هل يكون عند واشنطن الخبر اليقين ؟
من المقرر أن يرأس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم جلسة واسعة الأفق وعلى أعلى المستويات السياسية في واشنطن مع زعماء يمثلون كافة الدول حول مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف،ومن المتوقع أن تعالج الوفود الرفيعة المستوى في هذه القمة الطارئة كيفية مواجهة الإرهاب بلغة سياسية وبرنامج استراتيجي موحّد.
السؤال الآن الذي لا بد من الإجابة عليه بشكل واضح و صارم ، هو أي إرهاب سيدعو المجتمعون لمواجهته و اللغة و البرنامج الاستراتيجي المتوخان في هذا الصدد ؟
إذا كان الحلال ( المقاومة ) بيًن ، و الحرام ( الإرهاب ) بيًن ، فان على المجتمعين في واشنطن التفاعل فيما بينهم و مع المجتمع الدولي و تحديدا شعب هذه المنطقة الذي يتعرض للإرهاب بمختلف أنواعه منذ عدة عقود وأخذ ينتشر اليوم كالهشيم في النار بفعل أدوات الحركة الصهيونية و الامبريالية و الرجعية العربية .
حتى الآن لم يتم الاتفاق دوليا على تعريف محدد للإرهاب ، و لذلك تعم الفوضى أرجاء البسيطة ، ويستمر الظلم و العدوان و الاضطهاد بحق كثير من الشعوب و الأمم .
قيل إن الحرب على الإرهاب بدأت العام 2001، وذلك بعد هجمات11 أيلول (سبتمبر) في الولايات المتحدة الأمريكية . و العجب العجاب في هذا الأمر هو نسيان أو تناسي أصحاب القرارات الدولية أن الإرهاب جاء مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين العام 1948 و ما بعد ذلك من استهداف مباشر لأراض عربية أخرى في سورية و لبنان و الأردن و مصر. و احتلال غير مباشر لكثير من مصادر القرار في الوطن العربي و العالم .
لقد فرخ الإرهاب الصهيوني أدوات له تعد بالعشرات تحاول اليوم التمدد في بلدان المنطقة بهدف تأمين عناصر الراحة و الاستقرار و الاستدامة للكيان الصهيوني على الصعد كافة . أجندات مختلفة تتشابك خيوطها فيما بينها و تحاول تحقيق عنصر الوحدة بهدف اقتلاع المقاومة من جذورها و بتر الأيادي التي تبسط لها دعما و إسنادا ، وصولا لخوض مباشر في معركة المصير الواحدة الموحدة .
من الحركة الصهيونية إلى "القاعدة" إلى "النصرة" إلى "داعش" و كل متفرعات الإرهاب الدولي ، مشهد بات أسير تفسيرات متناقضة في ظل تعثر السياسات الإقليمية والدولية ، و الجميع يريد رفع سقف محاربة الإرهاب . غير أن عددا كبيرا من الدول تستخدم معايير مزدوجة في هذا المضمار ، علما أن الإرهاب هو الإرهاب سواء باشرته دول أو جماعات، وبغض النظر عن الخلفية الأيديولوجية أو الدينية - الطائفية أو السياسية، التي يستند إليها القائمون عليه أو به، وما يحيطونه من ادعاءات وشعارات أغلبها لا يستحق مجرد النظر إليه وفيه.
فنظام مثل النظام الصهيوني غارق في سياسة الإرهاب المباشر وغير المباشر، لن يكون فاعلا في إطار مكافحة الإرهاب، والتعاون معه في قضية كهذه من شأنها تقوية الإرهاب وتعزيز وجوده، بل إن وضعا كهذا، يساهم في تكريس البيئة المولدة للإرهاب في المجالات الفكرية - الثقافية والاقتصادية - الاجتماعية، مما يجعل أي قول بمكافحة الإرهاب مجرد ادعاءات وأكاذيب، ومنها فكرة قيام الكيان الصهيوني بدور في مكافحة الإرهاب.
ليس هذا و حسب بل إن عقد صفقات التسوية و السلام المزعوم مع كيان العدو الصهيوني ( كامب ديفيد – أوسلو – وادي عربة .. الخ ) مؤشر واضح على إعطاء الضوء الأخضر لهذا الكيان المصطنع بارتكاب مزيد من الأعمال الإرهابية المباشرة و غير المباشرة في المنطقة و العالم تحت عناوين و ذرائع متعددة بات القاصي و الداني يدرك مدلولاتها و أبعادها القريبة و البعيدة .
استنادا على ما سلف وعلى حقائق الصراع الوجودي مع الاحتلال الصهيوني في منطقتنا ، ينبغي توجيه رسالة محددة إلى اجتماع واشنطن بأن العدو الصهيوني هو أساس الإرهاب و أن أدواته التي تعيث اليوم فسادا و قتلا و تدميرا و تشريدا تذكرنا بما قام و يقوم به هذا العدو بحق الشعب العربي و الأمة الإسلامية منذ عشرات السنين ، و لذلك فان الأولوية تقضي بالضرورة محاربة هذا الإرهاب و كل شبكاته المتفرعة بكل السبل و الإمكانيات .
لهذا يجب دعم المقاومة و الدول الداعمة لها على الصعد كافة و على رأسها الدعم العسكري المسنود بإرادة عربية و إقليمية و دولية لا تلين مهما كانت الضغوطات و التحديات ، و بغير ذلك يبقى الحديث عن الإرهاب و مجابهته مجرد كلام و شعارات جوفاء لا تسمن و لا تغني من جوع ، و بداية المسار تكون بنبذ الأدوات و العملاء و قبل ذلك بوضع تعريف محدد للإرهاب ، علما أن كثيرين يدركون أنه بيًن و أن المقاومة المشروعة بيًنة .
والمرجو أن يكون عند واشنطن الخبر اليقين ..
بقلم/ نعيم إبراهيم