صدمنا قبل ايام.. العنوان اعلاه وقد تعودنا علي عنوان اكثر بداهة يليق بقصة او قصيدة مثل فار في المصيدة.!! وكان ما تحت هذا الخبرالصدمة.. مقززا الى ابعد حد لفظا وصورة وحدثا مؤلما للنفس جدا لانه وقع في مركز من مراكز ايواء الغلابا التعساء المضحوك عليهم والمدمرة بيوتهم في قطاع غزة .. وقد شهد هذا المركز بالذات قبل اسابيع قضاء طفل حرقا ولا ادري هل كان ذلك مصادفة ام رسالة ذات معنى؟!!
اتجهت الانظار الى وكالة الغوث المشرفة والراعية والتي تبذل جهدا لافتا قدر امكاناتها ..وهذه بدورها استهجنت العمل واجرت على الفور تحقيقا جديا وسريعا في هكذا فضيحة تستهتر بأدمية من جارت عليهم نتائج تجارب الحلحلة العنترية والظروف القاسية من منخفضات جوية وسياسية في ظل خازوق اللا اعمار و حصارخانق يزداد سوءاعلى سوء ..!!
كتبت بوستا ساخرا عن المجدرة كاملة الدسم.....وانا لا اطيق رؤيتها(غدائي ذلك اليوم ) بالصدفة واتخيل جثة الفارالمنحوس امام عيني وهي تتجول في الطبق..!!
لجات الى القسماط والشاي.. وجلست طوال ليال افكر في هذا الامر وأنا اسائل نفسي هل هو اهمال يرقى الى مستوى الجريمة من المطبخ المكلف باعداد الوجبات ؟ .. واذا كان اهمالا.. فكيف وصل الفارالفدائي الى لفة القصديرالتي تحتوي على المجدرة ..؟
وهي لفة واحدة لحسن الحظ.. لكنها كانت كافية لان يمتنع كل الغلابا في المركز عن تناول هذا الدلفري المعتبر..!!
كنت اشعر ان الحكاية فيها ان .. وان هناك ماهو ابعد من الاهمال ...وان الفار وصل حيا او ميتا الى المجدرة بفعل فاعل .. ولكني لا املك الا شعورا ضاغطا لا يرقى الى دليل ..!!
بعد يومين فوجئت باتصال من صديق قديم يبلغني بان الاستاذ خليل الحلبي مدير المنطقة الشمالية لوكالة الغوث يريد مكالمتي.. رحبت بالصديق والزميل والمسئول الذي عملت معه.. عرفته ابن مخيم .. يتيما احترمت فيه عصاميته ..تخرجنا من مركز تدريب المعلمين برام الله ولطالما اختلفنا واتفقنا.. وكان هدفنا المشترك دائما طلابنا... وبعد التحيات والمجاملات كلمني الرجل عن (الفار في المجدرة) وقال انه بعد التحقيق في الموضوع تم ضبط مجموعة اشخاص منتفعين (مافيا صغيرة) اعترفوا بوضعهم للفار الميت في احدى الوجبات.. وذلك للتنفير من الوجبة الساخنة والاكتفاء بالمعلبات التي يشترونها من المستفيدين ويبيعونها باسعار مضاعفة تدر عليهم ارباحا ..!!
ذهلت من مستوى الحقارة والنذالة والقذارة التي قد ينحدر اليها البعض دون وازع من دين اوضمير..!!
فلا وعظ يجدي.. ولاتقوى تنفع.. ولا دعاء يستجاب ...!!
صحيح اننا في برزخ غزة نمر في وضع غاية في القسوة والفاقة 70% تحت خط الفقر و25% يتسكعون حوله بينما5 % فقط في جنات النعيم.. فوق ريح وابراجهم على شط البحر...!!
وصحيح ان الله ابتلانا بقادة وساسة من اكذب والعن البشر...!! لكن هذا وغيره لا يبرر الدرك الاخلاقي المنحط الذي وصلنا اليه..!!
وما يستفز جدا ان تجد من الخوابيرالمحللين من يبرر ما نمر به من غرائب وعجائب وحقارات وجرائم ويعلقها على مشجب الفقر والحصار والفاقة..!! وانا اعرف ان الفقير الا ما ندر..اعز نفسا واكرم خلقا..واصبر حاجة...!!
ومما يؤسف له ان يرتكب البعض جرائم ومخالفات بل وقد يدعي عاهة او عتها او جنونا للحصول على اعانة او مساعدة..!! دون وجه حق..قد يحرم منها من هو اجدر واحق..!!
ومما يلفت النظر ويبعث على الشك ان تجد في نعيم غزة اكثرمن20000حالة مابين اعاقة نفسية واعاقة جسدية... عدا عشرات الالاف من حالات الترملة والادمان....!!
اعرف رجلا..قطع اصبع قدمه لكي يحصل على تموين شهري لاسرته..ونجح في مسعاه ولكنه توكل بعد شهور بالغرغرينا و لم يكن يعلم انه مريض بالسكر..!!
اللهم انا نسالك العفو والعافية....ارحم شعبنا..واجبر كسرنا وهون علينا مصيبتنا وقلة حيلتنا وهواننا على انفسنا .. اللهم ااامين
بقلم/ توفيق الحاج