رسالة إلى علماء الامه الإسلامية

بقلم: علي ابوحبله

إن حقيقة ما يجري في عالمنا العربي الإسلامي يتطلب من علماء ألامه الاسلاميه التحرك ضد الحرب التي يتعرض لها اليمن وسوريا والعراق ومصر ولبنان وليبيا ، ان استهداف وقتل المدنيين في اليمن وسوريا والعراق ومصر ولبنان وليبيا هي جريمه بمخالفه لشرع الله وتعليم ديننا الاسلامي الحنيف ، ان بعض علماء المسلمين علماء السلاطين بتشريعهم للحرب المذهبيه الطائفيه وتغذيتهم للحرب السنيه الشيعيه جريمه سيحاسب عليها جميع علماء الامه وسيسألون عنها يوم القيامه من رب العالمين ، وليس من الغريب في ظل الحرب التي يقودها الغرب عن طريق الحكام وأدواتهم أن نسمع ونقرأ الفتاوى المعتدلة والغريبة والتي تتوافق مع المصالح الغربية من علماء السلاطين الذين أخضعوا الدين للتحريف والتبديل والتغيير، لإبعاد المسلمين عن مشروعهم الحقيقي،وإبقاء الأمة تابعة ذليلة، ونهبا لكل طامع ومرتعا لكل فاسد. ، إن المشروع الحقيقي يكمن في جمع طاقات الأمة ووعيها الصحيح على إسلامها وفهمها الدقيق لأحكام شرعها وإعادة ثقتها بدينها، لتعمل على إعادة الحكم بما أنزل الله. على علماء الامه الاسلاميه رفع صوتهم عاليا لتحريم قتل المسلمين وحربهم ضد بعضهم البعض خدمة لاهداف غير اسلاميه ، فالعلماء ورثة الأنبياء هم أكثر الناس قدرة على الوقوف في وجه الحرب المذهبيه الطائفيه ؛فهم قادة الأمة وهداتها إلى طريق الأمن والأمان كلما كثرت الفتن واشتدت الأزمات، وهم أمل الأمة الإسلامية في عودتها إلى سابق عهدها من العزة والمنعة والرفعة، واستعادة هويتها بعد أن عمل المستعمرون على تغييرها ومحو أصالتها وتمييع شبابها بخطى حثيثة. لا عجب وقد ورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم ( إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان ) رواه مسلم. السعيد من يبحث عن أسباب النجاة في الدنيا والآخرة؛ ولذا بدأ رسول الله عليه الصلاة والسلام إجابته بالإشارة إلى أخطر الجوارح وهو اللسان الذي ينبغي ألا يستعمل إلا في الخير كما أشار في قوله (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت).إلا أن كثيرا من الناس بل من العلماء يتخذ من هذا الحديث ذريعة للعزلة وعدم الحديث، والإبتعاد عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يصل به الأمر فيقول "لا أرى،لا أسمع،لا أفكر،لا أتكلم".مع أنه يرى ويسمع ويفكر وينطق !!! ويعاني من الظلم الواقع عليه ؛ يتجرعه في كل يوم، وفي كل مكان !!!أصبحنا في زمن نشهد فيه انحطاطا لم يُشهد له مثيل بعد أن غاضت أحكام الإسلام من الأرضإلى أن وصل هذا الإنحطاط إلى الفتاوى التي تأمر بالمنكر وتنهى عن الواجب وتحل ما حرم الله وتحرم ما أحل الله.

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات، وأكبر المهمات، وقد دل على وجوبه الكتاب والسنة. يقول تعالى{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104.ويقول عليه الصلاة والسلام (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم ، وان اصطفاف البعض وانخراطه بتحالفات اقليميه لا تخدم اهداف وتطلعات الامه الاسلاميه وان هذا البعض يسعى لخدمة اهداف واغراض غير المسلمين ، ان جريمة الحرب غير المبرره التي تستهدف اليمن وسوريا وليبيا والعراق ومصر والعديد من اقطار عالمنا العربي التي هدفها خدمة اهداف واغراض المشروع الصهيوني الامريكي لتفتيت وحدة المسلمين وتجزئة العالم الاسلامي هذه الحرب تعيدنا للقرون الوسطى وحروب الصليبيين وغرق اوروبا بالحرب الدينيه ، ان مسؤولية علماء المسلمين التحرك لوقف شلال الدم الذي يسيل بفعل الحرب الغير مبرره وبضرورة وقف التحريض المذهبي الشيعي السني والشروع بحوار بين علماء المسلمين لوقف هذا التحريض ووقف الحرب والمجازر التي يذهب ضحيتها الامنين من الاطفال والشيوخ والنساء والشباب بحرب لا طائل منها والخاسر هو الامه الاسلاميه وتزرع الشقاق والخلاف بين المسلمين ، انعلماء اليوم يخشون الحكام أكثر من خشيتهم لله،مع أنهم يدركون ويعلِّمون الناس أن الخشية من الله وحده، وأن الأجل محدود والرزق تكفل الله به{أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ }التوبة13}،{أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً }النساء78،{وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }الذاريات22.

إن الواجب على العلماء أن يخلعوا ثوب العزلة والتبعية والجبن واليأس، ولا بد من أن يعملوا على التغيير الجذري، الله –- وقد قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف.إن من واجب العلماء أن لا ينطقوا إلا الحق مستشعرين مراقبة الله- عزوجل- {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }، وأن لا يخشوا إلا الله – عزوجل {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28قال ابن كثير:"أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال، المنعوت بالأسماء الحسنى، كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل، وكانت الخشية له أعظم وأكثر".يا علماء الامه الاسلاميه تحركوا وارفعوا الصوت عاليا ضد هذه الحروب المذهبيه وضد هذا التحريض المذهبي الذي يقسم الامه ويضعفها امام اعدائها ان الجريمه التي ترتكب من قبل الماجورين والمتامرين على الامه ،

ان دور العلماء في تنوير المسلمين بحقيقة وجوهر دينهم المرتكز على التسامح والتعاضد والتكافل واعلموا ياعلماء الامه ان رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ان من اعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ،

أمام هذا الوضع الأليم الذي تعيشه الأمة الإسلامية ؛فإن الدور الحقيقي للعلماء يكون بإنقاذ هذه الأمة، وإخراجها من هذه المآزق التي تمر بها، وإصلاحها وصيانتها وحفظها، وتوجيهها نحو النصر على أعدائها.

لكن مما يؤسف له أن تجد مفتي السلاطين على أبواب السلطان، وقال النبي صلى الله عليه وسلم(سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم؛ فليس مني ولست منه وليس بوارد علي الحوض...)، وما رواه ابن عباس، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن ».وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده، والحاكم في تاريخه، وأبو نعيم، والعقيلي، والديلمي، والرافعي في تاريخه، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان فإذا خالطوا السلطان، فقد خانوا الرسل فاحذروهم، واعتزلوهم ».وأخرج الحاكم، عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول( سيكون بعدي سلاطين، الفتن على أبوابهم كمبارك الإبل، لا يعطون أحداً شيئاً، إلا أخذوا من دينه مثله ).قال سفيان الثوري: « إن دعوك لتقرأ عليهم: قل هو الله أحد، فلا تأتهم » رواه البيهقي.قال الفضيل بن عياض(إنما الفقيه الذي أنطقته الخشية وأسكتته الخشية، إن قال قال بالكتاب والسنة، وإن سكت سكت بالكتاب والسنة، وإن اشتبه عليه شيء وقف عنده ورده إلى عالمه).عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) أخرجه البخاري.

فإننا نجد من يقف ويساعد أعداء الأمة في تقدمهم في طريق نهضتها.

أليس الأجدر أن يقوم العلماء بدورهم في إنقاذ هذه الأمة وإخراجها من هذه المآزق التي تمر بها، وفي إصلاحها وصيانتها وحفظها، وفي توجيهها نحو النصر على أعدائها، وتوجيه الحقد كل الحقد على الكفار المستعمرين لا على العاملين لوحدة الأمة.إن الأمة الإسلامية بحاجة إلى كل جهد من أصحاب العلم والفضيلة في هذا العصر؛ بحاجة إلى حضور العلماء المخلصين الذين يخشون الله سبحانه وتعالى في حياة الأمة لا سيما في الأزمات. فقد جاء دوركم ايها العلماء لانقاذ الامه من ازماتها وحروبها وفي قول كلمة الحق وجاء دوركم لحقن دماء المسلمين وجاء دوركم لوقف الحروب التي لاطائل منها سوى خدمة المشروع الامريكي الصهيوني وتهويد القدس واستكمال ضياع فلسطين نستصرخكم بالله رب العالمين ان تقولوا كلمتكم وان تتصدروا ألامه في التصدي لهذه الحرب التي تتهدد وحدة عالمنا العربي والإسلامي وتقودنا جميعا للهاوية وان في استمرار هذه الحرب ما يخدم أعداء ألامه الاسلاميه ويشتت قوتها وشملها وصدق الله العظيم بقوله تعالى {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ }آل عمران81.

بقلم/ المحامي علي ابوحبله