مخيم غزة في الأردن: خمسة عقود من الحقوق المهدورة

بقلم: علي هويدي

تستضيف المملكة الأردنية 2.178.286 لاجئ فلسطيني مسجل حسب إحصاء وكالة "الأونروا" للأول من تموز/يوليو 2014، وهو العدد الأكبر بين اللاجئين الفلسطينيين في بقية مناطق عمليات "الأونروا" الأربعة، لبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة. يوجد في الأردن عشرة مخيمات يقيم فيها 17.5% من العدد الإجمالي للاجئين أي 381.919 لاجئ، إلا أن مخيم غزة والمعروف أيضاً بمخيم جرش ويسكن فيه أكثر من عشرين ألف لاجئ فلسطيني مسجل، لا يعتبر من ضمن المخيمات المعترف بها من قبل "الأونروا" على المستوى الجغرافي، عدا عن أن اللاجئين فيه محرومين من حقوقهم الإقتصادية والإجتماعية والسياسية منذ حوالي 48 سنة كجزء من حوالي 135 ألف لاجئ منتشرين في كافة أرجاء المملكة يعانون من نفس الحقوق المهدورة.

 

إبان النكبة في العام 48 هُجِّر عدد كبير من الفلسطينيين إلى قطاع غزة حيث تم إحصاؤهم وتسجيلهم في سجلات وكالة "الأونروا"، وإبان النكبة الثانية في العام 67 واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، عاد وهُجِّر عدد كبير من اللاجئين من غزة إلى الأردن حيث جرى تجميعهم في "مخيم طارئ" في مكان قريب من مدينة جرش، وعلى الرغم من أن معظم اللاجئين الفلسطينيين في الأردن يحملون الجنسية الأردنية منذ الإعلان عن ضم الضفة الغربية إلى الأردن في مؤتمر أريحا الشهير في العام 1950 إلا أن أكثر من 95% من لاجئي مخيم غزة يمتلكون جواز سفر مؤقت يجدد كل سنتين، والجزء الآخر أي 5%، إما يمتلك وثيقة مصرية أو بدون أية وثائق بينما نسبة قليلة 7% من السكان تصنف كنازحين لا تقدم لهم وكالة "الأونروا" أية خدمات.

 

هذا الوضع الإنساني والسياسي والقانوني المعقد والمركب له تأثير سلبي مباشر على مستوى الوضع الإقتصادي والإجتماعي والنفسي لأبناء المخيم، فنسبة الفقر حوالي 64% (أقل من دولارين في اليوم للفرد)، ونسبة البطالة حوالي 40% في المخيم مقارنة بـ 14% في الأردن عموماً، وهذا يشمل الأردنيين من أصل فلسطيني، بينما تصل نسبة العاطلين عن العمل أي لم يعمل أبداً في حياته إلى 32%، ونسبة أميَّة من سن 15 سنة وما فوق تصل إلى 13.8% مقارنة بنسبة أميَّة في الأردن تصل لـ 7.5%، ويعيش اللاجئون في مخيم يفتقر للبنى التحتية الرئيسية، فتتقاطع مراكز الدراسات والأبحاث المتخصصة بأن حوالي 25% فقط من منازل المخيم تتكون أسقفها من مادة الإسمنت بينما 65% من ألواح الزينكو والإسبيتوس و9% من ألواح الزينكو والإسمنت، وغياب للطرقات المعبدة وعدم ربط المنازل مع شبكة الصرف الصحي.

 

منذ أن برزت مشكلة لاجئي مخيم غزة وتتجدد وتتكرر المطالبات والدعوات من قبل القطاع الأهلي ونسبة مهمة من مجلس النواب الأردني ومجلس الأعيان والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان وغيرها.. بالعمل على تحسين الظروف الإنسانية للاجئين في مخيم غزة بحيث يسمح لهم بالعمل في القطاع العام وحق التنقل وتملك العقارات والحصول على خدمات التعليم والإستشفاء والإنضمام إلى الأحزاب السياسية والجمعيات التعاونية وإلى النقابات المهنية أسوة بالأردنيين أو بالأردنيين من أصل فلسطيني.. كي يتمكنوا من العيش بكرامة، وإلى أن تتحقق تلك الأماني مطلوب دور إنساني وسياسي فاعل تتحمل مسؤوليته سفارة فلسطين في الأردن والسلطة بشكل عام من تقديم للخدمات والتواصل الدائم مع الحكومة الأردنية..، وتفعيل ومضاعفة دور الوكالة كي تتحمل مسؤولياتها من تقديم للخدمات نتيجة الوضع الخاص للأهالي مقارنة مع أوضاع باقي اللاجئين في المملكة، وأن تاخذ المنظمات الأهلية المتخصصة دورها في تنفيذ المشاريع التنموية، فلا يعقل أن تبقى هذه المشكلة الإنسانية والسياسية قائمة منذ عقود دون حلول جذرية تحفظ كرامة وحقوق الإنسان اللاجئ، مع العلم بأن توفير تلك الحقوق لا يتعارض مع الرؤية الثابتة للوجود الفلسطيني في الأردن، إذ وعلى الرغم من حصول الغالبية العظمى من الفلسطينيين على الجنسية الأردنية، إلا إنهم لم ولن يفكروا يوماً بأن يتحول الأردن إلى وطن بديل، ومرور 67 سنة على النكبة خيرُ شاهد..!!

 

*المنسق الإقليمي لمركز العودة الفلسطيني / لندن – المنطقة العربية

كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

بيروت في 26/2/2015