اسطورة الارهاب تأتي ميزاناً يفرض نفسه على الجهلاء بأقصى أنواع العقاب، فالارهاب جرثومة مرضية تصيب المجتمعات المتخلفة في فهم العلم بساحته المتعددة الى جانب عدم صقلها العلمي والإجتماعي والديني والثقافي بهذه العلوم، ومن أبرزها وأهمها " علم الأديان"، فمزاجية مجتمعاتنا وتهربها من مقصد الفكر الصحيح، فإنها بهذا تحتضن بذور الإرهاب دونما أي معرفةٍ أوعـلم، لتسقيه وتبقيه بحماها المتخلف الأحمق، إلى أن ينشأ ويكبر، وعندما يخرج ويتمرد عليها، ليس حباً بالتمرد، إنما لأنه لم يتفق معها في شيءٍ الا في صييغة الجهل، لـيبني على أنقاضها الأمجاد مستغلاً سلبيتها الأكبر، فتنادي لـتصرخ منتفظةً من أين أنت!!! من أنت؟؟؟، فيجيبها بوقاحةٍ وفخر، أنا من احتضنته وأبقيته بـحماكِ، أنا الطفل الخالي من البراءة والحب، أنا حاصد الدماء والأرواح، فإستقري برصاصةٍ أو ضربةِ خنجرٍ أو أي سـلاح، وترحمي لتكوني النعشَ في الصباح، فلن تجدي بعد اليوم لك في الأرض وقتاً مستراح..
مفهوم الإرهاب اليوم بات من أكثر المفاهيم تطلبا إلى التمحيص الفلسفي والتمحض العلمي والمساءلة النقدية، ذلك أن الدعوات التي أخذت تتعالى بضرورة إشاعة وإنعاش الفكر النقدي لدى الأوساط الجماهيرية العريضة، بغية تقويض أشكال التفكير المتطرفة والمولدة لجملة الأفعال المصنفة إرهابية، لم تشمل دعواتها هذه إعمال المساءلة النقدية لمفهوم الإرهاب نفسه، بل انطلقت منه كمسلمة مسكوت عن ماهيتها الحقيقية. ولعل أنجع ما يمكن أن نستهل به مساءلتنا النقدية لهذا المفهوم خاصة بالشكل الذي باتت تلوك به وسائل الإعلام هو أن الأمور تعرف بخواتمها..
فمن الواضح أن تربة اجتماعية كهذه خصبة ومطيعة لاستنبات مثل هذه الخلايا أو التنظيمات، والتي إما أن تزيد من تعليق الآمال على حلول وهمية، أو أن تزيد من لبس الواقع وبالتالي خلط الحابل بالنابل ( مقاومة بـ إرهاب )، وفي كلا الحالتين إحداث استجابة عكسية بدفع الناس إلى مزيد من العزوف ومزيد من تطليق الحياة السياسية نفوراً أو انتظاراً واهماً..
جــهـل أمــتنـا هو عـنوانٌ من عـناوين الـــخراب، فلا شيء يـعلوا فـوق صـوت الــحكمة والــعقــل، أولادنــا بـاتت تحتضن الشوارع تتـصارع مع وهـم الــتراب، حـياتـهم أضــحت سـرابـاً بــسراب، والمنقذ فيها لايـرحم قـد أدمن لـعبة الــحطاب، أبــواقٌ وأفــواهٌ لا تفقه تُـحدثُـنا بـلـغة الـخطاب، مابـال شـكوانـا بـاتت مُـذلـةً تـلقى في الأعــتاب، لـنربط مـصيرنـا بـنهايةٍ تـدخل بـوابـة الإرهـــاب، فلا إرهـــاب أقوى من الـــجهـل ، ولا إمـكان لـدفـعه عنا الا بالــعـقـل،فلما تـرانـا نمشي مـهلاً على مـــهـل، دائماً نتـوه بهذا المسلسل الممزق في السهل، حيث الـفكرةُ تـقارع مضادها الـــكـهـل..
وبقي ان أؤكـد في الختام على العلاقة الجدلية بين بحث السلطة الاستبدادية عن ذريعة تتنصل بموجبها من مسؤولياتها الحقيقية، عن طريق فرض حالة الاستثناء و ظهورها في نفس الوقت بمظهر الحريص على الحفاظ على الأمن والاستقرار من جهة، و تزايد أعداد المتقدمين على مثل هذه الأعمال معتقدين وهماً أنهم يقاومون في حين إنما يسدون أكبر خدمة لخصمهم من جهة آخرى، فالإرهاب هو تفاعل الشرعنة الجدلي بين تدرع النظم السياسية في استبدادها وكبت الحريات في التعبير عن الرأي بعنف الجماعات المتطرفة وإحتكار الأموال بفئةٍ معينة ، وعنف الجماعات المتطرفة المرتد على نفسه، وهو مايخدم بشكل فعال تطويق النضال السياسي الحقيقي.
الإعلامي والأديب وســـام محمد طـيارة