تحليل وإستقراء
الزلزال ..! ربما يتسائل البعض عن سر قولي هذا الذي تكرر منذ سنوات
وتسائل الكثيرون متى سيحدث هذا ..!
إسمحوا لي أن أضع مقدمة ضرورية تفي بالغرض ...
البداية ..
رغم أن البداية ليست من هنا ولكني لا أريد أن أرهقكم في سرد تفاصيل كثيرة ربما تحتاج لكتاب ولكن إسمحوا لي أن أبدأ من هنا ...
في خضم التوتر الذي حصل قبل حرب حزيران عام 1967 وكان عبد الناصر رحمه الله زعيم الأمة المحبوب لدى الشعوب العربية ,وكنا نصدق كل ما يقول وكنت حينها ما زلت فتاً يافعا ً ممن عشقوا الزعيم .. وفي يوم الحرب
وأنا أستمع لصوت العرب وأحمد سعيد وهو يقول: تجوع يا سمك وليرحل المستعمر الصهيوني أو لتبنلعه الحيتان " وتتابعت البلاغات العسكرية عن إسقاط مئات الطائرات الصهيونية وتقدم الجيوش العربية نحو أرض فلسطين .. والجيش الإسرائيلي يهربون كنت كغيري من الملايين فرحاً فخوراً في أوج سعادتي و أتخيل أني بعد ساعات سأدخل حيفا ويافا والقدس وقد تحررت وذهب اليهود إلى الجحيم
وبينما أنا كذلك توقفت لحظات وتسائلت ..
كيف سيحدث هذا والله قد أخبرنا في كتابه الكريم
.وَقَضَيْنَآ إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً صدق الله العظيم
هنا أصابني نوع من الحيرة والإستغراب وأنا أتأمل المشهد وقد وقف عبد الناصر في أحد الميادين بعد أن تحررت فلسطين وانتهى الاحتلال الصهيوني , والعالم تهتف له وربما تركع وتسجد ( حرر فلسطين ) وألقى باليهود في البحر
قلت كيف هذا والله تعالى قال أن إسرائيل ستفسد مرتين وستعلوا في الأرض علواً كبيراً ...والعلو هنا وبوصف الخالق العظيم أمر كبير وغير عادي
فالقائل هو العظيم الكبير وعندما يقول علواً كبيراً يعني أكبر مما نتصور
أما الفساد مرتين ...وقد حدثت الأولى فعلاً ... ولكن الثانية لم تحدث بعد , وكما أن العلو الكبير لم يحدث أيضاً ...
فهل هناك خلل ما, أم أننا لم نتفهم ما جاء في كتاب الله ..أو أننا لا نريد أن نفهم ..!
وقلت في نفسي ..إذا انتهت إسرائيل اليوم ومن خلال هذا الوضع العربي والإسلامي الضعيف إيمانياً ...فلن يعبد الله في الأرض وأستغفر الله
فما هي إلا ساعات وإذا بنا أمام الحقيقة المرة في أننا كنا نعيش في أوهام
وأن الله حق وقوله هو الحق " والحق أحق أن يُتبع
فأقول ..وهل الزلزال الذي أتحدث عنه حدث عابر يحدث في ليلة وضحاها..!
إنه حدث له ما يسبقه وما يتخلله وما سينتهي إليه
وهل ما يجري ومنذ سنوات في الوطن العربي ليس زلزالاً ..أم أنها هزات لما قبل الزلزال ..!
أعطوني زلزالاً من الزلازل الشهيرة ذهب فيها مئة الف من البشر وهدم فيها ألاف المنازل وشرد الملايين من البشر
أنظروا إلى ما حدث ويحدث في سوريا والعراق وليبيا واليوم اليمن " الدمار شامل والموت اليومي بالمئات وقد وصل إلى الألوف المؤلفة وملايين المشردين
وانظروا لحال الأمة العربية والإسلامية وقد دخلت في أتون نار مشتعلة أتت على أولها وها هي تتدحرج من دولة إلى أخرى كالنار في الهشيم
ربما عاش بعضنا حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وشهد التطورات التي حدثت في منطقتنا مع بداية النكبة و تداعيات سايكس بيكو
حيث بدأ الإنهيار تديجياً من خلال تقسيم العالم العربي إلى دويلات
لها حدود مصطنعة وقد تم وضع رموز مأجورة من الحكام لحماية هذه الحدود بينما تسلل اليهود إلى أطهر بقعة وهي مسرى النبي محمد عليه الصلاة والسلام تحت سمع ونظر هؤلاء الحكام
شهدت منطقتنا تداعيات خطيرة وكثيرة في عصرنا هذا , ولربما مر أسوأ منها في عصور خلت, ولكن مع التقدم التقني والأسلحة المدمرة لا يمكن أن يكون قد مر على الأمة ما هو أسوأ ...والقادم أعظم والله تعالى أعلم
ليس مصيبتنا في حكامنا فقط , هؤلاء الحكام الذين ثبت ومن خلال الأحداث أنهم عبارة عن قطاريز مستأجرين تم تنصيبهم من قبل الإستعمار البريطاني بداية ومن ثم تم تسليم العهدة لأمريكا الدولة الشيطانية الصهيونية والماسونية
كلامي هذا لن يعجب العلمانين الذين هم كأباليس خرقت مجتمعاتنا من خلال ثقافة مستحدثة لا تمت لعقيدتنا ولا لعاداتنا الأصيلة بصلة وأهم ما جاء في أفكارهم فصل الدين عن السياسة تحت ذريعة المجتمعات الحرة المستقلة البانية والمعمرة الغير مقيدة بمعتقدات دينية
ومصيبتنا أيضا في الأمة التي دخلت في ظلمة الفكر والثقافة والإقتصاد والإستهلاك
وما عاد هناك مسؤولية يتحملها الناس كما كان معروف في الماضي حيث كانت الأمم تنطلق مع أول ضغط على كراماتها وحياتها ومستقبلها
فبعد أن كانت فلسطين والمسجد الأقصى هي الأغلى والأكثر إهتماماً لدى المسلمين والعرب أضحت في غياهب الفكر والإهتمام لدى هؤلاء
وهناك عوامل كثيرة أثرت على ثقافة هذه الأمة خاصة أنها مورس عليها الإضهاد والتجويع والعوز بينما قد أنعم الله على بلاد العرب والمسلمين بخيرات لا حصر لها ولكن الهيمنة الغربية الصهيونية تحكمت بكل طرق الصرف والإستهلاك والتوزيع
وهي أصلا تتحكم بالنفط ونصيبها فقط من خلال الحماية أكثر من النصف
الأعداء يتكاثرون
بينما كان للأمة العربية والإسلامية عدو واحد أصبح الان لها عشرات الأعداء , ويا ليت نقول إضافة لإسرائيل, بل ربما سنجد بعد فترة أن لنا عشرات الأعداء ناقص إسرائيل
والمصيبة الكبرى أن إسرائيل ما عادت العدو الذي سلب الأرض والمقدسات
ولربما بعد فترة يتم إلغاء العداء مع إسرائيل رسميا ً " أوكما يتفكه البعض
تصبح عضواً في الجامعة العربية ...بالمرة ( الجامعة العبرية ) في الصراحة راحة
لا أريد أن أدخل في نبوئات أوأحلام كسنجر أو كنداليزا رايس أو غيرهما من أساطين الصهيونية العالمية التي تتولى رسم خريطة المنطقة , وكلنا يعرف أن لا شيء من هذا القبيل كان ممكن أن يحدث لولا وجود وكلاء حصريون في عالمنا العربي مهدوا لكل المخططات التي تم رسمها لتدمير الأمة ,
هنا لا بد لي أن أدخل في باب من الأبواب الكثيرة التي أجد فيها تفسيراً لكل ما يجري
وهذا الباب ديني عقائدي و من وحي ما أخبرنا الله تعالى في سورة الإسراء
وهنا سؤال ...ما علاقة كل هذا مع قول الله تعالى....وَقَضَيْنَآ إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً صدق الله العظيم
وقد قلت في مقال قبل سنوات( إنه وعد الله وليس وعد بلفور )
فوعد بلفور ما كان ليكون لو لم يكن هناك وعد من الله تعالى ..
وقد قال في سورة الإسراء أيضا ً فإذا جاء وعد الاخرة أتينا بكم لفيفا صدق الله العظيم
لا اعتراض على أمر الله ولكن الله أمرنا بالعمل لكبح جماح أعدائه خاصة من يعتدون علينا وعلى مقدساتنا
وكان ما كان من بطولات وتضحيات قدمها شعبنا الفلسطيني ومعه ثلة من أشراف الأمة العربية والإسلامية عندما كان لا يزال هناك شعور بأن الأمة واحدة
فكانت الثورة الفلسطينية المعاصرة بقياده فتح التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة وأصبحت الشغل الشاغل للسياسيين في العالم
ولكن الضغوط الهائلة التي مورست على هذه الثورة والتي أوصلتها إلى طريق مسدود من خلال تعاون ٍ وثيق بين النظام العربي والدول الغربية وقد سهلت لإسرائيل حصارها
مما جعلها تتجه نحو الشرق مبتعدةً عن الحدود الفلسطينية ومن ثم إختراع الصلح والمفاوضات وكامب ديفد وأوسلو وقد تم حشر الفلسطينيين في زاوية ضيقة
عادت القضية تراوح مكانها وكأن لم يكن تضحيات ولا شهداء
وتحت حجة هذه الإتفاقيات صعد النظام العربي الرسمي إلى السطح وأعلن ما كان يخفيه في السر وتدريجيا ً وضحت الصورة ( أصحاب القضية تصالحوا ) وهل نحن أكثر وطنية منهم .!
الان ..وبعد أن تم تمزيق العالم العربي من خلال الحروب الداخلية التي تم صناعتها بتوجه صهيوني وأيدي عربية وإغراق المنطقة بعشرات الالاف من المجرمين والمرتزقة
أصبحت حالنا الان كحال المستجير بالرمضاء من النار ..
نيران تحت الرماد تتفجر هنا وهناك ولا تسمع إلا من يقول ...نطلب مساعدة أمريكا طيران التحالف ليمهد الطريق لتحرير المنطقة الفلانية .. ماذا قالت امريكا ..ماذا صرح أوباما ..ماذا قال كيري ...كل هذا وأمريكا هي البلاء
إذاً .. نحن اليوم نقاد ضمن سياسات مرسومة تصب لصالح الكيان الإسرائيلي والمشروع الصهيوني العالمي وقد تفككت الأمة وضاعت بوصلتها وما عاد لديها سوى
الاستعانة بالعدو الذي هو نفسه من خطط لتدميرها
ما سنشهده في قادم الأيام سيعيدنا إلى أن نقول ساق الله على العام الماضي أو الأيام الخوالي لأن تسلسل الأحداث يزداد عنفاً وفوضى وإضطراب
لماذا كل هذا ونحن عباد الله من المؤمنين به ..
وهل صحيح أن الله فضل اليهود على العالمين كما يدعون
أم أن هناك سراً خفياً لا نعرفه ..!؟
الجواب سيكون لاحقاً ...وفوق كل ذي عليم
يتبع ..الجزء ( 2 )
بقلم : منذر ارشيد