اقدام قوات الاحتلال على اعتقال المناضلة خالدة جرار كان متوقعا نتيجة الاجراءات العديدة التي اتخذتها قوات الاحتلال الصهيوني بحقها والتي تمثلت بمنعها المتواصل من السفر ومحاولة نفيها الى مدينة اريحا، والتي تأتي على خلفية مواقفها الوطنية الرافضة للاحتلال الصهيوني، والمناصرة للحقوق الفلسطينية ونضاله من اجل استردادها كاملة دون انتقاص.
المناضلة خالدة جرار، ليست انسانة عادية كباقي الناس وانما مناضلة من الطراز الاول، مناضلة صلبة وشجاعة يفتقد هذه الصفات قادة اخرون، بجرأتها تميزت عن القيادات الاخرى، اثناء تأبين الشهداء او بالمناسبات الوطنية فكانت كلمات تعبر عن مبادئها الثورية وصلابة مواقفها والتاكيد على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وعلى راسها حقه بالعودة والتحرير واقامة الدولة الفلسطينية واعتبار ان المواجهة الاساسية هي مع الكيان الصهيوني المحتل والغاصب، فرغم وعيها ببطش الاحتلال وقمعه، فكانت لا تهابه اطلاقا وهي تدرك انها معرضة للاعتقال والاغتيال باي لحظة.
لقد جاء اعتقالها ليضيف حلقة من حلقات الملاحقة التي مارستها وما زالت سلطات الاحتلال ضد عناصر وكوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعلى وجه التحديد بعد انعقاد مؤتمرها الاخير نهاية عام 2013، كمحاولة منبوذة لمعرفة التشكيلة القيادية الجديدة التي افرزنها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكل افرارزات المؤتمر، ومحاولة لاسكات صوتها ولمنعها من ممارسة دورها لنصرة شعبها ووطنها
لقد جاء اعتقال خالدة جرار ليؤكد على ان حرية التعبير والمواقف السياسية التي يحاول البعض الترويج لها، بأن بامكاننا التعبير عن وجهة نظرنا تحت الاحتلال وبامكاننا اليوم ان نرفع الاعلام الفلسطينية او الحزبية بالمناسبات الوطنية وغيرها انما هي ترويجات تضر اكثر من ان تفيد، فالصراع مع الكيان الصهيني هو صراع قائم على نفي الاخر وهذا ما اكدته النظرية الصهيونية وقادته المؤسسين، فليس بالضرورة ان تكون خالدة هي مسؤولة القطاع العسكري بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ليتم اعتقالها، ومن هنا اعتبر الكيان الصهيوني بأن كلماتها الثورية هي اكثر تعبوية وتحريضية.
اعتقال خالدة هو تأكيد للعودة الى المواجهة التي كانت قائمة على تاريخ الصراع مع هذا الكيان، ولم يأتي الاعتقال عن طريق الصدفة، فملاحقة الجبهة وزج قياداتها بسجون الكيان الصهيوني حيث الامين العام احمد سعدات المختطف منذ عام 2006 وعاهد ابو غلمة والعديد من الابطال والمناضلين الذين يرزخون بسجون العدو الصهيوني، هي تكريس لمرحلة جديد من المواجهة بين اجهزة الامن الصهيونية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فكما فشلت اجهزة الامن الصهيونية سابقا باستئصال الجبهة واجتثاثها بكل تأكيد ستفشل بالاستمرار باعتقال ومعاقبة كوادر الجبهة على انتمائهم ومواقفهم المبدئية والوطنية حيث لا تساومون عليها اطلاقا.
الجبهة الشعبية تمكنت من اجتياز مرحلة الازمة التي واجهتها قبل انعقاد مؤتمرها الاخير، واجتازتها بالتجديد والارادة والتصميم ومواصلة النضال والتحدي والبرنامج الثوري، وكان هذا الانجاز قد شكل صفعة لكل من راهن بأن الجبهة قد لا تنهض ولا تعود لتمارس دورها النضالي التي اعتادت عليه، فالكيان الصهيوني على مدار ما يزيد على عاما من الملاحقات والاعتقالات بحق عناصر وكوادر الجبهة الشعبية، من اجل تعميق تناقضاتها الداخلية، كرسها باعتقال المناضلة خالدة جرار، معتقدا انه باعتقالها سيشكل ضربة قوية للجبهة الشعبية وعلى وجه التحديد بالضفة الغربية، وهذا الموقف والاجراء ليس غائبا عن ادبيات الثورة والجبهة، فالملاحقات الصهيونية من اعتقالات واغتيالات لا تزيد الثوار الا ارادة، وهي ارادة الصمود والتحدي والمواجهة مع هذا الكيان حتى يزول ويعود الحق الى اصحابه.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هي الامل الذي تراهن عليه الجماهير الفلسطينية، وترى بها القوة الاساسية التي بامكانها ان تعيد الصراع الى بوصلته الاساسية، كل البنادق باتجاه العدو الصهيوني، وهذا ما يفرض على الجبهة مسؤوليات وتحديات كبيرة، بحجم المرحلة، من اجل اعادة الاعتبار الى القضية الفلسطينية محليا وعربيا ودوليا، فلا الاعتقالات او الاغتيالات بامكانها ان ترهب الجبهة وقيادتها وكوادرها وعناصرها وانصارها الذين اختاروا طريق النضال من اجل التحرير والعودة، فالمعتقلات لن تغلق الى الابد والحرية للامين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات والمناضلة خالدة جرار وكافة المعتقلين الفلسطينين بالسجون الصهيونية قادمة لا محالة.
جادالله صفا – البرازيل
05/04/2015