ليأكل البحر اولادكم

بقلم: احسان الجمل

الموت المتنقل، هو الحالة التي باتت ترافق الفلسطيني، وخاصة الذي يعيش في الشتات، فهو ضحية سياسة وضع البلد المضيف، وضحية قيادة سياسية تدعي التمثيل، ولا تتحمل المسؤولية تجاهه. فأضحى الفلسطيني هو المغامر في الصعاب، والمقامر بحياته واطفاله.

قد نجد الكثير من المبررات لهجرة الفلسطيني، في صيرورة نكباته المتتالية، وتجد القيادة مبررات اكثر لهروبها من مسؤولياتها، ووسط هذا وذاك الضيحة هم اللاجئون. الذي تاهوا في ادغال الغابات، وتحت شمس الصحراء الملتهبة، وفي اعماق البحر المبتلع لاجسادهم، مانعا اكرامهم في دفنهم.

قرأت العديد من البيانات والمواقف، المليئة بايجاد المبررات والدوافع للهجرة، والاعذار عن عدم القدرة على ايجاد الحلول في ظل الوضع القائم. تتكلم القيادة وكأنها من كوكب اخر، او بيئة مختلفة، او طرف محايد. هنا سأسأل سؤالا مباشرا، لماذا لا يحصل مع اولادكم، ما يحصل مع اولادنا؟؟؟. لماذا على اولادنا ان يلفوا العالم بكل مطباته، ليصلوا الى حلم قد لا يتحقق ودونه الموت، ولماذا اولادكم يحصلون على التأشيرات المباشرة، مع سفر بالدرجة الاولى.

هل بعد، هناك مجال؟، لنغرس في قناعاتنا، انكم الممثل الشرعي لنا، والانكي عندما نقول الوحيد!!!! اتجول بين لبنان وسوريا، والتقي لاجئين، الجواب الاول لديهم، ودون اي عناء بالتفكير، هو عدم الشعور بوجود هذا الممثل الشرعي والوحيد، ارسلوا كشافاتكم الى المخيمات، لينقلوا لكم الصورة الاوضح، اذا كان هناك من يخدعكم، ويقول ان الامور تمام.

ماذا بإمكانكم ان تقولوا لعائلات المفقودين، الذين فوق مصيبتهم، لن يروا جثث احبتهم، وستتحول الى جيف تأكلها كائنات البحر، او تغزوها صقور الجو. وانتم لم يعد بإمكانكم حتى دخول بيوت عزاؤهم.

ما زال هناك متسع من الوقت، لان تعودوا الى دوركم الطبيعي، او فلتعتقونا من نير تمثيلكم، فنحن لدينا ما يكفي، من يستطيع ان يخرج من تحت رماد مأساتنا ومعاناتنا، ووجعنا، لانه جزء منها، وهو الاحق والاقدر والاجدر، ان يمثلنا ويدافع عن شعبنا، الذي وجد نفسه بلا مظلة. لانكم اضحيت مشكلتنا وليس حلنا.

هنا لا استثني احدا، من ادعوا الشرعية، او من يتربصون ليكونوا بديلا عن المنظمة، فأنتم سبب العلة، منذ ارتضيتم ان تقودوا انقسام الوضع الفلسطيني، ونجحتم في ادارته لسنوات، كرست وجودكم رغم انتهاء الصلاحية، تطالبون بالانتخابات، متبادلين التهم بالعرقلة امامنا، وانتم متفقون على ادارة الانقسام، وكل يقدم اوراق اعتماده للعدو بطريقته التي تناسبه. والشعب هو الضحية.

باسم الشعب كما استشهد به الخالد الرئيس الشهيد ياسر عرفات، والذي اوصى بنا خيرا في الشتات، وهو في لحظاته الاخيرة. اذا لم تكونوا خير راع وتستمرون في تخليكم عن مسؤولياتكم تجاه الشعب، فإن الشعب سيلفظكم، كما ستلفظ امواج البحر جثث اولادنا الى شواطئ المجهول.

باسم مخيماتنا، التي غزاها الانقسام، وغيابكم الذي ترك مساحات واسعة من الفراغ، احتلها غيركم، وكادت تضيع المخيمات واهلها، سنعمل على حماية شعبنا في مخيماتنا، ونحفظهم برموش عيوننا، وسنسهر على راحتهم، وامنهم، واستقرارهم، وسنبحث معهم عن لقمة عيش كريمة، تحفظ ما تبقى، او ما ابقيتم عليه. وسندعو ان يأكل البحر اولادكم واموالكم وكل ما يتبع لكم.

احسان الجمل

مدير المكتب الصحفي الفلسطيني