قصة قصيرة بعنوان : الأكذوبة الكبرى ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

كانت دوما تنشر على صفحتها على الفيس بوك كلامات ٍ ظاهرها الصفاء كبياض الثلج.. تعج رائحتها بالعشق والهوى ،والحنين والاغتراب ،لكن الحقيقة أن تلك الكلمات لم تكن تحمل بين ثنايا رقتها المزيفة إلا جيفة و سموما ....و الهدف الحقيقي من ذلك هو أنها ..تتفنن كغيرها في انتقاء الحروف الجذابة التي هي بمثابة طعم لاصطياد للمساكين والغرقى من ذوي الإعاقات العاطفية الذين يتهافتون حولها ،والذين لديهم عقدة النقص ..أولئك الذين يحلمون بما اتبعوا حتى صار الحلم واقعا قاسيا ..بعدما أدمنوا كلماتها ..وفي أحد الأيام كتب أحد الكتّاب مقالا وصل صداه إلى صفحتها ..استفززت كلمات الكاتب كل جوانحها ..فكان وجهها يحمر خجلا ..كلما أعادت قراءة ذات المقال ..تُرى لأنه يفضح أسلوبها الانتهازي ، ويعري شذوذها المبني على استدراج الآخرين ،والعبث بمشاعرهم ..كم تُصيبها نشوة ،وغبطة كلما رد بالتعليق أحدٌ على ماتنشره،لأنها بذلك تضيف لرصيد الضحايا الذين يسقطون بدوائرها الرهيبة رقما قياسيا جديدا ..وقد نست على غفلة ٍ بأنها متزوجة ، وكأن لازوج لها ،ولا أولاد .. إلا أنها نسيت أو تناست أن الرباط المقدس عندما يفسخه أحد الأزواج بأي انحراف كان..حينها تصبح الحياة الزوجية كلها مهددة وهنة.. كبيوت العنكبوت أو أشد وهنا،وتكون عرضة للضياع في مهب الريح .. هي تشعر بان عقدة النقص تحركها تارة برضا أو بقبول منها ، وتارة أخرى تشعر أنها تنجرف بقدميها نحو السقوط رغما عنها ..عقدة النقص تلاحقها ككابوس ٍ مزعج مخيف ، وكأنها أسيرة ..مقيدة عليها الانصياع دوما لذلك الكابوس ..وبدلا من الاستفادة من المقالات التي تعالج جرحها الغائر ،وتقوي إرادتها إلا أنها على الفور قد اختارت.. حذف الصداقة بينها وبين ذاك الكاتب الجريء الذي دوما يستغل قلمه في معالجة الكثير من القضايا المجتمعية ،وهي على قناعة بحذف كل المقالات التي تشعر بأنها تهددها.. ظنا منها أنها بتلك الخطوات الهلامية أنها قد حققت انتصارا ضد سيف الكلمات المسلط فوق رقبتها ..مسكينة هي تلك المرأة لأنها لا تعرف أن الذين تُحرك غرائزهم العاطفية اليوم سيكتشفون يوما ما .. بأنهم لم يتهافتوا عليها .. إلا كالذباب على أكوام القمامة ..وان برميل العسل الذي قد اغترفوا منه ..ما هو إلا أكذوبة كبرى ..!!

 بقلم /حامد أبوعمرة