رحلة عذاب يعيشها المواطن الفلسطيني متعددة الأطراف ومختلفة الأوجه , عظام واجساد تمزّقت بين رحى الخلافات الفلسطينية الفلسطينية وطائرات الأحتلال الغاصب ودبّاباته ناهيك عن المعاناة اليومية في التنقل هنا وهناك بين اروقة المدن الفلسطينيّة ومخيماتها بالضفة الغربية ورحلة العذاب المركّبة والاكثر خطورة والأشد عذابا في قطاعنا الحبيب من حيث تعدد المعاناة اليوميّة لدى المواطن الغزّي صراعات العيش اليومي والمتعددة الجوانب ومعاناة الحصار اليومي والبقاء القاتل خلف قضبان اسوار القطاع , البحر من أمامكم والعدو خلفكم والحاكم القابع على صدوركم ...
يوميات تعوّد الفلسطيني الغزي على لعق مرارتها بمتعة الميّت قبل أن ينطق الشهادة , يبدو أنّه استصاغ حياة العلقم المغمّس بحلاوة البقاء وعذوبة الإنتماء , يوميّات اختلفت معالمها كاختلاف متغيرات الطقس , حروب صهيونيّة وصراعات داخلية متعددة عاشها وما زال يعيشها ابناء تلك القطعة من الارض السليبة وتجرّع مرارتها , لكننا اليوم لا نريد الحديث عن تلك المعاناة اليومية والتي يعلم الجميع نتاجاتها لأنها أصبحت عادة من عادات المواطن اليومية تعايش معها وألفها وألفته عذابات العلاج وعذابات الحصول على لقمة العيش وانقطاع الكهرباء وعذابات الحاكم على المحكوم , حماس تعيش اليوم عذابات القهر على حساب المواطن البسيط , يبدو أن هذا الشعب المكلوم في القطاع المنكوب باحتلالين وربما أكثر فحماس اليوم باتت تتعامل مع المناضل أو المواطن بالعصى الغليظة الخالية من أي معنى للجزرة في برنامجها اليومي ...
في هذا التاريخ المميز الثالث عشر من مارس والذي كان من المفروض والواجب ان يكون يومأ للجريح أُسوة بيوم الاسير ويوم الشهيد , اليوم فقط اريد الحديث واستذكر معكم بعض عذابات مخلفات الحروب ونتاجاتها المتعددة لهذا القطاع الحبيب ألا وهم الجرحى الذين باتت حياتهم هياكل على هياكل وأجساد تنقصها الكرامة قبل الجراح فالكرامة اليوم باتت مفقودة لدى الجريح من خلال المعاناة والإذلال والإهانة اليومية والتخلّف المتواصل في علاجات هؤلاء والنقص المتعمّد للمواد الطبية والتخلف والإستهتار الطبي في المستشفيات والإضطهاد الممنهج لمن هو خارج إطار الحركة الحمساوية أو حتى بعض افرادها ....
اليوم يعيش هؤلاء الجرحى براءة الاطفال وعذابات الكبار , اليوم أصبح اطفالنا الجرحى بيادق يتلاعب بها ساسة الأمر الواقع وقلّة الإمكانات وصعوبة الحياة جميعها توحّدت ضد هذا الطفل الجريح .. ذاك الطفل مَنْ كان يحلم ذات يوم حلمه الكبير في ذاك العمر الصغير , الحلم الذي رحل بعيداً بلا عودة واصبح الجريح بين ليلة وضحاها عالة على معيل هو في الاصل يريد الإعانة ربما كان هو الاخر جريحا او فقيرا او راحل في حرب أكلت الأخضر واليابس وتاه الجسد الحر بين علامات الأنتصارات المزيفة ....
تذكرت كلمات للراحل الياسر واهتمامه المميّز بموضوع الجرحى وعاينت ذلك بنفسي منذ لبنان وواجتياح بيروت الى يوم استشهاده كانت كلمته المعروفة للجريح أنّ الأولوية للحياة الكريمة والأولوية للعلاج وتقديراً منه لتضحياته تجاه وطنه ودفع فاتورة حروب متتالية ضد عدو متغطرس , اصدر مرسومه الخاص بالجرحى والذي اُعتبر من خلاله يوم الثالث عشر من مارس يوم الجريح الفلسطيني مثله مثل يوم الأسير ويوم اللاجئ ويوم الشهيد فكلاهما أبطال بطرق مختلفة والمجرم واحد ....
يبدو ان قوانين الجرحى تاهت بين غياهب أدراج ساسة الأمر الواقع وايضا فرضيات الأمر الواقع الجديد على الاساليب المطروحة لعلاج هؤلاء .. بحثت قليلا عن تلك الاحتفالية المنسية بيوم الأسير في واقعنا الفلسطيني فلم اجد سوى بعض اجتهادات فيسبوكية من رجال أرادت أن ترفع ولو قليلا راية الظلم المسلّط على عاتق هؤلاء .. اما بالنسبة للمواقع الاخبارية فالبعض منها كانت له الاسبقية المحتشمة وبعناوين خلف العناوين أمّا النشرات اليومية الفلسطينية تفرغت جميعها للمناكفات الداخلية بامتياز وانبرت أقلام هؤلاء كسكاكين جزّار متعطش لدماء الذبائح موجهة كسهم حارق خارق متفجر الى وجوه بعضهم الابعض وتُرك الجريح وحيداً يصارع الحاجة والألم والعذاب بلا اعلام ولا وزارة ولا مسؤول يبحث او يكابد بعض الجهد لاستذكار هؤلاء الأبطال ...
تناسى ساسة هذا الوطن أو اشغلتهم مناكفات الحاضر جرحى الماضي .. تناسَوا ان قضية الجرحى قضية وطنيّة بامتياز مثلها مثل الاسرى والشهداء جميعها متساوية وتناسى ايضا ان تسليط الضوء على بعض قضاياهم واجب وطني موحّد لا يختلف عليه اثنان ولكن يبدو أننا أصبحنا نختلف مع أنفسنا على أنفسنا وتركنا الجريح عن طواعية وطيب خاطر عالة على نفسه قبل ان يصبح عالة على الآخرين , يعيش واقعه وحيداً ...
صرخة أَلم وصرخة نجدة لهؤلاء المنسيين فهل من مجيب وهل تعود راية الجريح مرفوعة عالية مثلها مثل راية الشهيد والأسير ...
العزّة للوطن والشفاء للجرحى والحرية للأسرى والمجد والخلود لشهداءنا الأبرار
الكاتب عطية ابوسعده / ابوحمدي