المقاطعة الصحية

بقلم: أسامه الفرا

لا شك أن قرار نقابة الطب المخبري بوقف تحويل الفحوصات الطبية المخبرية إلى المختبرات الإسرائيلية يتطلب المساندة والدعم، حيث يأتي القرار كما جاء في بيان النقابة منسجماً من قرار اللجنة الوطنية العليا والحراك الوطني والشعبي لمقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية، لا يختلف إثنان على الضرورة الملحة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية في قطاعات الحياة المختلفة، فليس من المنطق في شيء أن نطالب دول العالم بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية في الوقت الذي يصل فيه المنتج الإسرائيلي إلى أسواقنا، ومقاطعتنا للمنتجات الإسرائيلية بجانب التاثير الاقتصادي لها الذي لا يمكن التقليل من شأنه، فهي تؤسس لفصل الإقتصاد الفلسطيني عن نظيره الإسرائيلي من جهة، وتفرض علينا توفير البدائل سواء كانت من المنتج المحلي أو الخارجي، بما يحقق الانعتاق من سياسة التلاعب التي تعتمدها حكومة الاحتلال في السماح لمنتجات بالوصول إلينا ومنع أخرى.

قرار نقابة الطب المخبري بقدر ما يتطلب الثناء عليه بقدر ما يطرح جملة من التساؤلات المحورية، أولها أن الأمر يتعلق بالفحوصات المخبرية التي يبنى عليها تحديد المرض ومن ثم العلاج، وبالتالي الحديث لا يدور حول سلعة غذائية يمكن الإستغناء عنها أو إيجاد البديل لها، وإن كان لدى المختبرات الطبية الفلسطينية في القطاع الحكومي والأهلي القدرة على إجراء معظم الفحوصات الطبية اللازمة للمرضى كما جاء في بيان النقابة، فلماذا يتم تحويل الفحوصات المخبرية إلى المختبرات الإسرائيلية؟، والأمر الآخر أن قرار النقابة قد يلزم القطاع الأهلي، إلا أنه لا يلزم القطاع الحكومي بشيء الذي يتم من خلاله تحويل القسط الأكبر من الفحوصات إلى المختبرات الإسرائيلية، خاصة وأن الفحوصات المخبرية عادة ما تلازم التحويلات المرضية ذاتها، السؤال الأهم الذي يطرحه قرار نقابة الطب المخبري فيما إذا كان القطاع الحكومي سيقتفي أثر السياسة التي وضعتها النقابة؟.

كنا نتمنى أن تطلعنا وارة الصحة على خطتها لتطوير وتحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطن، ومن ضمن ذلك السياسة التي تنتهجها الوزارة لتقليص فاتورة العلاج بالخارج، تلك الفاتورة التي تستنزف سنوياً القسط الأكبر من موازنة وزارة الصحة، لا شك أن ما أنفقته السلطة الفلسطينية على العلاج بالخارج، وتحديداً ما يتعلق منها بالتحويلات إلى المستشفيات الاسرائيلية، على مدار السنوات السابقة يكفي لتطوير مرافقنا الصحية وتطوير الخدمات التي تقدمها للمواطن بالشكل المطلوب.

ليس من المنطق في شيء أن نطالب وزارة الصحة بوقف التحويلات العلاجية إلى المستشفيات الإسرائيلية فوراً اسوة بما اتخذته نقابة الطب المخبري، لكن ما نحن بحاجة إاليه أن تضع وزارة الصحة خطة واضحة المعالم للتخلص تدريجياً من عبيء التحويلات العلاجية إلى المستشفيات الإسرائيلية، الواضح أن النفقات السنوية للعلاج بالخارج بقيت على حالها دون تقليص يذكر، وفي ذلك دلالة على غياب التخطيط نحو الاعتماد على الذات وما يتطلبه من توفير المقومات لنجاحه، لا شك أن غياب دور وزارة الصحة الناظم للسياسة العامة الصحية يفتح باب الإجتهاد بما له وما عليه.

بقلم/ د. أسامة الفرا