الحراك الدبلوماسي تجاه دمشق..

بقلم: نعيم إبراهيم

إشارة رئيس الدبلوماسية السورية وليد المعلم خلال عرض سياسي أمام الحكومة إلى وجود حراك شعبي وسياسي في الغرب لإعادة العلاقات مع سورية، لم تأت من عبث. إذ لطالما كانت دمشق هي المنطلق والمنتهى في استقرار المنطقة وعاملاً مهماً في العلاقات الإقليمية والدولية، ولهذا أيضاً كانت صرخة رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف بـ«إلا سورية».

قراءة مسار الحرب العدوانية المستمرة ضد سورية والتي تدخل عامها الخامس منتصف الشهر الجاري، تدلل على أن إخفاق الغرب ومعه العدو الصهيوني في إركاع الدولة السورية، نتيجة صمود الشعب السوري وجيشه وقيادته، هو الذي أدى إلى وجود الحراك المذكور.

لهذا فإن الربيع العربي الحقيقي بدأ يزهر الآن في دمشق وسوف تصل نسماته محملة ببذرات الطلع إلى عواصم العرب والعالم ليكون التلقيح الطبيعي الذي ينتج ثمارا غير مشوهة ينسكب منها شهد الحرية والديمقراطية والتعددية في الانتصار على المشروع الامبريالي الصهيوني الرجعي.

فالغرب أدرك أخيراً ضرورة البحث عن حلّ سياسي للأزمة السورية، ومن أجل المساهمة في الوصول إلى هذا الحل بات يحتاج إلى تحليل دقيق وعن كثب. في هذا السياق يندرج الحراك الدبلوماسي الذي تشهده دمشق هذه الأيام حيث زيارات الوفود الفرنسية والأميركية والتركية والألمانية وغيرها سرا وعلانية كلها تثبت أن الذي تغير هي العواصم الغربية وليس دمشق.

لذلك تعالت الأصوات الداعية إلى إعادة الاتصال مع دمشق. والسواد الأعظم من الذين عادوا سورية يقولون اليوم ما قاله المبعوث الدولي دي ميتسورا بأن الرئيس بشار الأسد طرف في التسوية السياسية وجزء من الحل.

نعم إن حقيقة ما يجري هو تحول براغماتي في الموقف الغربي تجاه الأزمة السورية وبداية لمقاربة جديدة، على الذين لا يزالون يراهنون على موت سورية قراءة هذا التحول ومعه المقاربة الجديدة لأن أربع سنوات من الإرهاب الجديد القديم (تدميرا وقتلا وتشريدا وسرقة لمقدرات وخيرات الوطن السوري) لم توصل هؤلاء إلى مبتغاهم رغم التفافهم على المطالب المحقة في الإصلاح والتغيير التي ينشدها السوريون كما هي شعوب وأمم الأرض حيث الفساد في كل مكان وحيث الخير والشر ضدان لا يلتقيان منذ الأزل وإلى أن يقضي اللـه أمرا كان مفعولا.

رغم مكابرة بعض الرسميات في الغرب وعدد من الدول العربية والإقليمية في عدم الاعتراف بهزيمة مخطط إسقاط الدولة السورية وحرف سورية عن دورها الوطني والقومي وعلى الصعيدين القومي والدولي فإن مجرد الصمود السوري على مدار أربع سنوات من مؤامرة الربيع العربي وقبلها مواجهة المشروع الصهيوني خلال أكثر من ستة عقود من الزمن، تأكيد راسخ على صحة الجهة الحقيقية للبوصلة السورية شاء من شاء وأبى من أبى.

أما جامعة الدول العربية التي تعقد قمة عادية جديدة أواخر شهر آذار الجاري في القاهرة، فينبغي عليها أن تلتقط إشارة الحراك الشعبي والرسمي في الغرب لإعادة العلاقات مع سورية، في سياقها الصحيح وتبادر منذ الآن لتصحيح مسارها وتجمع العرب ولا تفرقهم. والعرب دون سورية كم مهمل، والسنوات الأربع العجاف الأخيرة من عمر هذا البيت العربي (جامعة الدول العربية) أكدت من جديد أن الرهان على الدول الاستعمارية في جلب الحرية والديمقراطية والتنمية لا طائل منه لأن المراد أن تكون هذه الاقانيم على مقاسات الدول المذكورة ليس إلا.

و إذا عقدت القمة العربية العتيدة من دون سورية فإن ربيعا عربيا كما يريده المواطن العربي يجب أن يبدأ ولا ينتهي إلا ببيت عربي جديد يحمل لواء تحرير الأرض والإنسان وتحقيق التنمية والتقدم المنشودين.

من المعيب أن يفتخر العرب بشيء لم يصنعوه هم وعليهم أن ينظروا حولهم ويقرؤوا بتمعن ودراية ما يجري من تحولات واستدارات ستفضي حتما إلى عودة مبكرة لجادة الصواب والاعتراف علنا بالدور السوري المحوري في المنطقة والعالم، وهو ما يؤسس لنظام دولي جديد كما تشتهي دمشق ومحورها المقاوم من فلسطين إلى طهران وموسكو وكاراكاس وصولاً إلى بيجين.

بقلم/ نعيم إبراهيم