منذ زمن وفكرة اتمام المصالحة الفلسطينية تائه بين المد والجزر وتقاذفها الامواج العاتية من التصريحات والتلميحات والمؤتمرات الصحفية وكأن المجتمع والقضية تعيشان في حالة استرخاء كلينيكي أو استجمام بعد تحقيق كل الاحلام الوطنية التي يناضل شعبنا من أجلها منذ النكبة الى اليوم .
فمنذ اتفاق القاهرة وما تلاه في الدوحة وغزة وتلك الجولات والنزهات التفاوضية التي مارسها القاصي والداني تبرز لنا بعد كل أتفاق اشكاليات بحاجة الى أتفاق وكأن السادة القادة العظام حطوا على هذا الشعب من السماء ومعهم تفويض رباني والشعب الذي يدعون قيادة اليوم قاصر لا يمكن العودة أليه وأخذ رأيه في الظروف التي يمر بها ,ولكن في حقيقة الامر المفقود في كل الاتفاقات هو غير المكتوب وهو فقدان الثقة بين الفريقين وفقدان الرغبة في ترك المواقع والمكاسب التي تمتعوا بها خلال مرحلة الانقسام .
والسؤال المطروح لماذا لا يرغب (القادة العظام )التعلم من العدو قبل الصديق فمنذ ايام مضت جرت انتخابات في دولة الاحتلال وقد تم حل الكنيست بعد خلافات في الحكومة وعادوا الى شعبهم ليحدد ويجدد خيارته واصطف الصهاينة خلف تيار يميني صهيوني متطرف يكن الكثير من الحقد لقضيتنا وشعبنا والبعض المريض منا يغازله بعروض هزيلة يستبدل من خلالها مشروع التحرر الوطني بمشروع الرغيف والكهرباء وفك الحصار والبعض الاخر يحاول اسعاف مشروع طال زمان انتظار ثماره دون جدوى ,دون الايمان القاطع من قبل الطرفين بالعودة الى الشعب لماذا ؟
على الرغم من التجربة الجميلة الرائعة التي جسدها أهلنا في فلسطين المحتلة التي اراد البعض اخراجهم من الكنيست بوضع قانون الحسم فكان ردهم بالوحدة التي أفشلت مخططاتهم فهل نتعلم ؟بل هل يتعلم قادتنا ؟لماذا نجح هؤلاء لأنهم جميعا أمنوا بأنهم في مهب الريح لو استمروا في حالة التكلس خلف الافكار والخلافات والمصالح الفردية والشخصية والجهوية .
والتجربة الفاشلة الشاخصة أمام أعين الجميع هي تجربة لبنان وحالة الشلل التي تعيشها مؤسساته السيادية مجلس النواب والحكومة ومؤسسة الرئاسة التي منذ زمن بلا رئيس وتقاذفها مصالح دولة وانظمة لا تتمنى الخير لشعب لبنان .
والسؤال اليوم المطروح لو تم فعلا وجدلا التصديق بأن ما قام اطراف الانقسام ومؤمنين به تم تنفيذه بحذافيره ودون نقصان هل من الممكن ان يسلم الطرفان بالعودة الى الشعب ؟
والسؤال الثاني هل لو جرت الانتخابات وكانت بأشراف أطراف ضامنة عربية ودولية وخرجت النتائج هل سيقوم الجميع منهم بالتسليم بتلك النتائج وترك المواقع أم ستخرج لنا تأويلات وطروحات وتشكيكات وكأن الشعب مريض ولا يحق له أن يقرر ؟؟
وهنا لا بد من الحديث بصراحة ووضوح بأن الاشكالية ليست في المشاكل الظاهرة على السطح بقدر ما هي اشكالية عدم الايمان من قبل البعض بالحياة الديمقراطية وغياب مبدأ المحاسبة والشفافية في الادارة ,كذلك إشكالية وجود حكومة داخل حكومة وأمن داخل أمن وقوة داخل قوة فلا يعقل أن تكون حكومة تحكم وتكون تحت رحمة قوى عسكرية وأمنية خارجة عن سيطرتها ,ولا يعقل أن تكون حكومة وتكون مسلوبة الارادة في أدارة الشأن العام ,ولا يعقل أن تكون حكومة وحينما تريد أن تتنقل بين أرجاء الوطن تريد أن تأخذ موافقات وتفاهمات وغيره ولا يعقل ان تكون حكومة ويراد لها أن تكون لعبة في يد فلان أو علان .
من هنا كان يجب أن تكون الحكومة ليست حكومة وفاق ولكن حكومة فصائل ولتزيد من حالة الفشل الذي نعيشه ولتزيد من حالة الحصار ولتصنع لنا مجموعة من الفضائيات لنزيد من قادة الردح وشن الحروب الكلامية والتصريحات الصاروخية على كل من يقف عقبة في طريق احلام العظام من القادة .
أن عملية رهن مشروعنا الوطني بورقة تقذفها لنا دولة من هنا ودولة من هناك ومن يعتقد بأن تلك الدول مؤسسات خيرية هو واهم ولا يمتلك أي من السمات الوطنية التي يجب أن يتسم بها القادة .
واخيرا أن نتائج الانتخابات الاسرائيلية وخيارات دولة الاحتلال وتصريحات رئيس وزرائه تفرض على الجميع العمل على الاصطفاف ونبذ كل الخلافات والوحدة الصادقة القائمة على الثقة وائتمان كل طرف منا للأخر والثقة بشعبنا والعودة أليه من أجل تجديد مؤسساته التي شاخت وتجديد قيادته التي هرمت وتخليص مجتمعنا من كل الشوائب التي حلت به في سنوات البعثرة ,فهل يحمل الوفد القادم الحل وهل من في الانتظار يؤمن بالحل ؟
نبيل عبد الرؤوف البطراوي
23-3-2015