محاكمة دحلان آخر غزوات عباس من أجل السلطة والمال

بقلم: محمد أبو مهادي

أصبح واضحاً أن الإنتخابات الإسرائيلية ستلقي بظلالها على الحالة السياسية الفلسطينية والأوضاع الداخلية الفتحاوية والوطنية، فبعد إطلالة شبح إعادة إنتخاب "نتياهو" على رأس أكبر كتلة برلمانية إسرائيلية ستباشر بتشكيل حكومة مع اليمين واليمين العنصري المتطرف، قرر محمود عباس أن يقوم بآخر غزواته لتأجيج الساحة الفلسطينية بخلاف جديد عبر بوابة القضاء الفلسطيني الذي أصدر حكماً يوافق على نزع الحصانة البرلمانية عن النائب في المجلس التشريعي محمد دحلان، بعد أن فشل عباس في حصار دحلان وحسر نفوذه سواء داخل حركة فتح أو على مستوى علاقاته العربية والدولية كأبرز مرشح معارض لزعامة النظام السياسي الفلسطيني في حال أجريت الإنتخابات الرئاسية والتشريعية.

هذا القرار القضائي هدفه الأساس قطع الطريق على إمكانية تقدم النائب دحلان للترشح في أي إنتخابات فلسطينية قادمة إذا ما جرى تنظيمها، في نفس الوقت يهدف لزيادة حالة التشتت التي تعيشها حركة فتح بما يكفل إنشغالها بالوضع الداخلي وعدم الإلتفات لسلسة لا متناهية من الإخفاقات السياسية والإقتصادية خاضها عباس وتكاد أن تجهز على أشلاء النظام السياسي الفلسطيني.

المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق عباس بعد الفوز المشرف للقائمة العربية في فلسطين المحتلة عام 1948 كانت تقتضي السير في إتجاه تصالحي وحدوي، يمكّن الفلسطينيين جميعاً من مواجهة حكومة التطرف الإسرائيلية القادمة المحمّلة ببرنامج الإستيطان ورفض حلّ الدولتين وغيرها من سياسات لا تبيّت خيراً للشعب الفلسطيني، وتقتضي إعلان من محمود عباس بالإنصياع لقرارات المجلس المركزي الفلسطيني بوقف التنسيق الأمني مع الإحتلال والتوجه لتنفيذ فوري لإتفاق المصالحة مع حماس وكل مكونات الحركة الوطنية بدل من خلق المزيد من عوامل التوتير والشرذمة التي قام بتنميتها منذ أن جاءت به الأقدار رئيساً للسلطة حتى الآن.

يبدوا أن الرجل لا يدرك خطورة ما يعبث به من أجل البقاء في السلطة وحصد الثروة والمال، فهو يغمض عينه عن كل ما يجري من أذى ودمار سياسي وإقتصادي لحق بالشعب الفلسطيني، ويهرب من مسؤولياته الوطنية لتغطية عجزه بإشغالات فهمها المجتمع الفلسطيني ويتوقعها وصبر عليها إلى حين زوبعة لن تمنعها عصابات الأمن التي ينفق عليها وعلى تدريبها موازنات ضخمة على حساب كل قطاعات الإنتاج الوطني، وعلى حساب الأغلبية الفقيرة والمهمشة من أبناء الشعب.

قرار محكمة العدل العليا وضع حد لجدل الرهان على عقلنة عباس، ووضع الجميع أمام مواجهة لن تنتهي برحيل عباس وحسب، بل نحو تطهير كل الحالة الشاذة التي علقت بالنظام السياسي الفلسطيني وحرفته عن مسار التحرر والإستقلال إلى مسار البزنس والإستثمار وتعزيز التبعية الإقتصادية للإحتلال، مواجهة قادمة لا غنى عنها في سبيل تصويب كل الحالة السياسية الفلسطينية ووضع حد لروابط القرى الجدد.

بقلم/ محمد أبو مهادي