبار للجالية العربية من اجل ان يكون دورها ايجابيا باتجاه نصرة الحكومة البرازيلية بمواقفها اتجاه القضايا العربية والقضية الفلسطينية؟ نحن بالبرازيل مطالبون بالخروج من هذا المأزق، وتفعيل الذات، من خلال تمتين العلاقات العربية العربية بين ابناء الجالية العربية الواحدة، والسؤال الذي يطرح نفسه: من اين نبدأ؟
فلا يجوز الندم لاحقا.
جادالله صفا – البرازيل
15/02/2015