داعش تستعجل الحسم ضدها!

بقلم: نبيل عمرو

يبدو ان "داعش" تستعجل وقوع حرب حاسمة ، بعد ان ساعدها تردد وميوعة الحرب التي تم خوضها تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية .

ولقد جاء اعدام الاقباط المصريين العرب في ليبيا، ليشكل حدثا مفصليا نقل مصر محاربة الارهاب داخل حدودها، الى مصر الدولة التي وجدت نفسها اخيراً مضطرة لأن تحارب خارج الحدود، واذا كان المعلن من هذه الحرب، يقتصر حتى الان على الضربات الجوية ، الا ان حرباً من هذا النوع وأمام خصم من طراز "داعش" لا يمكن تحديد اسقفها تماما ، ولا يمكن كذلك تحديد مجرياتها وتطوراتها مسبقاً وبصورة دقيقة.

حرب التحالف التي قادتها الولايات المتحدة ، لم تحقق على مدى شهور ما يفترض منطقيا ان يتحقق في اسابيع، ولو استمرت وتيرة هذه الحرب كما كانت خلال الاشهر الماضية، لكانت حققت نتائج عكسية، ليس على صعيد التمدد الجغرافي، وانما على صعيد المجتمعات التي تعرف "داعش" كيف تتغلغل فيها وكيف تؤثر على صناعة القرار في نظمها ودولها، ما يشيع اضطرابات مزمنة في هذه الدول والنظم.

واذا ما ركزنا على الجزء المصري من الصورة الشاملة للحرب على الارهاب ، فإن ما قامت به داعش واخواتها في سيناء وليبيا، أدّى الى حرق مراحل في الحرب المصرية التي بدت متأنية في أدائها ما صوّر للمراقبين على أنها محدودة الفاعلية، وأمرا كهذا تعرف داعش ومن يقف معها ووراءها كيف تستغله اعلاميا ونفسيا، بما يزعزع ثقة المجتمعات المستهدفة بقدرات جيوشها على الصد والحسم ، فصار حتميا على مصر ان تغير قواعد اللعبة ، فألغت محظور العمل العسكري خارج حدودها ، دون ان تتعرض للملامة إلا من قبل من يسعون لرؤية مصر وقد انهارت مجتمعا ودولة، كذلك سرّعت الى الحد الاقصى عملية المزاوجة بين العمل الامني والعسكري في الداخل مع العمل التنموي الذي لا امل بكسب المعركة ضد الارهاب الا عن هذا الطريق ، ولقد انتبهت مصر وينبغي ان ينتبه الجميع، الى ان اسناد المهمة المركزية في القضاء على الارهاب للولايات المتحدة امر غير مضمون النتائج فضلا عن انه ربما يفضي الى نتائج سياسية لا تتلاءم مع المصالح الاساسية للدولة المصرية وحلفائها في المنطقة .

وبرغم ما نعرف وما لا نعرف عن التربص لمصر من قبل قوى اقليمية ودولية، الا ان العامل الجوهري لطمأنا على مصر، لا يمكن إلا ان يتجسد من مصر وفي مصر، ولا يمكن لمعركة من هذا النوع ان تحسم لمصلحة مصر الا اذا تمسكت هذه الدولة الكبرى بميزة المبادرة في كل الاتجاهات، لأنها بذلك سوف تجد من يلحق بها ويراهن عليها ويقدم الدعم الكافي لها ، واسوق مثلا واقعيا على ذلك ، فحين صممت مصر على استعادة دولتها بمبادرة تحالف عميق ومصيري بين الشعب وقواته الامنية والجيش، تبددت رهانات واولها الرهانات الامريكية القاصرة ، ربما لم تتبدد بصورة نهائية الا انها ضعفت كثيرا حتى اصبحت لا تخيف، وبوسعنا كذلك رؤية العلاقة المصرية الروسية الجديدة بمزاياها بالغة الاهمية في هذا السياق، وكذلك صفقة الطائرات الفرنسية التي ابرمت قبل ايام .

ان الحرب الموضعية على الارهاب، وتنشيط فاعلية القوى المحلية فيها ، مع استنفار القوى الاجتماعية والثقافية كرديف حتمي للجيوش ، هي الخلاصة الاكيدة والمخرج المضمون من أخطر مأزق واجهته شعوبنا العربية في حاضرها ومستقبلها.

لقد استعجلت "داعش" حرباً أكثر قوة وفاعلية ضدها ولا أعرف على وجه الدقة ، هل كان هذا قراراها الناجم عن تخيلاتها وأوهامها أم انه قرار من يقف وراءها وفي كلا الحالتين فظاهرة "داعش" واهدافها هي الخاسرة بالتأكيد.

بقلم/ نبيل عمرو

كاتب بصحيفة "القدس" الفلسطينية