اتفاقية الغاز بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، ما الذي يجري؟

بقلم: رشيد شاهين

يكاد المتابع للشأن الفلسطيني لا يفهم ما الذي يدور من حوله، فهو يسمع من القرارات والتصريحات وإصدار البيانات، ما يتناقض تماما مع الأفعال وما يجري على ارض الواقع.

فبينما انتشر قبل عدة أيام، خبر توقيع السلطة الفلسطينية على ما بات يعرف باتفاقية الغاز مع سلطة الاحتلال، نجد خبرا آخر يقول إن هيئة النزاهة والمساءلة تتوجه إلى سلطة الطاقة بالشكر على عدم توقيعها اتفاق استيراد الغاز من دولة الاحتلال، وفي ذات السياق، تجتمع مجموعة من الفصائل للتنديد بتوقيع الاتفاقية، مشيرة إلى انه تم التوقيع عليها في بداية هذا العام، أي قبل حوالي الشهرين.

كذلك، فان من غير الواضح، طالما تشكر هيئة النزاهة سلطة الطاقة على عدم التوقيع، لِمَ تجتمع فعاليات فلسطينية تمثل المجلس التشريعي واللجنة المركزية لحركة فتح ومجموعة من العناوين والهيئات، وهل نحن في "لعبة استغماية" أم ماذا؟ والسؤال هو، لِمَ يتم التكتم على الموضوع، ولِمَ يتم التعامل معه بهذه الطريقة غير الواضحة، ولِمَ تم "فتحه أو فضحه" في هذا الوقت بالذات، ولماذا لا يتم التعامل مع القضايا المختلفة بشكل شفاف بعيدا عن "اللفلفة" والباطنية،

ما يجري في العلن، وما يتم التصريح به من قبل أركان السلطة الفلسطينية، وما نسمعه من تهديدات مختلفة على كافة الصعد، يشي بأن السلطة على وشك "الانفجار" وانها ستوقف التنسيق الأمني، وكل أشكال التعاون مع الاحتلال، لا بل وصل الأمر أن ذهب البعض التهديد بحل السلطة، مع يقيننا، ان هذا لن يجري، ولن يمر، ولن يسمح به احد، لأنه خارج إطار السيطرة ولا "نمون" فيه قيد أنملة.

البعض كان يشتري مثل هذه التهديدات، ويفرح بها، على اعتبار ان لدينا سلطة قادرة على الفعل، وإنها إنما تمتلك قدرات غير عادية، وإنها تمتلك نفسها، وان لديها بالفعل استقلالا لا يمكن التشكيك به، وكان يشكك أحيانا "بوطنية" من يعترض أو ينتقد مجرد انتقاد أي ممارسة من ممارسات السلطة.

اتفاقية الغاز التي من الواضح انها وقعت بعيدا عن أعين الكثير من أعمدة المنظمة والفصائل، بما في ذلك أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، تُسلم رقابنا لدولة العصابات لعشرين سنة قادمة، أي بعدد السنوات التي تلت اتفاق العار في أوسلو، وبعده باريس الاقتصادي، اللذان ذبحا شعبنا، وجعلا منه مجرد أقنان لدولة الاحتلال، وحول الاحتلال إلى ارخص احتلال عبر التاريخ السحيق والمعاصر.

هذا الاتفاق الذي تم "توقيعه بعيدا عن العيون، دون استشارة أي كان، ومن خلف ظهر الجميع" كما أشار العديد من القادة والساسة، يعيد التجربة البائسة التي كانت في أوسلو، ويجعل من دولة الاحتلال شريكا في ما هو حق لنا كفلسطينيين.

اتفاقية الغاز، أو العار، الجديدة، تتم بينما يتبجح الساسة والقادة بأنهم ينوون إنهاء الاحتلال خلال عامين، وهي تتم بينما تتصاعد الدعوات لمقاطعة بضائع الاحتلال، وتتم أيضا بينما نهدد الكيان بأننا "سنجرجره" في المحاكم الدولية "ونلعن أبو فاطسه"، وهكذا نحن نطالب العالم بأن يقوم بما لا نقوم به نحن، مما حولنا إلى مجرد منافقين، دجالين، نريد من العالم ان يخوض معاركنا، فيما نحن نعقد الاتفاقات، ونقوم بالسمسرة كما أشارت تصريحات بعض الساسة الذين أدانوا الاتفاقية.

بقلم/ رشيد شاهين