لما قرأتُ مانشيت عريض عبر أحد وسائل الإعلام لأحد الأفلام الفلسطينية الشائعة الذكر ، والتي قد تصل لترشيحات الأوسكار العالمية دفعني الفضول للإطلاع على ذاك الفيلم ،قلت في قرارة نفسي أكيد أن الفيلم ..له فكرة ومعنى ويجسد أصالة وتاريخ لشعب ٍ عانى الويلات ..والاضطهاد.. والعنصرية بأبشع معانيها .. أكيد انه فيلم يحاكي الواقع الفلسطيني القاسي ما بين جبروت الاحتلال الإسرائيلي ، وتغطرسه وانتهاكاته سواء أكان ذلك في أحياء القدس أو كافة مناطق الضفة ..أوأنه فيلم ينقل صورة طبيعية عن الخراب الكبير، الذي أحل بقطاع غزة ،وعن الشهداء الذين ارتقوا والمصابين والجرحى إثر الحروب والمجازر الماراثونية المؤلمة، والتي يشنها العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة المحاصر من كل جانب ، والأعزل من السلاح مقارنة بالعدو المدجج بالدبدبات ،والمدفعية ،والطائرات، والبوارج الحربية ..لكن المفاجأة لم يكن الفيلم أبدا هكذا بل كانت فكرته المحورية ،و التي كنت اطلعت عليها ..مدعاة لاستفزازي وإثارتي حيث..تدور قصة الفيلم والتي تسيء بالدرجة الأولى لكل فلسطيني حر، يحمل هموم قضية شعبه وعاشق لتراب وطنه ..فالفيلم محور قصته والذي هو بعنوان " عمرOmar " يدور حول عامل مخبزة يدعى عمر،وهو شابا وسيما يعرض حياته للخطر بصورة يومية عندما يجازف بحياته،ويكون هدفا سهلا للقناصة الإسرائيلية عند محاولته عبور الجدار الفاصل ،وكل هذا ليس لأنه أي البطل الهمام " عمر " أنه يخطط لعملية تفجيرية كبيرة تستهدف دورية إسرائيلية .. أو منشأة عسكرية حساسة وخطيرة فلا هذه ولا تلك ..بل لمجرد لقاء حبيبته والتي تدعى " نادية"..ويعتقل ذاك البطل العاشق من أجل الحب والهوى ..من أجل نزوة عابرة يفتش عنها في جسد أنثى أي أنثى ،وليس كما يدعي سيناريو الفيلم الذي يضلل المساكين والبسطاء في بلاد العُرب أوطاني.. فيزعم أن الأمور تنقلب حينما يعتقل العاشق المناضل من أجل الحرية خلال مواجهة عنيفة مع جنود الاحتلال، تؤدي به إلى الاستجواب والقمع , ويعرض الجانب الإسرائيلي على "عمر" العمل معه مقابل حريته، فيبقى البطل ممزَّقاً بين الحياة والرجولة..هو فيلما إباحيا مقنن لا يمت للواقع الفلسطيني بشيء بداية من أفيشات الفيلم الساخنة ،والتي تخدش حياء أي أسرة ملتزمة لها عاداتها وتقاليدها ..خاصة في مجتمعنا الفلسطيني ..وكأننا حققنا كل الانتصارات وقد حررنا المسجد الأقصى ، وحررنا جميع الأسرى البواسل الذين يقبعون خلف جدران السجون الإسرائيلية ،وكأننا حررنا أرضنا وطردنا المحتل ،ولم يبقى لنا.. سوى العشق ..والغرام والقبلات ..!! عموما برأيي المتواضع جدا .. أن الفيلم صورة متكررة لفيلم فلسطيني آخر تم عرضه من قبل .. وكان حدثاً كبيراً حين عُرض للمرة الأولى في دورة العام 1987 من مهرجان «كان» السينمائي ..ولو كان الفيلم يمس طرف الفضيلة لما تم منعه من العرض في جميع البلدان العربية وكذلك هنا أي عمر هذا الذي يتحدثون عنه ..وهل الواقع الفلسطيني حصريا هو فقط " عمر ونادية "..إني أشم رائحة الماسونية ، وأشك بأنها هي التي تقوم بتمويل مثل هذا الفن الرخيص الساقط ..وإلا من أين لمنتج الفيلم تمويل الفيلم بمبلغ يقارب 1.5دولار ،أليس الأفضل هو التبرع بمثل هذي المبالغ لمؤسسات خيرية تدعم المنكوبين والمعذبين في الأرض فكم من عمر ..وكم من نادية يحتاجون لمثل تلك الأموال لبناء مستقبل حياتهم ..؟!! لكن الأموال التي تكلفها الفيلم لم تُسخّر سوى من أجل تشويه صورة الإنسان الفلسطيني الثائر ،وتشبيهه بأنه مجرد حيوان جائع يلهث وراء غرائزه العاطفية ..ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه ..هو لما تم اختيار اسم "عمر" عنوانا لهذا الفيلم ،وأين الدراما المزعومة هنا ..والى متى تبقى الواجهة الفنية الفلسطينية ،مشوة ومطموسة المعالم حين تطل على العالم ويتحكم في نشرها كالغسيل العفن من هم عبيد المال وأولئك المدسوسين ..وأين دور النقاد الفلسطينيين من مثل تلك الأفلام ..الآن فقط أيقنت لما فاز الروائي الشهير نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب في عام 1988..!!
بقلم /حامد أبوعمرة