لماذا ترفضون هدنة بين الإسرائيليين وسكان قطاع غزة لمدة خمس سنوات، بينما تحرصون على هدنة سارية المفعول في الضفة الغربية منذ عشر سنوات؟
لماذا تغضبون لوقف إطلاق النار في غزة، وتتهمون غزة بحماية حدود دولة اليهود، وتتهمون المقاومة بالعبثية، في الوقت الذي تمنعون فيه أي مقاومة في الضفة، بل وتمنعون التفكير النظري بالمقاومة؟
لماذا أنتم فرحون بمعابر الضفة الغربية على العالم الخارجي، وفرحون بتنقل عشرات ألاف العمال داخل المستوطنات في الضفة الغربية، وداخل إسرائيل نفسها، بينما ترفضون مجرد طرح فكرة فك الحصار عن غزة، وتحاربون تدخل قطر لإعمار ما هدمته الحرب، وتعترضون على أي جهة تعمل على فتح معابر غزة، وإنشاء ميناء أو مطار في غزة؟،
لماذا تفاوضون إسرائيل عشرات السنين بشكل عبثي، وتفاوضون إسرائيل دون أن تضعوا شرط فك الحصار عن غزة، وحين تسرب بعض حديث عن مفاوضات سرية بين غزة وإسرائيل لفك حصارها وفتح معابرها، غضبتم، وانتفخت فيكم عروق الشرف، وقامت ثورتكم، ونقحت عليكم وطنيتكم؟ لماذا يحق لكم التفاوض مع إسرائيل ولا يحق لغيركم؟
لماذا لا تغضبون من تواصل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، ولا تغضبون لتواصل اعتقال ألاف الأسرى، ولا تغضبون لاقتحام الجنود الإسرائيليين للمدن الفلسطينية؟ بينما تشتعل نخوتكم حين تطالبكم غزة بوقف التنسيق الأمني؟
لماذا تسمحون لدولة مثل سويسرا بأن تكون أكثر شفقة ورأفة منكم بموظفي غزة أيها المسئولون الفلسطينيون، فأعلتنم عن تأييد لمبادرة سويسرا لحل قضية الموظفين، في الوقت الذي أوجدتم فيه التمايز بين سكان غزة وسكان الضفة الغربية، فكانت قضية اسمها موظفي غزة؟
لماذا التففتم على المفاوض الفلسطيني في مدريد الدكتور حيدر عبد الشافي، وفاوضتم سراً على غزة وأريحا أولاً، وحين يفاوض غيركم على غزة أولاً، تثور ثائرتكم، وتتشنج وجوهكم؟
لماذا تفردتم بالقرار السياسي، ودستم بحذاء العناد والاستخفاف على رأس الإجماع الوطني، حتى مزقتم الوطن إلى ولاءات ومناطق جغرافية، وحين فكر غيركم في رفع رأسه من تحت إبط التسلط، غضبتم، وثورتم، وقررتم إرسال وفد الفصائل منظمة التحرير إلى غزة بعد تأخر عن موعده عدة أعوام، أو بعد تأخر شهرين كاملين انجلت خلالهما نتائج الانتخابات الإسرائيلية.
نحن الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وفي الشتات، نحن بحاجة إلى تهشيم رأس السياسة الفلسطينية التي ساقت قضيتنا الوطنية من فشل إلى فشل، ونحن الفلسطينيين لا مانع أن يكون تهشيم رأس السياسة بنفس الأدوات التي استعملتها القيادة في تهشيم قواعد العمل الوطني، وأهمها هو التفرد بالقرار، وعدم احترام رأي الآخر.
إننا نطالب قيادة المقاومة في غزة أن تخط نهجاً سياسياً مستقلاً عن قرار القيادة التاريخية، وأن تواصل لقاءاتها السرية والعلنية مع كل الأطراف العربية والإقليمية والدولية التي تسعى إلى فك الحصار عن غزة، وتسعى إلى التهدئة لخمس سنوات أو أكثر مع العدو الإسرائيلي، على أن تكون التهدئة مع غزة بداية العمل العسكري المقاوم على أرض الضفة الغربية، فلا بد أن يسترد جبل النار مكانته التاريخية من فلسطين، ولا بد أن يبرز جبل الخليل عملاقاً للمقاومة من جديد، ولا بد أن تشتعل مناطق الأغوار بالمقاومة المسلحة، ولا بد أن تتجلى جنين بمقاومتها في شمال الضفة الغربية التي ستظل قلعة مجد وكرامة.
واتركوا الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية يرد بطريقته الثورية على التهدئة مع غزة، اتركوا شباب الضفة الغربية يقاوم مغتصب أرضه على طريقته، وساعتئذٍ ستجدون غزة أقرب إلى الضفة الغربية من حبل الوريد، وستجدون المقاومة في غزة قد داست على اتفاقيات التهدئة، واشتعلت ناراً وغضباً وصورايخ مقاومة فوق المدن الإسرائيلية.
د. فايز أبو شمالة