قليلة هي المناسبات التي يكون الكتاب هو الحاضر في فعالياتنا الكثيرة، دوماً ما تكون الخطابة المكون الأساس فيها، ودوماً ما تطيح بلغة الحوار والنقاش الموضوعي جانباً، والغالب أننا لا ننقل بخطابنا رؤية مبنية على معطيات تلامس واقعنا وقدراتنا بقدر ما نستحضر فيه مفردات نقحمها في الموضوع حتى وإن ابتعدت بمعناها عن جوهره.
لا أعرف كيف تسللت دعوة لحضور حفل التوقيع على كتاب بين دعوات لا تتقاطع مع أي منها، حرصت على تلبيتها لعدة اعتبارات، أولها أن الكاتب "د. سامي الأخرس" صديق مجتهد عكف على الكتابة بعيداً عن أجواء المناكفة المثقل بها الوطن، وثانياً أن الكتابين أحدهما يتناول قصة حياة الرفيق والصديق محمود الغرباوي الذي رحل عنا، القيادي في الجبهة الشعبية صاحب التجربة الواسعة في العمل التنظيمي سواء داخل الأسر أو خارجه، فيما الكتاب الثاني يتناول مقتطفات من حياة المناضلة الرفيقة فيروز عرفة، دوماً ما نكتب عن التجربة بعد رحيل بطلها، لكن الكتابة عن تجربة فيروز عرفة جاءت في حياتها، وهو ما يضفي على التجربة المزيد من المصداقية.
حفل التوقيع على الكتابين تم تنظيمه في قاعة الهلال الأحمر بحضور لفيف من قيادات الجبهة الشعبية، كأن الكتاب هو الآخر بحاجة إلى حاضنة تنظيمية، فهل إضطر التنظيم لأن يقوم بهذه المهمة في ظل تراجع المؤسسات الثقافية عن القيام بدورها؟.
كم عدد الفرق العسكرية التي يملكها البابا؟، لعل السؤال الهزلي الذي طرحه ستالين يطرح أمامنا التساؤل من جديد وإن حمل مضموناً مغايراً، كم عدد الكتب التي قامت بطباعتها وزارة الثقافة في حكوماتنا المتعاقبة؟، وكم عدد الكتب التي أشرفت على ترجمتها؟، وكم هي الأنشطة الثقافية التي احتضنتها؟، وأين هي مفوضيات التعبئة الفكرية والثقافية من هذا؟. ألا يزخر تاريخنا بتجارب لقادة تمثل إرثاً لا بد أن تطلع عليه الأجيال الشابة؟، فمن لا يتعلم من تجاربه أولاً يفقد القدرة على التعلم من تجارب الآخرين.
بقلم/ د. أسامة الفرا