بات من الواضح جدا لدى جميع المسلمين في العالم, مدى الإجرام والقبح والفساد الأخلاقي والفكري الذي تمتاز به عصابات داعش الإجرامية, ومدى إمعان هذه الشرذمة في إتباعها أسلوب قدم صورة دموية, سوداء قاتمة, عن الإسلام كدين ومنهج ورسالة وفكر, حتى صار الآن الإسلام يعرف بدين الإرهاب, والمسلمين بالإرهابيين, وما قام به هؤلاء المرتزقة الدخلاء على الإسلام والمتسترين به والساعين إلى الجاه والسلطة تحت عنوان الإسلام والخلافة الإسلامية.
قد استخدموا الأساليب الملتوية من حيث التحريف والتزوير في ما يعتمدون عليه من فتاوى صدرت من علماء السلفية خصوصا فتوى ابن عثيمين التي أباح فيها حرق النساء والأطفال " الكفار " حسب قوله والتي من خلالها اعتمدوا هذا التنظيم على ارتكاب المجازر بحق حتى المسلمين بوصفهم خارجين ومردتين عن الإسلام.
فقد تناقل مؤيدو التنظيم عبر صفحات بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر، فتوى العثيمين في رده بحسب وصفهم على سؤال هل يجوز قتل نساء وأطفال "الكفار" إن فعلوا ذلك بنا، فقال المفتي السعودي السابق على حد تعبيرهم: "الظاهر أن لنا أن نقتل النساء والصبيان لما في ذلك من كسر قلوب الأعداء وإهانتهم، ولعموم قوله تعالى: ’من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم‘.. وإن قال قائل لو أنهم هتكوا أعراض نسائنا فهل نهتك أعراض نسائهم؟ الجواب لا نفعل ذلك لأن ذلك محرم بنوعه..".
وهنا تناقض كبير في فتوى ابن عثيمين فهو يحرم هتك العرض ولا يحرم قتل النفس البريئة!! التي قال عز من قال (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) فما هو جرم الأطفال ؟ هل بلغوا سن التكليف وعرض عليهم الإسلام وطرح عليهم بالدليل العلمي الأخلاقي الشرعي وامتنعوا عنه وبهذا حل قتلهم ؟ وإذا كان كذلك أين ذهب قوله سبحانه ( لا إكراه في الدين ) ؟؟!! وما هو جرم النساء ممن لم ترتكب جرم ؟! وهنا الشيخ العثيمين يحرم الجرم الذي هو أهون من قتل النفس البريئة ؟؟!! بحجة كسر قلوب الكفار ؟؟!! فأي سفسطة وأي تلاعب بالدين هذا ؟!
وهذه ليست المرة الأولى التي يغالط ويأخذ ويفسر تنظيم داعش ومؤيدوه فتاوى لرجال دين مسلمين، حيث برروا في وقت سابق من يناير/ كانون الثاني إقدامهم على إحراق الطيار الأردني، معاذ الكساسبة بفتوى لابن تيمية، في الوقت الذي أعرضوا فيه عن حديث الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم { لا يعذب بالنار إلا رب النار } وهذا الحديث رواه البخاري في كتاب الجهاد وكذا رواه أبو داود والترمذي والإمام أحمد وغيرهم حسب ما ينقله علماء السلفية كأبن باز, وهنا نلاحظ إن الدواعش يأخذون ما يعجبهم ويضربون عرض الجدار ما لا يعجبهم, يؤمنون ببعض, ويكفرون ببعض, يأخذون من عالم ما يناسبهم, ويتركون عالم أخر هو إمامهم ومرجعهم.
فهذه هي حقيقة هذه العصابة, المرتزقة, المجرمين, المتسترين بالإسلام, فهذا يأتي بفتوى على هواه, ويعرض عن فتوى, أو عن حديث, أو رواية, أو نص شرعي قرآني, من اجل مصلحته, ومكسبه, ومنفعته الشخصية, ويبحث عن تبرير لجرمه وفساده, وهذا يذكرني بكلام المرجع الديني العراقي العربي السيد الصرخي الحسني في محاضرته التاريخية العقائدية الثالثة والثلاثين التي ألقاها يوم الخميس 12 / 2 / 2015م, في معرض توضيحه لكيفية النقاش العلمي باستخدام الدليل العلمي الأخلاقي مع الدواعش ومع المليشيات, إذ قال سماحته ...
{...نحن أيضا لا نحكي ولا نفتري ولا نأتي ببطلان وبحشو كلام وبسب وبكلام فارغ، نحن مع الدليل، نناقش المليشيات بالدليل ونناقش داعش بالدليل ونناقش الآخرين بالدليل ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، هذا من شأن الإنسان وهذه مسؤولية الإنسان وهذا بينه وبين الله سبحانه وتعالى, نحن علينا أن نطبق التعاليم ونطبق الأحكام بمصداقية وبواقعية دون الانتقائية, أما إذا كانت المسألة كيفية كل شخص كل مسؤول كل شيخ كل أمير كل من تصدى للخطابة أو للكلام يأتي بفتوى من عنده فعلى الدين العفا وعلى الدين السلام ...}.
المرجع الصرخي : نناقش ونثبت بالدليل بطلان منهج الدواعش والمليشيات
https://www.youtube.com/watch?v=HWOzfOQpoCw
بقلم :: احمد الملا