عاصفة الحزم واقع ومستقبل

بقلم: محمد أحمد ابو سعده

مقدمة:
تسعى السعودية لمشاركة دول خليجية وعربية في معركتها في اليمن ضد قيام نظام مرتبط بإيران،حوّل المعركة في اليمن من معركة سعودية ضد الحوثيين إلى معركة خليجية وعربية على أساس ان خطر تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة هو خطر على الأمن القومي الخليجي والعربي ، لذا جاءت مشاركة دول عربية هي (مصر والأردن والمغرب و السودان ) مع خمس من دول مجلس التعاون الخليجي في عمليات "عاصفة الحزم " العسكرية، لتؤكد قيام تحالف عربي عسكري وسياسي في المنطقة للتدخل لحماية أمن أي دولة عربية تطلب الحماية من أي مخاطر داخلية أو خارجية تهدد أمنها.
تسمية عملية عاصفة الحزم بهذا الاسم ؟؟ ودوافعها ؟؟
بعض المصادر السعودية قريبة الصلة من الأسرة الحاكمة، أكدت أن الاسم مستوحى من المقولة الشهيرة لمؤسس المملكة، عبدالعزيز آل سعود، والتي قال: "الحزم أبو العزم أبو الظفرات، والترك أبو الفرك أبو الحسرات". ولكن ما هي دوافع قيام الدول العربية بقيادة السعودية بتنفيذ العمليات العسكرية فى اليمن ؟؟
وهنا استطيع أن أقول بان هناك ثلاثة أسباب واضحة أدت إلى القيام بعملية "عاصفة الحزم" ، وهى :-
أولا :- تنامي النفوذ الإيراني جنوب الجزيرة العربية، حيث من المؤكد أن إيران ما زالت تقدم الدعم المالي والسياسي والإعلامي للحوثيين، كما أن مجرد حضورها في اليمن، يعتبر تطويقاً للسعودية بمحاصرتها من كل الاتجاهات، حيث تعمل إيران على السيطرة على جنوب الجزيرة العربية، لما لها من أهمية إستراتيجية كبرى.
ثانيا:- التأثير في العمق الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي، والتهديد الإيراني والحوثي المباشر بالعمل على السيطرة على مضيق باب المندب، ومن ثم تهديد حرية الملاحة في تلك البقعة الاستراتيجية.
ثالثا:- الخروج على بنود المبادرة الخليجية، حيث سيطر الحوثيون على السلطة بقوة السلاح، وهو ما خالف بنود المبادرة الخليجية التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
نجاحات سياسية أولية :
حققت السياسة الخارجية السعودية عدة انجازات سريعة ومفاجأة بنفس الوقت ، فعلى الرغم من مرور فترة زمنية قصيرة لتعيين الملك سليمان ملكا للمملكة العربية السعودية إلا أن بصماته وخططه الإستراتيجية ظهرت بوضوح ليس فقط من خلال اتخاذه القرار في تنفيذ عمليات عسكرية باليمن والتي تدخل في جولة من جوالات النزاع التاريخي مع إيران وإنما من خلال العديد من المفاجآت التي حققها وبوقت قصير أهمها :-
أولا:- التحول المفاجئ في موقف دولة السودان والتي انقلبت من دولة متحالفة مع إيران إلى دولة تشارك في التحالف الخليجي العربي، عائدة إلى حضنها العربي الطبيعي بعد سنوات من الاحتضان الإيراني له، ولاشك أن مشاركة السودان في التحالف الخليجي والعربي كانت إحدى مفاجآت عملية "درع الحزم " التي تقودها السعودية،لاسيما أن الرئيس السوداني عمر البشير لم يعلن مشاركة بلاده في التحالف، بل أعلن طرد جميع البعثات الإيرانية في السودان والتي تغلغلت ثقافيا واقتصاديا فيه.
ثانياً:- إعلان تركيا وعلى لسان رئيسها رجب طيب أردوغان تأييدها للتدخل العسكري السعودي والعربي في اليمن مؤكدا استعداد بلاده لتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي لعمليات "عاصفة الحزم " في اليمن، وفي هذا تطور إيجابي في التقارب التركي مع السعودية والدول العربية لاسيما الخليجية منها، وهذا التطور يؤكد أن محادثات الملك سلمان مع الرئيس طيب أردوغان التي جرت في الرياض قبل نحو شهر استعادت علاقات التفاهم والتنسيق مع تركيا.
ثالثاً :- مشاركة الباكستان في عمليات "درع الحزم " وذلك من خلالها قيامها بارسال نحو ثلاثة آلاف عسكري من قواتها الخاصة إلى جنوب غرب السعودية قبل بدء الحرب بثلاثة أيام وحينها قالت الرياض ان هؤلاء أتوا للمملكة للمشاركة في مناورات مع الجيش السعودي على عمليات القتال البري في الجبال.
ولاشك ان القوات الباكستانية وغيرها من قوات التحالف العربية التي أرسلت للسعودية ستكون مهمتها الأساسية المشاركة في حماية الحدود السعودية من احتمالات تسلل عسكري حوثي إليها وكذلك المشاركة في أي عمليات عسكرية ضاربة وخاطفة داخل اليمن .
تداعيات العملية العسكرية على المنطقة الإقليمية :
أولا: سوريا : من المرجح أن يقوم التحالف العربي بالعمل على حل الأزمة السورية عقب الانتهاء من "مهمة اليمن"، خصوصا وان المعارضة السورية التي وقفت ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد لمدة أربعة سنوات ومازالت قوية ، ومما يدلل على ذلك سيطرة المعارضة في سوريا على مدينة أدلب مؤخرا ، فمن الممكن أن تفكر دول التحالف بزيادة حجم الدعم المالي والعسكري المقدم للقوات المعارضة في سوريا من اجل إسقاط نظام بشار الأسد ، والذي قد يصيبه الوهن في حال استطاعت القوات العربية المشتركة في حسم معركة اليمن لصالحهم .
ثانيا : فلسطين : ستسعى دول الخليج باستيعاب حركة حماس لصالحها ، والعمل على قطع علاقة حركة حماس مع إيران ، كما فعلت السعودية بقطع العلاقات السودانية الإيرانية ، وقد تجد حماس نفسها بالفعل مجبره على ذلك في حال نجحت العملية العسكرية في اليمن ، وسقوط نظام بشار ، إلا أن حماس ستحاول الانتظار إلى الرمق الأخير للخروج بأحسن النتائج لها ، بمعنى أن لا تخسر الحركة إيران إلا إذا شعرت بان إيران لن تستطيع أن تقدم لها شيئا وأصبحت شبه عاجزة ، وكذلك إذا شعرت حماس بان الدول العربية ستقدم لها الدعم الكامل ويفتح لها الأبواب ، لأنه في حال نجح التحالف وتعنتت حماس فالعواقب على حماس وخيمة في ظل أوضاع صعبة تعيشها الحركة ومأساوية يعيشها سكان القطاع .
لبنان : أثارت "عاصفة الحزم" في اليمن، ردودا متباينة في لبنان، ففي حين أيدها تيار المستقبل وقوى 14 آذار، هاجم الأمين العام لحزب الله السعودية، واصفا عملياتها بالعدوان الذي سينتهي بهزيمتها ووضح الخلاف بوضوح في السياسة بين حزب الله وتيار المستقبل عندما تحدث حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله، بلغة حادة تجاه الأداء السعودي في المنطقة، ووصف عملية "عاصفة الحزم" بالعدوان. إلا أن الرد جاء سريعا من "سعد الحريري "رئيس تيار المستقبل، الذي اعتبر كلام نصرالله، عاصفة كراهية ضد دول الخليج ، وأرى في حال حسمت المعركة اليمنية لصالح التحالف الذي تقوده السعودية قد تندفع لبنان إلى ما هو أسوء " معارك داخلية " في لبنان خصوصا وان إيران لديها يد طويلة في لبنان متمثلة في حزب الله ، ولكن هنا يجب الإشارة أن حزب الله في وضع حرج بالجبهة السورية وليس عليه من السهل أن يدخل في نزاعات وخلافات داخلية .
ختاماً: أقول بان هذه المعركة المسماه "بعاصفة الحزم" لها من اسمها نصيب فهي حتما ستؤدى إلى ظهور ملامح جغرافية وسياسة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط ، بغض النظر عن نتيجة هذه المعركة سواء حسمت للتحالف العربي، أو لإيران وأتباعها .
بقلم :
محمد احمد أبو سعده
باحث مختص في الشرق الأوسط