ما بعد الانتخابات

بقلم: أسامه الفرا

عاد الجدل حول الانتخابات من جديد، وبغض النظر عن الموقف الرسمي للفصائل الفلسطينية منها، ومدى مصداقية التصريحات الإعلامية الصادرة عنها، وهل بالفعل ترغب الفصائل في إجراء الانتخابات أم أن دعواتها تأتي ضمن تكتيك المناورة؟، لكن باعتقادي أن الأهم من ذلك الذي يحتاج إلى تفحص دقيق، هل فعلا الانتخابات تشكل مخرجا للأزمة الداخلية الفلسطينية؟، وهل باستطاعتها أن تطوي صفحة الانقسام وتؤسس لمرحلة فلسطينية جديدة تودع فيها التجاذبات والمناكفات الحزبية؟

لعل الإجابة تتطلب منا أولا أن نحدد ما الذي نريده من الانتخابات؟، هل نرغب في انتخابات تفرز نتائجها أغلبية تمسك بسدة الحكم وتتولى مقاليد الأمور، واقلية تلتزم بمقاعد المعارضة وتعمل ضمن الهامش الذي تسمح به قواعد المعارضة، وإن كان هذا ما نسعى إليه من وراء إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، فهل حقا الفصائل الفلسطينية على استعداد للتسليم بذلك؟، بمعنى هل ستقوم حركة حماس بتسليم الأمور صغيرها وكبيرها في قطاع غزة لحركة فتح إن فازت الأخيرة بالانتخابات، وهل ستفعل حركة فتح الشيء ذاته بمقاليد الأمور في الضفة إن حققت حركة حماس فوزا في الانتخابات المقبلة؟، وما الذي باستطاعتنا فعله إن رفضت الأقلية الالتزام بذلك بعد الانتخابات؟ أم أننا نرغب في انتخابات تفضي إلى شراكة سياسية، وإن سلمت الفصائل ضمنا بهذا الهدف، فهل نملك تعريفا محددا لمفهوم الشراكة السياسية، أم أننا سندخل في دوامة التعريف ونبقى نراوح مكاننا، ألا تتطلب الشراكة السياسية التوافق على برنامج وطني موحد يحترم الجميع أدبياته؟، وإن كنا نرغب حقا في شراكة سياسية بما تعنيه الكلمة فهل علينا أن نتفق على محددات البرنامج الوطني قبل الانتخابات أم ننتظر أن تفصح صناديق الانتخابات عن نتائجها بما يفسح المجال للأغلبية أن تتغول في فرض رؤيتها؟

والأهم من ذلك كله هل سنذهب إلى انتخابات دولة استنادا على اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين دولة غير عضو، أم سنكتفي بانتخابات تشريعية ورئاسية على نمط الانتخابات السابقة المحكومة باتفاق أوسلو؟، وهل نملك تحديد طبيعة الانتخابات المقبلة في الوقت الذي نقر جميعا بقدرة حكومة الاحتلال على تعطيلها خاصة ما يتعلق منها بمدينة القدس؟، ما البدائل التي يمكن لنا اللجوء إليها إن أقدمت حكومة الاحتلال على منع سكان القدس من المشاركة فيها؟، وأخيرا ألا يتطلب إجراء الانتخابات التشريعية تعديلا في القانون يتماشى مع ما تم الاتفاق عليه في القاهرة؟

وإن قدر لنا تجاوز تلك المعيقات فهل حقا باستطاعتنا تنظيم الانتخابات المتعلقة بالمجلس الوطني في الشتات الفلسطيني؟ وإن عجزنا عن تنظيمها فهل نمتلك رؤية واضحة متفق عليها لاختيار ممثلي الشتات في المجلس الوطني؟.

قد يرى البعض في الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني مخرجا من ورطة الانقسام، وكل ما نخشاه أن تزيد الانتخابات من تعقيدات الانقسام خاصة في ظل الضبابية التي تخيم على مرحلة ما بعد الانتخابات.

بقلم/ د. أسامة الفرا