ما يلفت الانتباه اكثر من غيره فيما يتعلق بعاصفة الحزم، ليس فقط انتقال الموقف العربي من مربع الشجب والمناشدة الى مربع الفعل، والفعل ذاته لم ينتظر قرارا من جامعة الدول العربية بل جاء بمشاركة مجموعة من الدول العربية، سارعت البقية الى دعمه وتأييده، فيما التحفظ القليل عليها جاء بضغط من علاقات البعض مع ايران، بقدر ما كان الموقف الايراني الرافض والمندد بالعملية غير مفاجئ لأحد، بقدر ما كان الدعم العربي والدولي لعاصفة الحزم مفاجئا لها، وان كان موقف الدول الغربية متوقعا بما في ذلك الموقف التركي الا ان موقف باكستان المتقدم في دعم العملية جاء على غير المتوقع.
قد يبدو المشهد العام بانه يتجه نحو حلف سني في مواجهة الحلف الشيعي الذي تقوده ايران، ولعل نظرة تفحصية لطبيعة التحالف تكشف بشكل لا لبس فيه على ان التحالف بني على قاعدة المصالح وليس على قاعدة المذاهب كما يحاول البعض تصويره، والمصالح المتقاربة للدول العربية المشاركة في عاصفة الحزم هي التي دفعتها لعدم الانتظار، وهي ذاتها التي دفعت باكستان الى الذهاب بعيدا في دعم عاصفة الحزم حين اكدت انها لن تقف مكتوفة الايدي في حال كان هنالك تهديدٌ لامن السعودية، ولعل زيارة وزير الدفاع الباكستاني الى المملكة السعودية يأتي في هذا السياق، ولم يكن امام باكستان خيارات اخرى ان هي وضعت مصالحها ومصالح شعبها في تحديد موقفها، حيث الملايين من الباكستانيين يعملون في الدول الخليجية وتحديدا في المملكة السعودية.
ايران اكثر من غيرها باستطاعتها ان تبقي الامور في مسارها او ان تحرفه باتجاه صراع طائفي، منذ الثورة الايرانية التي اطاحت بنظام الشاه عملت ايران على التدخل في الشأن العربي، البداية كانت من خلال حزب الله في لبنان، لم يلبث ان انتقل الى العديد من الدول العربية، حيث اعلنت ضمها لجزر الامارات الثلاث، وتحريض الشيعة في دول الخليج وبخاصة في مملكة البحرين، ثم جاء التدخل الواسع لها في سوريا ومن بعدها العراق، وهي لم تخف يوما ما دعمها للحوثيين في اليمن، ناهيك عن التدخلات المستترة التي تقوم بها في دول عربية اخرى.
لا شك ان الصمت العربي حيال التدخل الايراني في شؤونه الداخلية هو الذي فتح الابواب على مصاريعها لايران، وحالة الاقتتال الداخلي في العديد من الدول العربية بجانب خلافاتها الكبيرة وفرت البيئة الخصبة لايران كي تنفذ من حديقة البيت العربي الى داخل ردهاته، وان مثل التدخل الايراني على مدار السنوات السابقة معضلة للدول العربية ذات العلاقة، الا ان الدعم الايراني لانقلاب الحوثيين في اليمن شكل تهديدا لدول الخليج العربي من الصعب الصمت عنه، وان كان من المستبعد ان تتدخل ايران بشكل مباشر في اليمن، خاصة في ظل التحالف العربي والقوة العربية المشتركة الوليدة، الا انها ستواصل دعمها للحوثيين وحلفائها في المنطقة.
لقد بات على ايران ان تعيد قراءة مشهد المنطقة من جديد، فلم يعد تدخلها في الشأن العربي يواجه بالصمت تارة وبالشجب والتنديد تارة اخرى، وان عليها ان تختار بين علاقات قوية مع المحيط العربي يعود بالنفع على الجميع، او ان تواصل سياستها في التدخل الفج في الشأن العربي والذي يمكن ان يذكي الصراع الطائفي ويلحق الضرر بالجميع.
اسامه الفرا