في قضية يعتبرها نتنياهو ذات صلة مباشرة بأمن اسرائيل وتهديد وجودها ودورها في المنطقة كشرطي ,كشرطي وحاكم لها،قضية الملف النووي الإيراني،وما يجري من اتفاق امريكي- أوروبي غربي حوله،اتفاق لا يتضمن تفكيك أي منشأة نووية ايرانية او التطرق لسلاحها الإستراتيجي الصواريخ بعيدة المدى،وإن كان البعض يعتبر ذهاب نتنياهو الى هناك والإصرار على إذلال اوباما في عقر داره،نوعاً من الدعاية الإنتخابية،إلا ان هذا يؤكد على مدى قوة اللوبي الصهيوني في امريكا وسيطرته على مفاصل الدولة الرئيسية الاقتصاد والمال والإعلام والسياسة الخارجية الأمريكية،فرغم كل المقاطعة من النواب الديمقراطيين والحديث عن ما قد يلحقه خطاب نتنياهو من ضرر وتدهور مزعوم في العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية،وانه نوع من اللغو الفارغ وانه لم يأتي بفكرة جديدة،او خطة بديلة واضحة،وهو مجرد "هرج"و"طق" حكي بدون أفعال،ولكن ما حدث في "الكابيتول" المقر الرسمي الذي تحاك وتوجه في كل المؤامرات وتتخذ فيه القرارات،من اجل النهب والسرقة ودعم الإرهاب والتآمر على الشعوب والعبث بمصيرها ومقدراتها،يثبت وبشكل قاطع أن المصالح الإسرائيلية تتقدم على المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بالذات في المنطقة العربية على وجه الخصوص،ونحن شاهدنا كيف تصرف نتنياهو وكانه هو الزعيم الفعلي لأمريكا،فهو يحاضر بأعضاء الكونغرس الأمريكي كانهم أبناء حزبه،بل لعلهم أكثر تشدداً وتطرفاً من نتنياهو نفسه فيما يخص الحقوق العربية والفلسطينية،فقد صفقوا وقطعوا خطابه بالتصفيق (25) مرة،وبدا أنه المرشد الروحي للأمريكان كما هو حال ولي الفقيه في ايران مع فارق التشبيه...نتنياهو أذل أوباما رغم كل الثناء عليه والقول بأنه الرئيس الأمريكي الأكثر إخلاصاً ووفاءاً والتزاماً بأمن ومصلحة اسرائيل ووجودها،هذا ال"اوباما" الذي القى خطابه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وفي شهر حزيران (2009) من على منصة جامعة القاهرة في مصر،خرج علينا القادة العرب،دعاة "الواقعية" و"العقلانية"،وبالمعنى الأصح والأوضح الإنهزامية والمنهارين منهم،وبطانيتهم من المرتزقة والمتسلقين إعلاميون،سياسيون،مثقفون ،الكتاب ومنظرون بالقول وبلغة العاجزين التبريرية،بأن العلاقات العربية – الأمريكية ستشهد تطوراً كبيراً وإيجابياً لمصلحة العرب والقضية الفلسطينية،وذهب البعض الى هو أبعد من ذلك للقول بأن أصوله الأفريقية وجده المسلم،ستجعله أقرب للعرب من اسرائيل،وكأن الصفات الجسمانية والشكلية،هي التي ستحدد فعله وممارساته وسلوكه،وليس مصالح واهداف الطبقة و"الكارتيل" الإحتكاري الذي أوصله لسدة الحكم.
وشيئاً فشيئا بدأت تضح الصورة حيث الوعود التي قطعها بإقامة دولة فلسطينية في ولايته الأولى تبخرت،وكذلك في الولاية الثانية،وبدا في نهجه وسلوكه وتصرفاته على يمين نتنياهو وأقرب الى "ليبرمان".
نتنياهو الذي الذي بدا في خطابه عند الإشارة الى الخطر الإيراني على دول الجوار العربية "مسلم سنيط،يعنيه مصلحة السعودية وباقي مشيخات النفط والكاز العربية،و"مرشد روحي" للأمريكان،وهو يلقي خطابه امام "كونغرسهم"،من حيث شرح مخاطر إمتلاك ايران للسلاح النووي،وتوقيع اتفاق معها،لا يدمر البنى التحتية للمنشأت النووية الإيرانية،وفوق كل ذلك،أي توقع لإتفاق مع ايران يجب أن يتضمن،على حد زعمه وقف دعم ايران لقوى الإرهاب في العالم،ووقف التهديدات بتدمير وإبادة دولة الإحتلال الإسرائيلي،ووقف إعتداءاتها بحق الدول المجاورة.
أمريكا دولة ومؤسسات تتعامل مع العرب ب"دونية سياسية"،لأنهم تعودوا وقولبوا انفسهم على الخنوع والذل والإستحداء،رغم ان الإقتصاد الأمريكي منتعش بأموال وتريليونات العرب المستثمرة عندهم والمخزنة في بنوكهم،والإقتصاد الإسرائيلي منتعش بأموال الأمريكان،مفارقة مخزية لكل العربان،ولكن لا يستحقون سوى الركل،فامريكا تعتبر كل ما يدفعونه من اموال لها ،او تنهبها لقاء الحماية او بيع اسلحة وبضائع لهم،هي نوع من "الجزية" السياسية يجب عليهم دفعها عن طيب خاطر.
كيف لا وامريكا صفعتهم مليون مرة؟؟،ويكفي التذكير بما يسمى بالمبادرة العربية للسلام المقرة في قمة بيروت/2002،والتي صاغها الكاتب الأمريكي "توماس فريدمان" والتي أصبحت تعرف بمبادرة الراحل الأمير عبدالله،قبل ان يصبح ملكاً للسعودية،والتي وافقت عليها أمريكا والعرب،وبقيت اسرائيل ترفضها والعرب يرحلونها من قمة الى أخرى ويهبطون في سقفها،حتى تقبلها اسرائيل،دون ان يتحركوا جدياً هم وأصدقائهم الأمريكان لفرض تطبيقها على اسرائيل،فهم عجزة ومنهارين،وامريكا خاضعة للوبي الصهيوني.
نتنياهو لم يصفع فقط اوباما،بل وجه صفعة لكل العرب المنهارين والمستجدين وأصحاب ثقافة الإستنعاج،هؤلاء العربان الذين اجزم الآن بانهم سيخرجون علينا،هم وبطانيتهم من المرتزقة والمنتفعين كتاباً وصحافيين وإعلاميين ومثقفين ورديحة ومطبلين ومزمرين،بأن العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية ستشهد حالة من الإنهيار،ويجب دعم الإدارة الأمريكية في وجه نتنياهو،سيكتبون التحليلات الصحفية وسيقيمون الندوات واللقاءات المتلفزة،وسيعقدون المحاضرات حول التدهور والتردي المزعوم للعلاقات بين إدارة أوباما ونتنياهو،وربما يصبح اوباما واحداً من أكثر الرؤوساء الأمريكان صداقة للعرب ودعماً لحقوقهم في نهج وعرف العربان المنهارة والمستنعجة قياداتها.
ألم يحن الوقت لتلك القيادات العربية ان تزيل الغشاوة عن عيونها،وترى الأمور على حقيقتها،بأن أمريكا ستبقى عدوة العرب الأولى وستبقى ترى الأمور في عيون إسرائيلية،ما داموا هم يقبلون دور"الدوني" في العلاقة مع الأمريكان،ولا يجرؤون على رفع صوتهم،او إستخدام اموالهم المنهوبة كسلاح تهديد ضد امريكا وسياستها المنحازة بالمطلق لإسرائيل؟؟في كل ما يتصل بالصراع العربي- الإسرائيلي.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
4/3/2015
0524533879
[email protected]