الانتخابات المبكرة للكنيست الـ 20، التي فرضها رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" على شعبه، معتقدا أن الأجواء مناسبة لإعادته إلى هرم الحكم بقوة، هذه الانتخابات التي ستجري بتاريخ 17-3-2015، قبل موعدها القانوني بأكثر من سنتين، فقد تنقلب عليه سلباً، إثر شبهات الفساد التي تحيط به والفشل على كافة الصعد، السياسية، الأمنية، الاقتصادية المتعلقة بحياة الإسرائيليين، واتساع حالة الفقر، وحالة الغلاء، والفضائح التي طالت "نتنياهو" وزوجته "سارة"، يضاف إلى ذلك، توتر العلاقات بين إسرائيل والبيت الأبيض، لإصرار "نتنياهو" على إلقاء خطابه في الكونغرس الأميركي المتعلق بالنووي الإيراني، كذلك تردي العلاقات بين إسرائيل والمجموعة الأوروبية، ومع ذلك فإن استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، تفيد بأن هناك شبه تعادل بين معسكر اليمين الإسرائيلي، والمعارضة الإسرائيلية التي تعمل على إسقاط حكم "نتنياهو".
"26" قائمة انتخابية، تقدمت وحصلت على موافقة لجنة الانتخابات المركزية، لخوض الانتخابات لانتخاب (120) نائباً مجموع عدد نواب الكنيست، ويحق لكل مواطن يحمل الجنسية الإسرائيلية، بلغ من العمر (18) عاماً وما فوق، ممارسة حقه في الانتخابات، فإن عدد سكان إسرائيل الإجمالي يبلغ 8.252.000 نسمة، من يحق لهم الاقتراع وفقاً لإحصائيات لجنة الانتخابات المركزية، هم "5.3" مليون ناخب، نصفهم من النساء، منهم "4.24" مليون ناخب من اليهود، يشكلون (80%) من أصحاب حق الاقتراع، و"795" ألف ناخب من المواطنين العرب، يشكلون 15% من مجموع حق الاقتراع، إضافة إلى "5%" تم تعريفهم كآخرين، غالبيتهم من المهاجرين غير اليهود، أو من اللبنانيين من جماعة "أنطوان لحد"، الذين انتقلوا إلى إسرائيل بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 1999، وحصلوا على الجنسية الإسرائيلية، ويبلغ عددهم مع عدد المهاجرين غير اليهود "265" ألف ناخب ومع أن عدد سكان عرب الداخل يزيد عن "20.20%" إلا أن عدد المقترعين من بينهم، تقل عن نسبة عددهم، لكثرة عدد الأولاد لديهم، دون سن الثامنة عشرة، وللتنويه فإن سكان القدس الشرقية، وهضبة الجولان لا يملكون حق التصويت، باستثناء أعداد قليلة منهم الذين طلبوا وحصلوا على الجنسية الإسرائيلية.
وكما ذكرنا فإن عدد القوائم الانتخابية، بلغت (26) قائمة، إلا أن (15) قائمة منها، لن تحصل على نسبة الحسم وقدره "3.25%"، وبذلك لن تحصل على مقاعد نيابية، أما القوائم المتوقع لها الفوز بمقاعد في الكنيست، وأهم ما جاء في برامجها الانتخابية هي: 1-حزب الليكود برئاسة "بنيامين نتنياهو" وهو الحزب الحاكم حالياً، ويطلق على نفسه بالمعسكر القومي، ومع أن "نتنياهو" هو الذي أطلق ما يسمى "حل الدولتين"، إلا أنه تخلى عن هذا الحل عملياً، ويتسابق مع الآخرين على تكثيف الاستيطان، حتى أصبح ولإخافة الإسرائيليين، يزعم أن إقامة دولة فلسطينية، يعني سيطرة حماس على هذه الدولة، وتصبح الضفة الغربية كما هو حال قطاع غزة، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، بأن"داعش" ستسيطر على هذه الدولة، فحزب الليكود، ينافس على التطرف، ولا وجود لأي ذكر عن الحل في برامجه، 2-المعسكر الصهيوني برئاسة "اسحاق هيرتسوغ"، وهذا المعسكر المعارض لـ "نتنياهو" مشكل من حزبي العمل برئاسة "هيرتسوغ" والحركة برئاسة "تسيفي لفني"، وأعطى لنفسه اسم المعسكر الصهيوني، رداً على إدعاء حزب الليكود بالمعسكر القومي، وهذا الحزب الوسطي-اليساري، يحاول اليمين الإسرائيلي إلصاق صفة اليسار به، وهي صفة منبوذة من قبل معظم الإسرائيليين، ومع أن هذا الحزب مع حل الدولتين، إلا أن خصومه يتهمونه بأنه سيتخلى عن القدس الموحدة، والعودة إلى حدود عام 1967، ومن الجدير بالذكر، أن والده كان رئيساً للدولة، 3- القائمة العربية الموحدة، برئاسة المحامي "أيمن عودة"، ومع أننا سنفرد جزءاً من هذا المقال عن أهميتها وأهدافها وسط زيادة الاضطهاد والعنصرية ضد مواطني العرب في منطقة 1948، إلا أنها ستواجه حرجاً في حال أصبحت في الموقع الثالث في عدد النواب، وأن يصبح رئيسها زعيم المعارضة في الكنيست، حيث يفرض القانون على رئيس الحكومة وضع زعيم المعارضة في صورة التحركات السياسية والأمنية التي يعتبر بعضها من الأسرار الأمنية، التي يخشون تزويد عربي بها ولو كان نائباً في الكنيست، 4-البيت اليهودي برئاسة "نفتالي بينت"، وهذا حزب عنصري بل فاشي، يعتبر حزب المستوطنين، ويعارض في إقامة دولة فلسطينية، بل ويعارض التنازل عن سنتمتر واحدة من أراضي الضفة الغربية لصالح الفلسطينيين، 5-يوجد مستقبل، برئاسة "يائير لبيد"، وهو حزب وسطي اجتماعي مستقل، يعمل من أجل رفع مستوى حياة الإسرائيليين، وتحسين الأوضاع الاقتصادية بشكل عام، ويؤيد حل القضية الفلسطينية، وما يطلق عليه بحل الدولتين، 6-شاس برئاسة "آرييه درعي" وهو حزب اتحاد الشرقيين، حزب متدين، يهتم بأوضاع الأحياء الفقيرة، ويعارض تجنيد اليهود المتدينين في الجيش الإسرائيليين، يعارض الانسحاب من القدس الشرقية، أما بالنسبة لحل القضية الفلسطينية، فإنه يسير ويركب الموجة واتجاهات الأغلبية في إسرائيل، 7-يهدوت هتوراة برئاسة "يعقوب ليتسمان"، فإن هذا الحزب يمثل المتدينين الاشكناز، ويركز اهتماماته باليهود المتدينين، ويعارض تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي، 8-"كلنا" برئاسة "موشيه كحلون"، وهو من أصل ليبي، كان عضواً بارزاً في حزب الليكود، انفصل عنه واستقال من الكنيست في مطلع عام 2014، وشكل حزباً جديداً يركز اهتماماته في خدمة الطبقات المتوسطة والفقيرة، وموضوع السكن الذي ارتفعت أسعاره في السنة الأخيرة بنسبة "55%"، أما موقفه من السلام فغير واضح، ومن حل القضية الفلسطينية، دون تفاصيل، 9-ميرتس برئاسة "زهافا غلأون"، وهو حزب صهيوني يساري، يعمل من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ومع أن حجم هذا الحزب متواضع من حيث عدد نوابه في الكنيست، إلا أنه أفضل حزب صهيوني بالنسبة للفلسطينيين، 10-ياحد الشعب معنا، برئاسة "إيلي يشاي، الذي انشق عن حزب شاس على خلفية رئاسة الحزب مع آرييه درعي، ولا يختلف عن شاس إجمالا، إلا أنه يفوقه تطرفاً، هذا الحزب يتأرجح ما بين تجاوز نسبة الحسم "3.25"، أو لايتجاوزها وأن لا يحصل على مقاعد، 11-إسرائيل بيتنا، برئاسة "أفيغدور ليبرمان" الذي يعتمد على أصوات المهاجرين الروس، هذا الحزب المنخرط بالفساد والرشوات، حيث تجري تحقيقات مع قادة هذا الحزب، أما من الناحية السياسية، فإن "ليبرمان" يطالب بنقل سكان المثلث من داخل الخط الأخضر إلى الدولة الفلسطينية العتيدة، وهو يصف النواب العرب بالطابور الخامس، ولا يريد رؤية نواب عرب في الكنيست.
لماذا القائمة العربية الموحدة
في أعقاب رفع نسبة الحسم من 3.25% كان ذلك سبباً رئيسياً في توحيد القوائم العربية بقائمة واحدة، إذ أن بقاءهم كما كان في الماضي، فإن أحداً منهم لن يتجاوز نسبة الحسم، والحقيقة أن هذا الاندماج جاء متأخراً، إذا أن رغبة المواطنين داخل الخط الأخضر، كانوا منذ سنوات تواقون لهذا الاندماج، وقد يكون انخفاض نسبة المصوتين من بينهم في الماضي، لهذا السبب، فهناك قضايا كثيرة تعترض المواطنين العرب داخل الخط الأخضر، أهمها التمييز العنصري، ومصادرة الأراضي، والاعتراف بهم كأقلية قومية، وليس تهديدهم بمشروع قانون يهودية الدولة، كخطوة لتجريدهم من حقوقهم المدنية، والمطالبة بمساواتهم في الموازنات، وفي تطوير قراهم، والقائمة طويلة، لكن المؤسف، أن قائمتين عربيتين تقدمتا للانتخابات وهي تعلم أن لا حظوظ لها بتجاوز نسبة الحسم، بل هدفها إضاعة الأصوات، إذ أن نائبين سابقين في الكنيست يقودان هاتين القائمتين لعدم ضمهما إلى القائمة الموحدة، مفضلين مصلحتهم الذاتية على المصلحة العامة.
وخلاصة القول، هناك معسكران في هذه الانتخابات، المعسكر اليميني، ومعسكر الوسط واليسار، وهناك مجموعة من الأحزاب الصغيرة التي لم تحدد موقفها مع أياً من المعسكرين ستعطي تأييدها لتشكيل الحكومة، وأن جميع الاحتمالات واردة، وأن الفضائح الأخيرة حسب تقرير مراقب الدولة بالنسبة لـ"نتنياهو" وزوجته، والتبذير في مصاريف منزل "نتنياهو" الرسمي، وحسب جريدة "هآرتس 22-2-2015"، فإن لـ "نتنياهو" منازل شخصية تبلغ قيمتها (34) مليون شيكل، إضافة إلى تقرير الفقر والغلاء، وتقرير الفشل في تخفيض أسعار المنازل، وإهدار المال العام، واتهام "نتنياهو" بالفشل السياسي وفي إدارة البلاد، يضاف إلى ذلك، الخطاب الذي سيلقيه هذه الأيام، أمام الكونغرس الأميركي، الذي قد يستغله في إسرائيل، لكسب أصوات الناخبين، فإن هذه الأمور، وقضايا وفضائح أخرى تسود المعركة الانتخابية، قد تحدث تغييراً إلى جانب هذا المعسكر أو ذاك، ولا بد من الانتظار إلى أسبوعين قادمين وتكشف صناديق الاقتراع النتائج.
بقلم/ غازي السعدي