لم تكن المرأة الفلسطينية غائبة عن ساحات النضال الفلسطيني في معركة استعادة الأرض والوطن، فقد أدركت مبكراً أن حريتها واستقلالها، لا يمكن أن يتحققا إلاّ بخلاصها من الاحتلال، وبتحرير وطنها من المحتل، ولهذا فقد اندفعت إلى ساحات النضال، بشجاعة غير مبالية.
فشاركت بفاعلية في النضال الوطني عبر التاريخ الفلسطيني، فكانت المرأة الفلسطينية الأم المثالية والمناضلة المميزة والقائدة الفذة، قدمت الشهيدة والأسيرة والمبعدة ، والمحررة .
وكانت شادية أبو غزالة أول شهيدة فلسطينية استشهدت في تشرين ثاني 1968م، كما كانت فاطمة برناوي أول مناضلة فلسطينية يتم اعتقالها في تشرين ثاني 1967م ودلال المغربي التي استشهدت في 11 مارس 1978م خلال عملية فدائية، كما لا ننسى المناضلة ليلى خالد التي شاركت في خطف طائرة تابعة لشركة العال الصهيونية في 28 أغسطس 1969م .
وتعرضت النساء الفلسطينيات إلى الاعتقال وزج بالآلاف منهن في غياهب السجون على مدار سنين الاحتلال، ليتعرضن لأبشع أنواع التنكيل و التعذيب أثناء الاعتقال، على يد الجنود ، حيث الضرب والضغط النفسي والتفتيش العاري والتهديد بالاغتصاب والعزل الانفرادي، والاعتداء من قبل السجينات الجنائيات الإسرائيليات اللواتي تعمدت الإدارة إلى وضعهن في نفس أقسام الأسيرات الفلسطينيات
ولم تترك المرأة ميدان ألا وكان لها الحضور الساطع فسقطت العديد من الشهيدات طوال فترات الاحتلال سواء كان ذلك برصاص مباشر من جنود الاحتلال والذين لا يأبهون بقتل النساء، أو عن طريق الغاز الخانق المسيل للدموع أثناء تواجدهن في ساحات المواجهة، أو على الحواجز وهن في طريقهن الى الوضع , كما أن المستشفيات لا تخلو من النساء الجريحات من كل الفئات العمرية.
نتذكر وفاء إدريس (28 عاماً) ونتذكر دارين أبو عيشة (24 عاماً) ونتذكر آيات الأخرس (18 عاماً). ونتذكر عندليب طقاطقة (23 عاماً). ونتذكر هبة ضراغمة (19عاماً) ونتذكر هنادي جرادات (28 عاماً) ونتذكر كذلك ريم الرياشي (28 عاماً).
ولقد لعبت المرأة الفلسطينية دورا مهما في الجانب الإعلامي والصحفي في إبراز وإظهار الوحشية والقمع اللذين يتعامل بهما جنود الاحتلال الإسرائيلي واستخدام الأسلحة الحية في مواجهة أطفال الحجارة، ونقلت لنا وكالات الأنباء.مشاهدة لمئات النسوة وهن يعترضن الجنود لدي محاولتهم اعتقال أحد الشبان، كما كانت الصحفيات الفلسطينيات من أوائل الذين قدموا تقارير تليفزيونية حول المجازر التي ارتكبها جنود العدو الصهيوني .
أما الدور المهم الذي تمارسه المرأة الفلسطينية داخل البيت، فهو تربية جيل فريد من الأطفال رجال الغد الحر بناة الوطن الحلم هذه التربية النضالية الوطنية التي تربي عليها الأم الفلسطينية أطفالها تتضمن جوانب عديدة من التعبئة الوطنية والدينية والتي تمزج ما بين حب الله وحب الوطن والذي هو جزء من عقيدتنا التي يوصينا بها ديننا الحنيف
على مدار سنوات الصراع الطويلة مع إسرائيل، دخلت السجون الإسرائيلية أكثر من 15.000 امرأة وشابة فلسطينية، ولم تميز إسرائيل بين كبيرة في السن أو قاصرة وقد حدثت أكبر عملية اعتقالات بحق النساء الفلسطينيات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م؛ إذ وصل عدد حالات الاعتقال في صفوف النساء إلى 3000 أسيرة فلسطينية. وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت عام 2000م؛ وصل عدد حالات الاعتقال بحق النساء الفلسطينيات إلى ما يقارب 900 امرأة.لا يكفي المقال هنا للحديث عن تاريخ نضال المرأة الفلسطينية وإنما هي ومضات نضالية للمرأة الفلسطينية في يوم المرأة العالمي.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم على ساحتنا الفلسطينية وبعد فشل كل المحاولات الذكورية في أنهاء ملف من أصعب الملفات التي تواجه شعبنا وهو الانقسام لماذا هذا الغياب والتغييب لهذا الركن المهم والاساس من أركان مجتمعنا والذي تضرر بشكل مباشر من الاثار التي نتجت عن الانقسام وخاصة هي الأم التي تجمع بشكل يومي وعلى مائدة واحدة وتحت سقف واحد مكونات المجتمع السياسي الفلسطيني وترعى الجميع بحب وعطاء دون تميز ومحاباة .
أما آن الأوان لكي تتحرك المرأة الفلسطينية لتأخذ دورها الذي كانت ومازالت على الدوام هي من تنتزعه ولا تنتظر من أحد أن يمنحه أليها ؟
لا أحد ينكر بعض المحاولات والارهاصات التي قمن بها بعض الناشطات الفلسطينيات لتعبير عن رفضهن لما وصلنا أليه سواء في الميادين والساحات العامة أو في المجلس التشريعي والقمع الذي تعرضن له من بعض من يرغب في مصادرة دورهن الذي بات مطلوبا اليوم أكثر من أي وقت أخر .في ظل كل تلك المحاولات الفاشلة التي مارسها البعض
فالمرأة قادرة على ان تكون عضو فعال في ملف المصالحة بالاتفاق أولاً مع النساء أنفسهن من قبل . قيادات فلسطينية نسوية من جميع الفصائل و القوى الوطنية و الاسلامية و قيادات المجتمع المدني يجب إشراك النساء في اللجان الفاعلة علي الأرض لتعميق عملية المصالحة، وأن تلعب مؤسسات المجتمع المدني دوراً توعوياً في كافة المناطق من أجل تعميق التوجه نحو المصالحة الوطنية والمصالحة المجتمعية.
أثبتت المرأة انها جديرة بان تكون لها مشاركة فعلية و مؤثرة في عملية المصالحة ومن رأيي لو أشركت المرأة من البداية في حوارات المصالحة لكان هناك تغيير و تقارب في وجهات النظر للفصائل الفلسطينية وما بقينا ندور في تلك الحلقة المفرغة.
نبيل عبد الرؤوف البطراوي
7/3/2015