زار المبعوث الخاص للامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط "روبرت سيري" قطاع غزة، لم تحمل الزيارة هذه المرة الطابع الرسمي بعد أن أنهى سيري عمله وتم تعيين الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادنوف خليفة له، أبدى سيري خلال زيارته "الغير رسمية" خيبة أمله من اللجنة الرباعية كونها لم تقم بواجباتها تجاه المواطنين والوضع الإنساني في قطاع غزة، وعبر عن قلقه من الوضع المأساوي في القطاع، جاءت زيارة سيري إلى غزة قبل أن يقدم تقريره الأخير لمجلس الأمن الدولي، داعياً خليفته البلغاري إلى إكمال الجهود التي بدأها، وإن لم يفصح سيري عن قيمة أموال المانحين التي وصلت لإعادة إعمار قطاع غزة، إلا أن التقارير تشير إلى أنها لم تتجاوز 4% من المبالغ التي وعدت بها الدول المانحة في مؤتمر القاهرة "5,4 مليار دولار".
رغم أن مهمة السيد سيري التي استمرت لثمان سنوات تتعلق بتنسيق جميع أنشطة الأمم المتحدة الميدانية المتعلقة بعملية السلام في الشرق الأوسط، وبطبيعة الحال يأتي إعمار قطاع غزة في صلب عمله، إلا أن خطته من أجل إعمار قطاع غزة أسهمت بشكل واضح في إعاقة الإعمار، حيث شملت الخطة على آلية عمل لمراقبة وصرف مواد البناء تفوق في قيودها تلك التي تعتمدها الدول في محاربة المواد المخدرة، ومن المثير للضحك أن خطة سيري دفعت المواطن من أجل الحصول على حاجته لكيس اسمنت إلى سلوك يقترب كثيراً مما يمارسه تجار المواد المخدرة.
كنا نأمل أن يتحلى السيد سيري، وهو يغادر منصبه ويعود إلى موطنه "هولندا" ليعيش في كنف اسرته، بشيء من المصداقية مع الذات ويعلن صراحة عن فشل خطته التي لم تضفي على إعمار الإعمار سوى المزيد من التعقيدات التي تفوق في آثارها الكارثية تراجع الدول المانحة عن إلتزاماتها التي قطعتها على نفسها في مؤتمر القاهرة للمانحين، حيث سجلت خطته فشلاً مدوياً منذ اليوم الأول الذي خرجت فيه إلى النور، والتي رفضتها قطاعات المجتمع الفلسطيني المختلفة، كونها تجعل من الأمم المتحدة المراقب على الحصار المفروض على غزة، ناهيك عما تحمله من قيود جديدة تجعل من إعادة الإعمار مجرد أوهام غير قابلة للتنفيذ.
منظمة أوكسفام ومقرها بريطانيا كانت صريحة حين عبرت على أن إعادة إعمار قطاع غزة قد تستغرق مائة عام إذا ما استمر العمل بالآلية الحالية لإدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، لقد بات من الضروري اليوم بعد ستة أشهر من العمل العقيم بخطة سيري أن تعبر السلطة الفلسطينية صراحة عن رفضها إستمرار العمل بهذه الآلية بعد الفشل الكبير الذي منيت به عملية إعادة الإعمار، وأن إعادة الإعمار الحقيقية تتطلب رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، خاصة وأن إستمرار العمل بخطة سيري لا يعطل فقط إعادة الإعمار بل يعمل على التدمير الممنهج للإقتصاد في قطاع غزة، فإن كان على الأمم المتحدة أن تقيم حفل وداع للسيد سيري وهو يغادر منصبه، فيجب أن يشمل الحفل أيضاً وداعاً لخطته غير مأسوف عليها.
بقلم/ د.أسامة الفرا