الواضح أن اختيارهم لشقة صغيرة في الطابق الرابع لتكون مقراً لأنشطتهم فرضته عليهم القيمة الايجارية، حين قرروا أن يغادروا «حزب الكنبة» الذي فرضت الظروف عليهم الانتماء له، لم يكن أمامهم سوى الاعتماد على جهودهم الذاتية، نفقات القيمة الايجارية للمقر والأثاث المتواضع الذي يمكنهم من اطلاق نشاطهم تكفلوا بتوفيره بتبرعات منهم، جميعهم عاطلون عن العمل حيث عجزت شهاداتهم الجامعية عن فتح أبواب الوظائف المغلقة أمامهم وأمام الآلاف من أمثالهم، يعلمون أن طابور الخريجين العاطلين عن العمل يتمدد ببضع من الآلاف سنوياً، فيما نافذة الوظيفة التي يمر من خلالها البعض تكاد تكون موصدة.
رغم الظروف الصعبة التي تواجه الجيل الشاب، التي دفعت البعض منهم لركوب أمواج الهجرة بما فيها من مخاطر، فيما تراود الفكرة الكثير منهم بينما يحول اغلاق المعابر دون تنفيذها، فقد بات سبر غور الرحلة الى المجهول وما يكتنفها من غموض المستقبل هدفاً لهم، لكن من الواضح أن هؤلاء الشباب وجدوا في الاعتماد على ذاتهم والتمترس في الوطن منفذاً يمكن لهم من خلاله تحقيق القليل من طموحاتهم، النشاط الذي يعج به المقر، بشباب من كلا الجنسين التقوا حول ضرورة الاعتماد على الذات، يؤكد على عزيمة واصرار يتحلون بهما في مواجهة الصعوبات والعراقيل التي تقف حائلاً دون تحقيق طموحاتهم.
ان كان نشاطهم لا يتعلق بقدرة انتاجية، التي عادة ما تضع الدول خططها واستراتيجية عملها بما يكفل الاستفادة من طاقة الشباب لزيادة الانتاج، فالمؤكد أن مبادرتهم تتطلب الدعم والتشجيع ليس فقط على المستوى الفردي، بل من الضرورة أن تضع الحكومة برنامجاً لدعم المبادرات الشبابية في القطاعات المختلفة، فان كانت الحكومة عاجزة عن توفير فرص العمل للخريجين، وتكاد عجلة عملها تغوص في بند الرواتب وما ينتظره من تضخم مع دمج الموظفين، فان تخصيص الحكومة لميزانية ولو صغيرة لاحتضان المبادرات الشبابية يمكن له أن يخفف ولو قليلاً من وطأة البطالة وانعكاساتها على المجتمع.
بقلم/ د. أسامة الفرا