ومضات: سعيد الحظ… سيء الحظ!

بقلم: صبري صيدم

جود لك جوناثن إسم لمع في عالم السياسة أكثر فأكثر عام 2010 عندما وصل إلى رأس السلطة في نيجيريا متسلحا بجو جماهيري عام أراد الانتهاء من مراحل الانقلابات العسكرية والأحكام العرفية والتراجع المريع لاقتصاد إحدى أغنى الدول النفطية في العالم. لكن السيد "سعيد الحظ" لم يلبث وأن غرق في عالم الفساد والإفساد وعالم مؤلم من التفرقة الطائفية والتمزق العرقي وظهور التشدد الديني والتطهير العرقي وعلاقات مشبوهة مع أناس بمستوى نتينياهو بحيث وصلت حدود العلاقة إلى المقامرة السياسية بالموقف التقليدي الداعم لفلسطين بامتناع نيجيريا عن دعم مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن نهاية العام المنصرم.
السقوط المزري لجود لك جوناثن هو نقطة مشرقة في تاريخ نيجيريا خاصة وأن هذا السقوط يعتبر ثورة على مفاهيم التفرقة والاقتتال الداخلي وحرب واضحة على الفساد الذي سبق وأن وعد "سعيد الحظ" بمحاربته. انتصار غريمه السياسي محمدو بخاري بفارق نوعي في عدد الأصوات وصل إلى 2 مليون صوت وعودته إلى كرسي السلطة من جديد ليشكل بارقة أمل كبيرة أمام شعب أنهكته الصراعات الداخلية والانقلابات العسكرية والفقر والتخلف وسوء إدارة المال والسلطة وتحول نيجيريا من أكبر مصدر للبترول في إفريقيا إلى المصدر الأول لمحاولات النصب الإلكترونية في العالم.
إذا "سعيد الحظ" بات "سيء الحظ" اليوم بعد أن اقتلعه محمدو بخاري من عرش الرئاسة عبر انتخابات ديمقراطية جاءت بنتيجة صادمة للجميع، سيما وأن الحزب الحاكم الذي يقوده جوناثن لم يسبق له في تاريخ نيجيريا أن هزم بالانتخابات. نعم أن تهزم المعارضة الحزب الحاكم عبر هذه الانتخابات شكل ثورة كبيرة في دولة النفط الإفريقي.
انتصار محمدو هو عودة لجنرال سابق جاء إلى السلطة بفعل الانقلاب العسكري عام 1983 وطرد منها بفعل انقلاب عسكري آخر أطاح به عام 1985. وعليه فإن رجل الانقلاب السابق يحقق اليوم انقلابا سياسيا نوعيا في نيجيريا بعد أن ساهم جوناثن كل مقومات التخريب فأصبحت نيجيريا الداعمة تقليدية لقضايا المسحوقين إلى دولة مساندة للظلم والاحتلال الذي تقوده تل أبيب.
لذا فإن محمدو وبعد أن تمكن من تحسين صورته الشخصية بعدما أبعد قسرا عن الحكم مدة 30 عاما يعود إلى بلد منكوب تسوده الطائفية والقتل العرقي ونهب الموارد وتعزيز الجريمة في الفضاء الإلكتروني وخلق سلسلة كارثية من القرارات التي ساهمت في تعزيز انهيار نيجيريا.
إذا انتهى عصر "سعيد الحظ" بعد أن أصبح حاضر نيجيريا "سيئ الحظ" اليوم وأسدل بذلك الستار على صفحة محزنة من صفحات التواطؤ وخيانة المواقف والتضليل السياسي التي مارسها الرئيس المنصرف على أمل أن يشكل بخاري نقطة فارقة في حياة النيجيريين الذين قال لهم إثر إعلان فوزه: لقد وعدتكم بانتخابات حرة وها قد لبيت، ووعدتموني بالفوز فلبيتم.

٭ كاتب فلسطيني
[email protected]

د. صبري صيدم